أجمع الخبراء على أنّ تأثيرات الإتفاق النووي مع إيران لن تكون سريعة على الاقتصاد الخليجي، فإيران تحتاج إلى أشهر عدة لتتعافى، إلا أنّ الأثر المباشر فهو انخفاض مزيد في أسعار النفط.

الرياض: يبدو التساؤل ملحًا حول الآثار الاقتصادية المتوقعة التي سيتركها تعافي الاقتصاد الإيراني بعد رفع العقوبات الدولية عنه على دول الخليج والمنطقة، في ظل تفاؤل تبديه طهران من إقبالها على سنوات سمان بعد سنوات عجاف، عاشتها في ظل عقوبات أميركية وأوروبية وأممية أدت إلى تدهور اقتصادي واجتماعي غير مسبوق.

يستغرق وقتًا

يستبعد المراقبون أن يؤدي الاتفاق إلى أي تأثير على المدى القريب، فالاتفاق بين إيران والدول الخمس زائد ألمانيا لا يزال شفهيًا، وإن تم فسوف تستغرق طهران وقتًا حتى تتعافى، وآخرون قالوا إن الاتفاق سيشعل المنافسة بين الدول المنتجة للنفط، بشكل قد يؤدي إلى التصارع على الحصص لمنح تسهيلات وتفضيلات للدول المستهلكة.

وتوصلت الدول الست الكبرى - الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا - وإيران إلى اتفاق إطاري لحل الخلافات بشأن برنامج طهران النووي، الذي تضمن الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، والحفاظ على المستوى الحالي لصادارتِ النفط ورفع العقوبات عن قطاعِ البتروكيماويات وصناعة السيارات والذهب والمعادن الثمينة.

عامل النفط

وأوضح محمد السلمي، المحلل والخبير في الشأن الإيراني، انه من المبكر الحديث عن الآثار الاقتصادية على المنطقة جراء الاتفاق النووي الإيراني، "فالاتفاقية ما زالت إطارية والموافقة ما زالت شفهية بين الجانبين، والمسودة النهائية رهن المفاوضات".

وأضاف السلمي لـ "إيلاف": "العقوبات الدولية عزلت إيران تجاريًا وماليًا عن العالم لسنوات طويلة، وبالتالي طهران ليست مستعدة حاليًا من حيث البنية التحتية والجوانب الفنية والتقنية لاستئناف ضخ النفط بالمعدلات التي كانت عليها قبل فرض العقوبات عليها".

وأشار إلى أن الاقتصاد الإيراني لن يتمكن من الوقوف على قدميه إلا بعد إنتاج النفط وفوق الكمية المحددة من أوبيك، كما أن إغراق إيران الأسواق العالمية بمزيد من النفط مستبعد حاليًا بسبب انخفاض الأسعار، لأن طهران يهمها تقليل الإنتاج لضمان ارتفاع الأسعار".

وتابع: "في ما يتعلق بالجانب السياسي، الموقف الخليجي من الاتفاق النووي مرتبط بطبيعة الاتفاق وبنوده، التي ما زالت سرية، فإذا كان هناك تحجيم للتمدد الإيراني وقدراته النووية فدول الخليج سترحب به قطعًا، والعكس صحيح".

تفاقم الفائض

وأكد محمد سالم سرور الصبان، المستشار الاقتصادي والنفطي، أن رفع العقوبات النفطية عن إيران سيمكّن طهران من زيادة إنتاجها، "لكن ذلك لن يأتي فورًا، بل سيستغرق أشهراً عدة".

وقال الصبان لـ "إيلاف" إن التأثير المتوقع على الاقتصاديات الخليجية، سينعكس انخفاضًا أكثر لأسعار النفط، "نتيجة تفاقم الفائض في المعروض العالمي من النفط، ما سيشعل المنافسة بين الدول المنتجة للنفط بشكل قد يؤدي إلى التصارع على الحصص، لمنح التسهيلات والتفضيلات للدول المستهلكة، وعلى الدول الخليجية الاستعداد لمرحلة انخفاض متزايد في الإيرادات النفطية وانعكاسات ذلك على ميزانياتها"، مبينًا أن استرجاع إيران لقوتها الاقتصادية يتطلب سنوات، بسبب احتدام التنافس الإقليمي بين الدول الخليجية وإيران اقتصاديًا.

القيود على إيران

ودعا الصبان الدول الخليجية إلى تحسين قدراتها التنافسية، وتقليل اعتمادها على النفط، والتحول إلى مجتمعات معرفية، أساسها الفرد المبتكر والمبدع في إطار نظام تعليم مطور يتماشى والمعايير الدولية.
وتعود العقوبات المفروضة على إيران إلى العام 2007، بسبب إعراب الدول الكبرى عن خشيتها من عدم سلمية البرنامج النووي الإيراني.

وقبل ذلك فرضت الولايات المتحدة قيودًا على إيران منذ أن احتجزت الرهائن الأميركيين في 1979، ما أدّى إلى حظر تجاري كامل على طهران. إضافة إلى ذلك، فرضت الأمم المتحدة عقوبات موسعة على الجمهورية الإسلامية، حيث فوض قرار مجلس الأمن الصادر في كانون الأول (ديسمبر) 2006 كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمنع إمداد إيران بأي معدات أو تقنيات مدنية أو عسكرية.