تستهدف الولايات المتحدة إيران بعقوبات إقتصادية جديدة تطال تجارتها بالذهب هذه المرة، لتضييق الخناق عليها أكثر، فإيران كانت تقايض بالذهب كل ما تحتاج إليه من مواد، لتستبدل الذهب بعملات صعبة، تقوي بها الريال الإيراني المنهار.

دخلت حيز التنفيذ يوم الاثنين أول عقوبات تفرضها الولايات المتحدة ضد ايران منذ انتخاب رجل الدين المعتدل حسن روحاني رئيسًا في 14 حزيران (يونيو) الماضي. وتوسع العقوبات الجديدة دائرة الشركات والصناعات المشمولة بالمقاطعة في حال تعاملها مع ايران، وتفرض قواعد يمكن نظريًا أن توقف التجارة الايرانية بالذهب والعملات برمتها. وقال مهندسو الجولة الجديدة من العقوبات إنها يمكن أن تحرم النظام الايراني من ايرادات بمليارات الدولارات، أفلتت من العقوبات السابقة، وخصوصًا بعد الحظر الجديد على تجارة الذهب. ويقع تجار الذهب في البلدان الأخرى الذين يخرقون هذا الحظر تحت طائلة عقوبات اميركية قاسية، بينها استبعادهم من سوق المعادن الثمينة الاميركية. ولجأت ايران بصورة متزايدة إلى مقايضة نفطها وغازها بالذهب مع بلدان مثل تركيا، بسبب العقوبات المالية السابقة التي تمنع الايرانيين من استخدام طرق الدفع المصرفية التقليدية. وكانت ايران تستخدم الذهب بعد مقايضته بالنفط والغاز لشراء الدولار واليورو لاستيراد ما تحتاجه من بضائع أخرى، أو دعم قيمة العملة الايرانية المنهارة. وقال مارك دوبوفيتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن العقوات الجديدة تسد ثغرة كبيرة، مشيرًا إلى انه ابتداء من 1 تموز (يوليو)، يُحظر بيع الذهب أو نقله إلى ايران.
تضييق الخناق
اتفق محللون آخرون على أن حظر تجارة الذهب مع ايران سيخلق مشاكل جديدة لطهران، التي أبدت حتى الآن قدرة لافتة على تحدي جهود الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي للضغط عليها اقتصاديًا. وقال المغترب الايراني درويش زاهدي، الذي يعمل الآن استاذًا في جامعة باركلي في كاليفورنيا، لصحيفة نيويورك تايمز: quot;إن الحظر على تجارة الذهب سيجعل من الأصعب على ايران أن تلتف على العقوبات الماليةquot;.
وتوقع زاهدي أن تؤدي العقوبات الجديدة إلى تزايد اعتماد ايران على المقايضة، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة. وقال إن العقوبات الجديدة تعني باختصار زيادات أخرى في تكاليف الصفقات التجارية وغلاء المعيشة والانكماش الاقتصادي. وتأتي العقوبات الجديدة التي تشمل أيضا صناعة السيارات الايرانية وأي مصرف أجنبي يعقد صفقات كبيرة بالريال الايراني نتيجة قانون وقعه الرئيس الأميركي باراك اوباما وأمر تنفيذي اصدره قبل الانتخابات الرئاسية الايرانية. ويرى دعاة تشديد العقوبات أن الاجراءات الجديدة تسد ثغرة كبيرة في الحملة الرامية إلى الضغط على ايران بسبب برنامجها النووي.

لهجة أقل حدة
تقول القوى الغربية إن ايران تهدف إلى انتاج سلاح نووي بهذا البرنامج، في حين تنفي طهران ذلك، وتقول إن اهدافه سلمية ومشروعة. ويُرجح أن تزداد العقوبات شدة بموجب قانون جديد في الكونغرس، بصرف النظر عن موقف الرئيس المنتخب حسن روحاني، الذي سيجري تنصيبه في آب (اغسطس) من النزاع النووي مع الغرب. وكان روحاني اشار إلى انه سيعمل على التخفيف من وطأة العقوبات. ويرى بعض صانعي السياسة الاميركية ودعاة تشديد العقوبات في اشارة روحاني دليلًا يؤكد جدوى هذه العقوبات. لكن من المستبعد أن يكون روحاني صاحب الكلمة الأخيرة في الملف النووي. فهذا الملف من صلاحية المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي يعارض في تصريحاته العلنية أي تنازل في المفاوضات النووية. ويرى مراقبون آخرون أن انتخاب روحاني يتصل بتذمر الايرانيين من سياسات المحافظين الذين يمسكون بمقاليد الحكم عمومًا، وليس بالملف النووي تحديدًا. وقال المجلس الايراني الاميركي الوطني الذي يعارض العقوبات إن لدى الايرانيين اسبابًا كثيرة للتصويت ضد المحافظين، ولا يحتاج إلى عقوبات لإقناعه بذلك.