هبطت أسعار النفط في بداية الأسبوع الحالي مع ارتفاع إنتاج العراق وإعلان إيران أنها لن تتعاون في المحادثات المقبلة التي تجريها الدول المنتجة للنفط لتجميد الإنتاج إلا إذا اعترفت الدول المصدرة للنفط بحقها في استعادة حصتها بالكامل في السوق.

إيلاف من لندن: لا تزال الأسعار تحاول التسلق الى 50 دولارًا للبرميل، ولكنها استقرت عند 49.50 دولاراً لمزيج برنت، وعند 47.21 دولاراً للبرميل للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي.&

وأشار المتعاملون والسماسرة إلى أن هبوط الأسعار كان نتيجة ارتفاع الإنتاج من الشرق الأوسط، حيث بلغ متوسط صادرات النفط من موانئ العراق الجنوبية 3.205 ملايين برميل يوميًا في أغسطس، متجاوزًا متوسط المستوى الذي شهدته هذه الصادرات في يوليو، وذلك حسب ما قال مسؤولان من شركة نفط الجنوب، التي تديرها الدولة. وبلغ متوسط الصادرات في يوليو 3.202 ملايين برميل يوميًا.

عقبة جديدة
تتباين وجهات النظر حول مقدرة منظمة "أوبك" على التوصل إلى اتفاق لتجميد أو تثبيت سقف الإنتاج في اللقاء غير الرسمي الذي سيعقد في الجزائر في أواخر سبتمبر المقبل. ومن المقرر إجراء محادثات في العاصمة الجزائرية في الفترة من 26 إلى 28 سبتمبر لمناقشة اتفاق عالمي لتجميد إنتاج النفط.

يجب التنويه بأنه عندما التقى أعضاء أوبك مع روسيا في إبريل الماضي للاتفاق حول صيغة لتجميد الإنتاج، رفضت السعودية الموافقة والتوقيع على اتفاق من دون التزام إيران بالاتفاق، وقد تتغير المواقف هذه المرة، ونرى بعض الليونة والرغبة في التوصل إلى تسوية ترضي الغالبية من المنتجين، ولكن العقبة الكبيرة ليست إيران فقط، بل أيضًا العراق.

بغداد لن تلتزم
مخاوف أسواق النفط لم تعد تركز فقط على العقبات التي تضعها إيران أمام التوصل إلى اتفاق لتثبيت الإنتاج، بل أيضًا العراق، الذي سيبقى حجر عثرة، وسيرفض التفاهم والقبول.

وكان أول إجراء اتخذه وزير البترول العراقي الجديد هو أنه طلب من شركات النفط، مثل بي بي البريطانية ولاك أويل الروسية وسي.إن. بي. سي الصينية العاملة في جنوب العراق، طلب إعادة إحياء برامج الاستثمار المجمدة سابقًا من أجل رفع الإنتاج. طبعًا لن يرتفع الإنتاج في يوم وليلة، ولكن عاجلًا أم آجلًا سيتعارض ذلك مع أي تعهد عراقي محتمل يتعلق بتثبيت الإنتاج عند مستويات الإنتاج الحالية.

واضح جليًا من تصريحات وزير النفط العراقي جبار اللعيبي أن العراق سوف لا يلتزم باتفاقات تثبيت الإنتاج، حيث قال الأحد إن لدى وزارته خططًا طموحة واستراتيجية لرفع إنتاج النفط والغاز إلى حين الوصول إلى حصة العراق في منظمة أوبك، مؤكدًا أن "المرحلة المقبلة لكل نشاطات قطاع النفط والغاز في العراق ستشهد تطورًا كبيرًا وقفزات عالية في مجالات فتح الأبواب أمام الاستثمارات المحلية والخارجية، ومن خلال قنوات المشاركة والاستثمار الجزئي أو الكلي".

لكن الجملة التي تثير قلق الأسواق والمراقبين، والتي قالها اللعيبي، "إن العراق مستعد للعب دور فاعل داخل منظمة أوبك لدعم أسعار النفط، لكنه لن يضحّي بهدفه المتمثل في توسيع حصته السوقية، وسيواصل زيادة الإنتاج".&

وقال اللعيبي الذي أصبح وزيرًا للنفط خلال هذا الشهر، إن العراق يريد "تقوية دور أوبك في تحقيق توازن في سوق النفط"، لكن تعليقاته عن مواصلة زيادة الإنتاج تشير إلى أنه لا يتطلع إلى المشاركة في اتفاق محتمل لتجميد الإنتاج.

تعنت إيران ثابت
بدورها، إيران اتخذت موقفًا متصلبًا رافضًا لأي اتفاق قبل أن تسترجع مقدرتها الإنتاجية إلى ما كانت عليه قبل فرض العقوبات التي فرضت على طهران من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأولى من عام 2012، وتم رفع العقوبات في أوائل عام 2016. هذا الموقف لم يتغير حتى الآن.&

وقد شهد الإنتاج النفطي الإيراني ارتفاعات كبيرة في الأشهر الأخيرة. وحسب تقديرات بلومبيرغ، بدأ الإنتاج الإيراني يقارب معدلات عام 2011، وبفارق 80 ألف برميل يوميًا. وهناك تكهنات بأن إيران قد لا تقبل بثبيت سقف الإنتاج في الوقت الذي تواصل العراق رفع وتيرة الإنتاج، والسعودية ترفع الإمدادات المعروضة في الأسواق.&

وتبدي إيران تصميمًا على أن يصل إنتاجها اليومي إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول نهاية شهر سبتمبر المقبل. وعندما يصل إنتاجها اليومي إلى نقطة القمة، ولن تعود قادرة على رفع الإنتاج من دون استثمارات ضخمة وتكلفة باهظة وفترة زمنية طويلة، ربما حينها قد تقبل بالتثبيت والتجميد.&

في هذا السياق، قالت إيران في الأسبوع الماضي إنها لن تتعاون في المحادثات المقبلة التي يعقدها المنتجون في سبتمبر، إلا إذا اعترف المصدرون بحق طهران في استعادة حصتها في السوق، والتي فقدتها خلال العقوبات الدولية التي لم تُرفع عنها إلا في يناير. وتشدد طهران على أنها لن تكون مستعدة لدعم أي إجراء مشترك، إلا بعد وصولها إلى مستوى الإنتاج قبل العقوبات، والبالغ أربعة ملايين برميل يوميًا. وتشير بيانات «أوبك» إلى أن إيران ضخت 3.6 ملايين برميل يوميًا في يوليو.

تقليل سعودي من توقعات النجاح
أما الموقف السعودي فيمكن تلخيصه بما قاله وزير البترول والطاقة السعودي خالد الفالح، في مقابلة سريعة جرت معه، بعدما ألقى كلمة في مجلس الأعمال الأميركي - السعودي في لوس أنجليس قبل أيام عدة قائلًا: "السوق تتحرك في الإتجاه الصحيح. الطلب يرتفع بشكل جيد في أنحاء العالم".

أضاف: «لا نعتقد أن تدخلًا كبيرًا في السوق ضروري، باستثناء أن نسمح لقوى العرض والطلب بأن تقوم بالعمل لنا». وأنتجت السعودية 10.67 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام في يوليو، وهو أعلى مستوى في تاريخها.&

وقال الفالح إن إنتاجها لا يزال حول ذلك المستوى، رغم أنه لم يشر إلى رقم محدد للإنتاج في أغسطس. وهذا الرقم يمثل 450 ألف برميل فوق مستويات يناير 2016، والتي بموجبها فشلت محاورات التجميد. فمن المحتمل أن تقبل السعودية هذا السقف المرتفع الجديد كقاعدة لتثبيت الإنتاج على الأقل في المرحلة المقبلة، وموقتًا، علمًا أن الطلب الموسمي الهائل على النفط ومشتقاته في المملكة سيبدأ بالتراجع في الخريف. وتجميد سقف الإنتاج على مستوى مرتفع سيكون أكثر جاذبية للسعودية.

يقرأ المحللون تعليقات الفالح بخصوص عدم البدء في أي مناقشات محددة بشأن تجميد إنتاج منظمة "أوبك" على أنها إشارة إلى أن فرص التوصل إلى اتفاق محدودة مع إشارته إلى عودة التوازن إلى السوق وطلب مطرد.

تأثير عنف نيجيريا
الأعمال القتالية في دلتا النيجر الغنية بالنفط في نيجيريا جلبت خسائر فادحة لنيجيريا، حيث فقدت نيجيريا ما يعادل نصف مليون برميل يوميًا من إنتاجها النفطي، ولهذا من المتوقع أن ترفض نيجيريا الالتزام بسقف الإنتاج على المستويات الحالية، والتي هبطت بمقدار 500 ألف برميل يوميًا منذ يناير 2016 بسبب أعمال التخريب في دلتا نهر النيجير. لكن التوصل إلى اتفاق موقت لوقف إطلاق النار مع العصابات المتمردة ساعد الدولة على استعادة بعض الخسائر في الكميات الإنتاجية.

ما هو واضح أن أوبك ستواصل محاولات ترويج فكرة تجميد الإنتاج، والتي تلقى ترحيبًا في السوق، وتؤدي إلى انتعاشات موقتة في الأسعار مع كل تصريح إيجابي يصدر من أوبك أو روسيا، ولكن لا يتوقع المحللون أنه سيتم التوصل إلى اتفاقية موثوقة بين أوبك وروسيا في أواخر شهر سبتمبر.

&