أقرّ الملك سلمان بن عبد العزيز الموازنة السعودية العامة لعام 2016 بعجز يقدر بنحو 326 مليار ريال (87 مليار دولار)، مؤكدا في ذات الوقت أنّ اقتصاد المملكة يملك من المقومات والإمكانات ما يمكنه من مواجهة التحديات.


الرياض: أقرّ ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز الموازنة العامة لعام 2016 بعجز يقدر بنحو 326 مليار ريال (87 مليار دولار).

وأكد الملك سلمان في كلمة خلال ترؤسه الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء -التي خصصت للإعلان عن الموازنة اليوم الاثنين- أن الموازنة الجديدة ستتيح الفرصة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية جديدة.

وأضاف أنها "تأتي في ظل انخفاض أسعار البترول وتحديات اقتصادية ومالية إقليمية ودولية -حيث تراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة- وغياب الاستقرار في بعض الدول المجاورة".

وتضمنت الموازنة السعودية نفقات قدرها 840 مليار ريال (224 مليار دولار) مقابل إيرادات قدرها 514 مليار ريال (137 مليار دولار).

أولويات وإصلاحات

وقال الملك السعودي إنه وجه المسؤولين "بأن تعطى الأولوية لاستكمال تنفيذ المشاريع المقرة في الميزانيات السابقة والتي دخل كثير منها حيز التنفيذ".

وأضاف أنه وجه أيضا "بالعمل على إطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، وهذه الميزانية تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل"، واعتبر أن الاقتصاد السعودي يملك من المقومات ما يمكنه من مواجهة التحديات.

موازنة 2016

وأعلنت وزارة المالية السعودية الاثنين تسجيل عجز قدره 87 مليار دولار في موازنة سنة 2016، معلنة اعادة تقييم الدعم الحكومي على منتجات اساسية كالمنتجات البترولية والمياه والكهرباء.

واشارت الوزارة الى ان الانفاق في موازنة 2016 يبلغ 840 مليار ريال سعودي (224 مليار دولار)، مقابل ايرادات تبلغ 513 مليار ريال (137 مليار دولار)، هي الادنى مستوى منذ العام 2009.

وسيتم تمويل العجز "وفق خطة تراعي افضل خيارات التمويل المتاحة، ومن ذلك الاقتراض المحلي والخارجي وبما لا يؤثر سلبا على السيولة لدى القطاع المصرفي المحلي لضمان نمو تمويل انشطة القطاع الخاص".

وستكون 2016 ثالث سنة على التوالي تعلن فيها المملكة، اكبر مصدر للنفط في العالم، عجزا في موازنتها، نظرا الى الانخفاض الكبير الذي تشهده اسعار النفط منذ منتصف العام 2014. وفقد برميل النفط قرابة 60 بالمئة من سعره، وبات يتداول حاليا ما دون الاربعين دولارا.

وانعكس هذا الانخفاض الكبير على ايرادات عام 2015، اذ اعلنت الوزارة انها سجلت عجزا قياسيا بلغ 98 مليار دولار.

ففي 2015، بلغت الواردات 608 مليارات ريال (162 مليار دولار)، بينما بلغ الانفاق 975 مليار ريال (260 مليار دولار)، بانخفاض قدره 15 بالمئة عن الايرادات المتوقعة لدى اعلان الموازنة نهاية عام 2014.

اجراءات جديدة

واوضحت الوزارة ان الايرادات البترولية في 2015 شكلت نسبة 73 بالمئة من ايرادات الدولة، بانخفاض قدره 23 بالمئة عن العام الذي سبق.

وفي ظل هذا التراجع، تعتزم السعودية "مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، ويشمل ذلك منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء واعادة تسعيرها (بشكل) يراعى فيه التدرج في التنفيذ خلال الخمسة اعوام القادمة".

كما ستقوم السعودية بمراجعة "مستويات الرسوم والغرامات الحالية، واستحدات رسوم جديدة، واستكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة"، وفرض رسوم اضافية على سلع كالمشروبات الغازية والتبغ.

وحض صندوق النقد الدولي الدول الخليجية التي تعتمد بشكل كبير على المداخيل النفطية، بتنويع مصادر الدخل لا سيما في ظل توقعات باستمرار اسعار الطاقة على مستوياتها الراهنة لسنوات.

25 % من الموازنة للإنفاق العسكري والأمني

خصصت السعودية 25 بالمئة من موازنة 2016 التي اعلنتها الاثنين، اي اكثر من 213 مليار ريال (57 مليار دولار اميركي) للقطاع الامني والعسكري الذي استحوذ على اكبر نسبة من الانفاق.

وبحسب ارقام الموازنة التي نشرتها وزارة المال على موقعها الالكتروني، خصصت المملكة 213,367 مليار ريال للقطاع الامني والعسكري، ما يشكل نسبة 25،4 بالمئة من مجمل الانفاق المقدر بـ 840 مليار ريال.

وبحسب الموازنة، يشمل هذا القطاع وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني، اضافة الى رئاسة الاستخبارات العامة ورئاسة الحرس الملكي، ويتضمن الخدمات الطبية والاسكان في المؤسسات المذكورة.

وتقود السعودية منذ آذار/مارس تحالفا عربيا ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم في اليمن، دعما للرئيس عبد ربه منصور هادي. واقتصرت عمليات التحالف بداية على الضربات الجوية، لتتوسع منذ الصيف وتشمل تقديم دعم ميداني مباشر للقوات الموالية للرئيس اليمني.

ومنتصف كانون الاول/ديسمبر، اعلنت الرياض تشكيل تحالف عسكري اسلامي من 34 دولة، بهدف محاربة "الارهاب".

وتعد السعودية من ابرز مستوردي الاسلحة في العالم.

ففي تقرير لمركز "آي اتس اس جاينز"، ومقره لندن، تجاوزت السعودية الهند في العام 2014، لتصبح اول مستورد للعتاد العسكري عالميا، مع صفقات بلغت قيمتها 6,4 مليارات دولار.

وتوقع التقرير الصادر في آذار/مارس، ان ترتفع قيمة الواردات العسكرية السعودية في 2015 بنسبة 52 بالمئة، لتبلغ 9,8 مليارات دولار.

وكانت الولايات المتحدة وافقت في تشرين الثاني/نوفمبر، على بيع الرياض ذخائر لسلاح الجو بقيمة تناهز 1,3 مليار دولار. كما وافقت الحكومة الاميركية في الشهر الذي سبقه، على بيع اربع سفن حربية للسعودية بقيمة 11 مليارا، في صفقة تتطلب موافقة الكونغرس لانجازها.