اعتبرت وحدة النفط في مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني أن "مصداقية أوبك في تنسيق الانتاج متدنية جدًا الآن" بعد انهيار اجتماع الدوحة الأخير، من دون تحقيق أي تفاهم بخصوص تجميد الانتاج. 

لندن: كان رد فعل السوق مزيدا من الاحباط حيث هبطت تعاقدات خام برنت الدولي ستة في المئة في بداية التعامل الاثنين قبل ارتفاعها الى 41.31 دولارًا للبرميل وان كانت اقل 4.15 في المئة منذ التسوية السابقة. 

وهبطت تعاقدات الخام الاميركي 4.6 في المئة الى 38.50 دولارًا للبرميل. وواصلت أسعار النفط تراجعها الثلاثاء بعد أن طغى فشل اجتماع الدوحة على أي تأثير يمكن أن يحدثه إضراب عمال النفط في الكويت الدولة المنتجة الكبرى. ونسبت وسائل الاعلام الفشل للتوترات بين السعودية الأمر الذي جدد مخاوف الصناعة بان يزيد المنتجون الرئيسيون الذين تسيطر عليهم الحكومات معركتهم للحصول على حصة في السوق من خلال عرض اغراءات على شكل خصومات اكبر من اي وقت مضى. 

وقال بنك مورجان ستانلي الاميركي ان"عدم وجود حتى اتفاق غير ملزم بعد وجود اتفاق في شباط يؤكد الوضع السيئ لعلاقات اوبك".

 

وزير النفط القطري محمد بن صالح السادة خلال المؤتمر الصحافي بعد اجتماع الدوحة

 

ولكن على المدى المتوسط والطويل ستستعيد اوبك ثقلها المركزي كقوة نفطية ذات تأثير كبير في العالم. ويعود ذلك لما يحدث من تطورات في آسيا لا سيما الهند والصين.

ستبقى الصين المحرّك الرئيس في زيادة الطلب على النفط

تشير تقارير من الصين الى ان العملاق الآسيوي يسعى لبناء احتياط استراتيجي ضخم من النفط الأمر الذي سيرفع طلب الصين للنفط الخام هذا العام وهذا قد يكون بداية التحول في المشهد النفطي ومما سينعكس ايجابا على أسواق النفط بغض النظر عن تثبيت الانتاج الحالي او عدمه..

تعتقد صحيفة الديلي تلغراف البريطانية ان التحفيز الصيني للاقتصاد بتوفير زيادة في تسهيلات الائتمان والاعتماد المصرفي وزيادة الانفاق الحكومي العام بنسبة 20% اطلق دورة جديدة من النمو الاقتصادي مما سيرفع حجم استيراد النفط الخام بوتيرة أكثر سرعة مما كان متوقعًا سابقا.

وحسب تقديرات مصرف باركليز ستستورد الصين 8 ملايين برميل يوميا هذا العام مقارنة بـ6.7 ملايين برميل العام الماضي. وهذه الزيادة ستساعد في تقليص الانتاج العالمي الفائض الذي يساهم في تراكم التخمة النفطية في الأسواق. اما تقديرات "ستاندرد تشارترد" بنك الاستثمار التجاري البريطاني فتتوقع ان يرتفع الاستيراد الصيني الى 10 ملايين برميل يوميا بحلول نهاية عام 2018 مما قد يخلق أزمة امدادات وصعود كبير في الأسعار مما سيقلب سوق النفط رأسا على عقب. وفي المقابل تقول شركة الطاقة الاستشارية "وود ماكينزي" أنه تم الغاء او تأجيل مشاريع نفط وغاز بقيمة 400 بليون دولار منذ تهاوي الأسعار صيف عام 2014 وعدد كبير من آبار النفط التي استنزفت سوف لا يتم الاستثمار في آبار جديدة لتحل محلها.

بناء مخزون نفطي استراتيجي ضخم

تندفع الصين بعجالة الآن لتعبئة اربعة مواقع تخزين احتياطات بترولية جديدة هذا العام ومن أولويات الحكومة تعبئة الصهاريج الضخمة بسرعة مستغلة اسعار النفط المنخفضة. وستتم التعبئة بمعدل 250 الف برميل يوميا وهذا خمسة اضعاف معدل السنوات السابقة. وتقوم الصين بتشييد كهوف تجويفية ذات سعة ضخمة جدا تحت سطح الأرض في مناطق مختلفة في اواسط البلاد كخطوة استراتيجية لحماية الأمن القومي وذلك برفع المخزون الاستراتيجي الى 550 مليون برميل لتأمين احتياط يكفي لتسعين يوما في حالة نشؤ ازمة امدادات خارجية. تستذكر الصين ما حدث لليابان اواخر الثلاثينات عندما خضعت اليابان لحظر تزويدها بالنفط.

كما ان الانتاج الصيني ذاته انخفض بمعدل 200 الف برميل يوميا مع تخفيض شركات بترو تشاينا وصينو-بك لاستثماراتهما في ظل طلب متصاعد على النفط.

ومن المتوقع ان مبيعات السيارات سترتفع بنسبة 6% هذا العام ومن المعروف أن الصينيين يفضلون الموديلات الأوروبية الأكبر حجما والأكثر استهلاكا للبترول وحسب وكالة الطاقة الدولية سيقفز الطلب الصيني للبنزين بنسبة 8.8% أما الطلب على وقود الطائرات فسيرتفع بنسبة 7.5%. واذا أخذنا بعين الاعتبار تزايد الطلب الهندي المتسارع سوف نرى انتعاشا ملحوظا لأسعار النفط في الشهور المقبلة وهذا خبر جيد لأوبك وللمنتجين خارج أوبك.

وهذه حقائق ملموسة بغض النظر عن التقلبات في الأسعار في المدى القصير.

وسيبقى نمو الطلب الآسيوي هو المحرّك الرئيس لانتعاش الأسعار. وقد نرى بوادر التحسن في الأسعار لاحقا هذا العام.

الصين تفوقت على الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط الخام والسلطات الصينية تتخذ اجراءات تحفيزية كبيرة لرفع وتيرة النمو الاقتصادي كما حدث عام 2009 عندما اطلقت الحكومة الصينية حزمة تحفيزات اقتصادية عملاقة بقيمة 4 ترليون يوان صيني (حوالي 600 مليار دولار).

لذلك يمكن الاستنتاج ان مشاكل أوبك تعتبر موقتة وسوف تستعيد مركزيتها في المستقبل غير البعيد.