إيلاف من لندن:&زيارة مكتب علي النعيمي في الرياض رحلة عبر التاريخ. &ومعروف عن أقوى رجل نفط في العالم أنه يُري ضيوفه رموز حياته المهنية المديدة في صناعة النفط، من التكوينات الحجرية التي منحت المملكة ثروتها النفطية إلى صور شخصيات مرموقة التقاها على امتداد 20 عاما من الادارة الدبلوماسية لقوى العرض والطلب والمضاربة. &
النعيمي البالغ من العمر 81 عاماً عاش كل ذلك حتى تردد إنه جاهز للتقاعد. &وبدلا من ذلك وجد نفسه في غمرة واحد من أكبر الصراعات وربما أصعبها في فترة عمله وزير النفط السعودي.
منذ اواخر عام 2014 كان النعيمي اللاعب الرئيسي في حرب، لحماية مصالح العربية السعودية النفطية على المدى البعيد. &وكان رفض الرياض دعم اسعار النفط المنهارة أحدث انقلاباً في صناعة النفط العالمية، أثَّر بصفة خاصة في عمليات الانتاج ذات الكلفة العالية، ومنها شركات استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة ـ ذلك الفرع من قطاع الطاقة الذي اجبر النعيمي على دخول المعركة. &
كما لحق باقتصاد المملكة ضرراً اثار انتقادات متزايدة لخطة النعيمي في خفض اسعار النفط الذي تعتمد عليه السعودية اعتمادًا كبيرًا.&
يستدعونني عند الأزمات !
وإذا كان النعيمي يشعر بوطأة هذه الاحداث فإنه يجيد إخفاء مشاعره. &ونقل رسالته مؤخرًا الى آلاف من اقطاب صناعة الطاقة في الولايات المتحدة الذين اجتمعوا في هيوسن حيث تحدث بصراحته المعهودة تتخللها نفحة معتادة من روح الفكاهة. &
اعلن النعيمي للحاضرين "رائع ان أعود الى تكساس رغم انهم لا يدعونني إلا حين تكون هناك أزمة". &ولكن رسالته الأساسية كانت الآتي: "على شركات الانتاج التي لا تعمل بكفاءة وجدوى اقتصادية ان تخرج، ومن القسوة أن نقول ذلك لكنها الحقيقة". &
لا يُعرف على وجه التأكيد إن كانت مقامرة النعيمي ستنجح. &فإن انهيار سعر النفط ـ انخفض بمقدار الثلثين منذ نوفمبر 2014 ـ كان أشد حدة مما توقعته وزارته وعودة شركات النفط الصخري قد تكون اسرع من المتوقع عندما تنتعش الأسعار مجددًا. &
رغم كل التكهنات السابقة عن الدوافع السياسية وراء السياسة النفطية السعودية، فإن الاقتصاد وليس السياسة كان هاجس النعيمي. ويقول من يعرفونه ان تاريخ النفط المضطرب هو الذي ألقى بثقله على تفكير النعيمي عندما اقترح إحداث تغيير في اواخر 2014. &وعندما انهار سعر النفط اوائل الثمانينات مع بدء انتاج بحر الشمال، اجرت السعودية تخفيضات حادة في الانتاج لكنها لم تتمكن من وقف هبوط الأسعار. &وقال النعيمي في وصف تلك الواقعة انها كانت "درساً مريرًا".&
نبذة شخصية
ولد النعيمي في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط عام 1935، بعد فترة قصيرة على اكتشاف الشركات الاميركية ما فيها من احتياطات نفطية. &وكان يهتم برعي الأغنام قبل ان يجرب قطاع الطاقة للمرة الاولى. &فهو انتسب الى شركة ارامكو السعودية صبياً في الثانية عشرة من العمر عندما تولى الوظيفة التي اصبحت شاغرة بعد وفاة شقيقه الأكبر.
وإذ لاحظ مدراء اميركيون موهبته ارسلوه الى النسخة اللبنانية لكلية ايتون، ثم الى الولايات المتحدة، حيث حصل على الشهادة الجامعية الأولية ثم الماجستير في الجيولوجيا من جامعتي ليهاي وستانفورد على التوالي. &
عاد للعمل في الشركة بعد الجامعة، وسرعان ما شق طريقه الى أعلى ليصبح رئيس الشركة التي اصبحت ارامكو السعودية،&بعد ان استعادت المملكة السيطرة على ثروتها، ثم رئيسها التنفيذي.&
تولى وزارة النفط في عام 1995 وكان اسلوب عمله على نقيض اسلوب عمل سلفه المشهود له زكي يماني. &ويجسد النعيمي مهنية ارامكو السعودية بوصفها واحة في اعتماد معايير الكفاءة داخل مجتمع قبلي هرمي.
رغم ان النعيمي كان يعرف الشركة بكل تفاصيلها، لم تكن لديه خبرة تُذكر في السياسة النفطية العالمية على مستوى عال. وكان هذا يناسب العاهل الراحل الملك فهد، الذي اراد فصل النفط عن السياسة الخارجية.&
قرارات لم تكن سهلة&
يقول مندوبون من منظمة اوبك مطلعون على ايام النعيمي الأولى في وزارة النفط إن قرارات السياسة النفطية لم تكن سهلة عليه.&
وبحسب عبد الصمد العوادي، ممثل الكويت في منظمة اوبك من 1980 الى 2001، فإنه "في الأيام الأولى كان يتعين في أحيان كثيرة اجباره على اتخاذ قرار". & وكان النعيمي المتحفظ والمتأمل يستطيع أن يكون عنيدًا إذا أُزعج ويمكن لثقته الدوغماتية بالنفس ان تصيب زملاءه في اوبك بالاحباط. &ويقول مسؤول سابق في اوبك "انه حين يحسم قراره لا يمكن اقناعه بالعدول عنه".&
إزاء قدرة النعيمي التي لا تُضاهى على تحريك اسواق النفط، فإنه يُعامل معاملة مشاهير النجوم في اجتماعات اوبك. &وان ركضته فجراً ـ أصبحت مشياً سريعاً في الأونة الأخيرة ـ في شارع رنيغشتراسة في فيينا بحذاء نايك وملابس رياضية من لولوميلون، &تستدرج فوجاً من الصحافيين.&ويستأجر الصحافيون الذين لا يتمتعون بلياقته البدنية دراجات هوائية للحاق به.&وكثيرًا ما تسبق الأسئلة عن النفط احاديث اعتيادية عن هواياته الشخصية التي تشمل المشي في الجبال والقنص وصيد الاسماك في الجليد.&
بلغ نفوذ النعيمي ذروته في العربية السعودية إبان عهد الملك عبد الله، الذي توفي العام الماضي، مباشرة بعد القرار التاريخي بالاستمرار في ضخ النفط. &وأُجهضت التكهنات بإقالة النعيمي حين ظهر بوصفه من الوزراء القلائل الذين احتفظوا بحقائبهم بعد تعديل وزاري واسع أجراه العاهل الجديد الملك سلمان. ولكن وزير الصحة خالد الفالح حل محله في رئاسة مجلس ادارة ارامكو السعودية فيما تكهن البعض بأن الفالح سيحل محله وزيرًا للنفط. &
قال النعيمي لأصدقاء "إن 20 سنة فترة طويلة" وانه يتطلع الى قضاء وقت مع اطفاله واحفاده. &ولكنه يخدم رهن اشارة الملك وهناك مهمة لم تُنجز، هي تأمين بقاء السعودية قوة نفطية. &
اعدت "إيلاف" هذه المادة عن فايننشال تايمز، الرابط الاصل:
http://www.ft.com/cms/s/0/f604998c-dbda-11e5-98fd-06d75973fe09.html#axzz4BjbQiKNI
&
التعليقات