أكد خبراء اقتصاد أن إحالة مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى السعودي، مؤشر الى اهتمام الدولة بإيجاد حل سريع وعاجل، لا سيما وأن السلطات وجهت بأن ينتهي مجلس الشورى من دراسة المشروع خلال ثلاثين يوماً.


حسن حاميدوي: اختلف الخبراء حول مدى كفاية الرسوم التي حددها وزير الإسكان& بـ 100 ريال للمتر المربع الواحد، فمنهم من قال&انه من المبكر الحديث عن كفاية هذا السعر ومنهم من قال ان السعر لن يحقق العدالة والاستدامة المطلوبة.

وتعرف الأراضي البيضاء، بأنها المساحات الواقعة ضمن النطاق السكني، في كبرى مدن المملكة، لكنها غير مستغلة ويراهن أصحابها على عدم استغلالها في البناء أو البيع بغرض الاستفادة من رفع أسعارها مستقبلا، وهذا ما يعتبره خبراء العقار السبب الرئيسي للارتفاعات غير المبررة بأسعار الأراضي السكنية.

وكان مجلس الوزراء السعودي، قد أحال اليوم الاثنين، مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى حتى تتسنى دراسته، ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مجلس الوزراء، انه ونظرا لاستكمال الإجراءات النظامية للمشروع فقد وجه المجلس بإحالة المشروع إلى مجلس الشورى لدراسته وفقاً لنظامه، كما وجه بأن ينتهي مجلس الشورى من دراسته خلال ثلاثين يوماً.

وزير الإسكان السعودي، ماجد بن عبدالله الحقيل، قال إن الرسوم على الأراضي البيضاء لا تتجاوز 100 ريال للمتر المربع الواحد، لافتا إلى أن ذلك يهدف لتشجيع الملاّك لتطوير أراضيهم للحد من ظاهرة توسع المدن أفقياً وتوفير أراضٍ بأحجام متنوعة ومناسبة لفئات المجتمع المختلفة لبناء المسكن مع السعي إلى المحافظة على التوازن بين العرض والطلب، والحد من الإنفاق الحكومي الناتج عن التمدد السكني.

ويؤكد الكاتب الاقتصادي راشد الفوزان أنّ "إحالة مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى، مؤشر الى إيجاد حل سريع وعاجل لا سيما أن المقام السامي وجه بأن ينتهي مجلس الشورى من دراسة المشروع خلال ثلاثين يوماً".

واشار في حديثه لـ"إيلاف" إلى أنّ عرض المشروع على المجلس سوف يعطيه بعدا تنظيميا وتشريعيا اكبر وبالتالي سوف يتم استكمال جميع النواقص والملاحظات، مؤكدا ان مسألة تطبيق فرض رسوم على الأراضي البيضاء باتت مسألة وقت.

وحول مدى كفاية الرسوم التي حددها وزير الإسكان بـ100 ريال للمتر المربع الواحد، قال الفوزان انه من المبكر جدا الحديث عن كفاية هذا السعر من عدمه، إذ أن المشروع ما زال غير واضح التفاصيل، حيث لم تحدد مساحة الأراضي التي سوف يشملها المرسوم، فضلا عن نوعها سواء كانت سكنية او تجارية، لذلك لا يمكن الحكم الآن إلا بعد الاطلاع على تفاصيل المشروع، مبينا انه في كل الأحوال سيكون قرار الرسوم ايجابيا إذا انه يخير ملاك الأراضي بين خيارين إما الاستثمار أو تحمل الرسوم وفي كلتا الحالتين سوف يساهم هذا الأمر في تحريك القطاع السكني.

إلى ذلك، شبّه الخبير الاقتصادي الدكتور على التواتي مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء بـ"كرة اللهب التي يتقاذفها الجميع خوفا من سخونتها، حيث دار هذا الملف بين أكثر من جهة حكومية ابتداء بوزارة الإسكان ومرورا بوزارة العدل مثل مجلس الشورى ثم مجلس& الوزراء والمجلس الاقتصادي ليعود مجددا إلى مجلس الشورى".

ويقول لـ"إيلاف" انه كان يجب منذ البداية مناقشة هذا الملف في مجلس الشورى قبل ان يذهب إلى الجهات التنفيذية، باعتبار انه إذا كان قد نوقش في الشورى منذ ان تم اقتراحه في عهد وزير الإسكان السابق لظهرت محاسنه وعيوبه.

واستبعد التواتي أن يكون لمشروع فرض الرسوم، تأثير كبير على توفير الأراضي السكنية، مبينا انه ليست كل الأراضي البيضاء الكبيرة، صالحة للمشروعات السكنية، باعتبار ان كل منطقة لها توزيع لاستخدامات الاراضي& فمثلا ارض كبيرة على شارع ثلاثين عندما تحولها إلى مساكن تؤدي الي إغلاق الشارع "وبالتالي ليس كل الأراضي صالحة للمشاريع السكنية، لان هناك شروطًا كثيرة بعضها يتعلق بالتربة وبعضها بالموقع وشروط اخرى"، على حدّ تعبيره.

وحول الحلول التي يراها قال التواتي إن الأفضل استعادة الأراضي الكبيرة داخل وفي اطراف المدن،& التي سبق وان منحت من الدولة، حتى ولو بمقابل وإعادة توزيعها وفق لاستخدامات الأراضي سواء السكني او التجاري، اما الأراضي الموروثة وأصحابها غير قادرين على استثمارها، فهنا يمكن التوصل إلى تفاهم، يضمن بقاء الملكية للأمد الطويل ولكن الأرض تستثمر وفي النهاية تؤول إلى ملكيتهم او ملكية أبنائهم، وأضاف: "وهذا حل وسط يحافظ على الملكية ولا يحرم المجتمع من الاستفادة".

من جهته قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، إن التشريعات ابتداء وانتهاء يفترض أن تمر عبر مجلس الشورى، وفق ما هو متعارف عليه في مثل هذه الأمور وبالتالي احالة ملف رسوم الأراضي البيضاء إلى الشورى، هو الإجراء الصحيح والقانوني في مثل هذه الحالات.

وأشار إلى أنّ الأمر الجيد في الموضوع انه تم تحديد البت في الموضوع خلال ثلاثين يوما، مناشدا اعضاء مجلس الشورى ان يكون تصويتهم ايجابيا لان هذا القرار أصبح لا مناص من تطبيقه وان الخلاف يرتبط بآلية التنفيذ والرسوم المحتسبة.

وفي ما يتعلق بالرسوم المقررة بـ 100 ريال للمتر المربع الواحد، قال البوعينين، إن تحديد الرسوم بمبلغ على المتر لن يحقق العدالة مستقبلا، لأنه عند انخفاض الأسعار أو ارتفاعها ستكون العلاقة بين قيمة الأراضي وبين رسوم المتر الواحد غير متناسقة، وبالتالي المخرج هو وضع نسبة مئوية، بحيث يكون الرسم على الاراض مرتبطا بالنسبة لقيمة الأراضي، وهي قيمة& ثابتة تتغير مع تغير قيمة العقار ارتفاعا او هبوطا وبالتالي تكون هناك عدالة واستدامة لهذا القانون.

وأكد أنّ قيمة الأرض لا يمكن أن يحصل فيها تلاعب لان مؤشر وزارة العدل بات يعطي الأسعار بدقة لكل مدينة ومنطقة وحي.