الرياض: تتباين آراء رئيس شركة إكسون موبيل ريكس تيلرسون ووزير الطاقة السعودي خالد الفالح بشأن تراجع الاستثمارات في قطاع النفط، والذي يمهد الطريق أمام أزمة كبيرة ربما تلحق بالمعروض من الخام.

وأدى هبوط أسعار النفط على مدار أكثر من عامين - إلى أن وصلت يوم الاربعاء لنصف مستوياتها السابقة عند نحو 50 دولارًا للبرميل، بعد ازدهار إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة - إلى تقلص الاستثمارات بشكل حاد.

لكن تيلرسون الذي يرأس أكبر شركة مدرجة للنفط والغاز في العالم، قال إن المرونة التي أبداها منتجو النفط الصخري في خفض التكاليف لتحقيق ربحية من بعض الآبار عند سعر بلغ نحو 40 دولارًا للبرميل تعني أن إنتاج أميركا الشمالية أصبح قادرًا على التعاطي بسرعة مع أي نقص في الإمدادات في الأسواق العالمية.

وقال تيلرسون أمام مؤتمر النفط والمال: "لا اتفق تمامًا في الرأي مع الآخرين الذين يرون أننا على شفا كارثة. أعتقد لأننا أكدنا على قدرة قاعدة موارد كبيرة جداً في أميركا الشمالية على البقاء... فإن هذا من شأنه أن يشكل طاقة احتياطية هائلة في النظام.

"الأمر لا يحتاج للدولارات التي يتطلبها مشروع ضخم، ومن الممكن العودة إلى الإنتاج بأسرع&كثيرًا مما بإمكان مشروع تتراوح مدته بين ثلاث أو أربع سنوات".

لكن موقف تيلرسون يتعارض مع ذلك الذي تبناه وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، الذي كان قد حذر قبل ذلك بدقائق خلال الفعالية ذاتها من أن القطاع يواجه تحديات بسبب تقلص الاستثمارات.

وقال الفالح: "قوى السوق تعمل وبوضوح. بعد اختبار فترة كانت الأسعار فيها دون 30 دولارًا للبرميل، تتحسن العوامل الأساسية وتتوازن السوق بوضوح.

"بشأن الجانب المتعلق بالإنتاج فقد تحول نمو الإمدادات من خارج أوبك إلى انكماش بسبب التخفيضات الضخمة في استثمارات أنشطة المنبع والارتفاع الشديد في معدلات الانخفاض".

وأضاف "من دون استثمارات من المرجح أن تتسارع وتيرة هذا الاتجاه مع مرور الوقت إلى حد أن الكثير من المحللين يدقون ناقوس الإنذار بشأن نقص الإمدادات مستقبلاً، وأنا مع هذا المعسكر".

وقال الفالح إن خطة أوبك الرامية إلى تثبيت الإنتاج أو حتى خفضه بجانب عدد آخر من الدول المنتجة، ومن بينها روسيا، ستساعد على تقليص زيادة كبيرة في الإمدادات وتحفيز استثمارات جديدة في القطاع.

وغيّرت المملكة العربية السعودية مسارها هذا العام، وقررت دعم خفض الإنتاج بعد رفضها فعل ذلك على مدار عامين من أجل استعادة حصتها السوقية من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وألقت تعقيبات تيلرسون بشأن مرونة الإمدادات الأميركية المزيد من الضوء على حسابات السعودية لأثر الأسعار المتدنية التي دبرتها المملكة في 2014 على قطاع النفط في أميركا الشمالية.

وقال تيلرسون إنه بينما هبط إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، فإن التراجع توقف إلى حد كبير.

أضاف "لا أوافق بالضرورة على فرضية أن انخفاضًا أكبر (في إنتاج النفط الصخري) قادم، ففي الحقيقة ما زالت هناك بعض المستويات من الآبار غير المكتملة التي يمكن إضافتها.

"من الصعب عليّ أن أرى أن هناك ضغوطًا كبيرة على الإمدادات، ومن الصعب عليّ أن أرى أن هناك زيادة كبيرة في الأسعار، فهناك عوامل كثيرة جدًا في النظام ستحد من ذلك".&

"لست بالضرورة أتبنى الرأي القائل بأننا نتهيّأ لأزمة كبرى خلال السنوات الثلاث أو الأربع أو الخمس القادمة".

وفي تصريحات تعكس ذات الاتجاه الذي تبناه الوزير السعودي، حذر الرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية المتخصصة في النفط والغاز باتريك بويان من انخفاض الإمدادات بما يتراوح بين خمسة وعشرة ملايين برميل يوميًا بنهاية هذا العقد، بعدما تقلصت الاستثمارات في القطاع إلى 400 مليار دولار هذا العام مقارنة مع 700 مليار دولار قبل عامين.

وقال بويان: "نحن نواجه اليوم موقفًا لا نستثمر فيه بما يكفي... هذا غير كافٍ لتجهيز الإمدادات المستقبلية... من دون الاستثمار لن يكون قطاع النفط قادرًا على تعويض الانخفاض الطبيعي للحقول والبالغ خمسة بالمئة، وتغطية نمو الطلب حتى وإن كان بواحد في المئة.

"أعرف أن صناعة النفط الصخري مفعمة بالابتكار، وأنهم خفضوا التكاليف، ويتأقلمون، لكننا لن نكون قادرين على ملء الفجوة إذا ما ظللنا مستمرين على هذ النحو".

وأضاف أن توتال ستكون قادرة على تحقيق التوازن في إنفاقها الرأسمالي، بما يصل إلى 17 مليار دولار عند سعر 55 دولارًا لبرميل النفط العام المقبل.