أغلقت أسواق النفط على انخفاض وسط تعاملات هزيلة. وقد اعتبر محللون أنّ اجتماع كبار مصدري النفط في الدوحة لن يساهم كثيرًا في التخلص من تخمة المعروض العالمي سريعًا حتى وإن كان ذلك قد يضع حدًا لهبوط السوق.

الرياض: على الرغم من إبداء قطر تفاؤلها حيال هذه المسألة، ينقسم محللون حول النتائج المتوقعة من الاجتماع الذي سيضم أعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، أبرزها المملكة العربية السعودية، ودول من خارج المنظمة ابرزها روسيا، ومدى تأثيره السلبي أو الايجابي في الأسعار وأسواق النفط.

ويجتمع كبار منتجي النفط الأحد في العاصمة القطرية الدوحة محاولين التوصل إلى اتفاق على تجميد الانتاج لخفض الفائض المعروض في الأسواق وإنعاش الأسعار المتهاوية، وسط شكوك حول تجاوب إيران مع هذا الطرح

إيران لن تشارك

لم تعلن قطر رسميًا اسماء الدول المشاركة في الاجتماع، علمًا انه سبق لها تأكيد دعوة دول اوبك كلها، بما فيها ايران، إلى الاجتماع.

واعلن اكبر نعمة الله، الناطق باسم وزارة النفط الايرانية، الجمعة، أن وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنكنه لن يشارك في اجتماع الدوحة. وقال: "سبق أن أعلنت إيران انه ليس في امكانها الانضمام إلى خطة لاستقرار أسعار النفط طالما لم تستعد مستوى الانتاج والتصدير الذي كان قائمًا قبل العقوبات" كما اوردت وكالة شانا التابعة للوزارة.

وأوضح ان حسن كاظم بور اردبيلي، ممثل ايران في منظمة أوبك، سيكون حاضرًا في الدوحة، "لكن ايران تدعم جهود دول اوبك وغير الاعضاء في المنظمة لتامين استقرار السوق ودعم الاسعار، وممثل إيران سيزور الدوحة لشرح موقف طهران ودعم الجهود الهادفة لتحسين وضع السوق".

البرميل فوق الـ 50 دولارًا

قال بنك أوف أميركا ميريل لينش إن إعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية تمضي قدمًا، وإن الأسعار ربما تقفز قريبًا فوق 50 دولارًا للبرميل إذا اتفق المنتجون على تثبيت مستويات الإنتاج في الاجتماع بالدوحة. وأضاف البنك، الذي عرض عدة احتمالات أخرى في مذكرة قدمها الأربعاء، أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حاسم في الدوحة فإن أسعار مزيج برنت العالمي ربما تهبط دون 40 دولارًا للبرميل في المدى القريب جدًا. ويبلغ سعر مزيج برنت في تداولات العقود الآجلة اليوم الخميس 43.60 دولارًا.
ويرى بنك أوف أميركا ميريل لينش أيضًا أنه إذا زادت السعودية إنتاجها ردًا على عودة إيران إلى السوق، فإن أسعار مزيج برنت ربما تتراجع إلى ما بين ثلاثين و35 دولارا للبرميل.
وبشكل عام، أبقى البنك على توقعاته بأن يتجاوز سعر برميل النفط 50 دولارًا في المتوسط العام المقبل، وقال إنه لا يتوقع هبوط الأسعار إلى ثلاثين و35 دولارا.

الاتفاق ليس مضمونًا 

يأتي الاجتماع بعد اتفاق أربع دول نفطية أبرزها السعودية وروسيا في شباط (فبراير) الماضي على تجميد الانتاج عند مستويات كانون الثاني (يناير)، شرط التزام المنتجين الكبار الآخرين ذلك.
وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن فؤاد رزاق زادة، المحلل في مؤسسة سيتي إندكس المالية، قوله: "إن الانطباع العام يتجه نحو الاتفاق في الدوحة على تجميد الانتاج عند مستوى كانون الثاني (يناير)، وأرجح أن يمنح ذلك الأسعار دفعًا إضافيًا على المدى القصير".

سجلت أسعار النفط تحسنًا نسبيًا خلال الفترة الماضية، بعد تراجع بدأ منذ منتصف عام 2014، أفقد برميل النفط زهاء 70 في المئة من سعره. وواصلت الاسعار الارتفاع في الأيام الماضية مع ترقب اجتماع الدوحة. إلا أن التوصل إلى اتفاق خلال الاجتماع ليس مضمونًا، نظرًا إلى تباين بين المنتجين الكبار، خصوصًا الخصمين اللدودين السعودية وايران.
فالمملكة تصر على انها لن تلتزم اتفاق تجميد الانتاج ما لم تقدم ايران على الخطوة نفسها، اما الجمهورية الاسلامية العائدة حديثًا إلى سوق النفط العالمية فلا ترغب في تجميد انتاجها عند مستوى كانون الثاني (يناير)، الشهر الذي بدأ فيه رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها.

بناء الثقة

قالت منظمة أوبك في تقرير الاربعاء أن انتاج ايران بلغ 3,3 ملايين برميل يوميًا في آذار (مارس) الماضي، في مقابل 2,9 ملايين في كانون الثاني (يناير).
ويستبعد فهد التركي، رئيس ادارة البحوث في شركة جدوى للاستثمار، مقرها الرياض، قيام المملكة العربية السعودية بخفض انتاجها، وقبولها بزيادات كبيرة في الانتاج من منتجين آخرين، وهو يرى أن اتفاقًا شاملًا بين المشاركين في اجتماع الدوحة ربما يساهم في بناء الثقة بين منتجي النفط، والتمهيد لخفض الانتاج مستقبلًا.
وبقي تأثير الاتفاق الذي تم التوصل اليه في شباط (فبراير)، والذي شمل السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر، محدودًا على الأسواق.
وحذرت أوبك في تقريرها الشهري الاربعاء من استمرار الفائض في إمدادات النفط، مخفضة كذلك بشكل طفيف توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذه السنة، ومشيرة إلى أنها ربما تخفضها بشكل اضافي. ويعود تراجع أسعار النفط عالميًا لأسباب عدة، منها الفائض في الكميات المعروضة ولا سيما بعد زيادة انتاج النفط الصخري الاميركي، في مقابل تراجع الطلب ولا سيما من جانب الصين.
وكبد هذا الانخفاض الدول النفطية مليارات الدولارات من الايرادات. وبعد تسجيله أدنى مستوى له خلال 13 عامًا في شباط (فبراير) الماضي عند عتبة 27 دولارًا للبرميل، استعاد النفط بعضًا من عافيته خلال الاسابيع الماضية، وتم تداوله هذا الاسبوع بأعلى بقليل من 40 دولارًا للبرميل.

موقف روسيا

حذرت المنظمة الدولية للطاقة الخميس من الافراط في توقع النتائج من الاجتماع. قال جان-فرنسوا سيزنك، الخبير في شؤون النفط في جامعة جورج تاون، إن الموقف الايراني لن يكون المشكلة الوحيدة في الاجتماع، لأن قدرة إيران على زيادة انتاجها في عام 2016 تقتصر على نحو 300 ألف برميل يوميًا، "واعتقد أن مصدر القلق الاساسي بالنسبة إلى المنتجين لن يكون اذا جمدت ايران انتاجها أم لم تجمده، بل اذا كانت روسيا ستقوم بذلك"، فموسكو من أبرز المنتجين خارج اوبك. وسبق للمنظمة أن رفضت خفض انتاجها على رغم الانحدار التدريجي للاسعار. ويعود القرار، الذي دفعت باتجاهه دول عدة ابرزها السعودية، إلى الخشية من فقدان دول أوبك حصتها من الاسواق في حال خفضت انتاجها، ولم تقم الدول المنتجة الاخرى (من خارج اوبك) بذلك.
من خلال عدم خفض الانتاج، كانت أوبك تأمل في إخراج أنواع من النفط ذات كلفة انتاج مرتفعة من المنافسة، كالنفط الصخري الاميركي، كون الاسعار المنخفضة ستجعل الطلب عليه ضعيفًا.
واشارت المنظمة في تقريرها إلى أن الدول الاعضاء انتجت 32,25 مليون برميل يوميًا في آذار (مارس) الماضي، ثلثها تقريبًا من السعودية، بارتفاع عن معدل الانتاج في 2015 الذي بلغ 31,85 مليون برميل يوميًا.

إعادة التوازن

يقول ديشبندي ابيشيك، المحلل في مؤسسة ناتيكيس المالية لوكالة الصحافة الفرنسية إن مباحثات التجميد بين اوبك والدول خارجها ستحدد السرعة التي يمكن من خلالها إعادة التوازن إلى الأسواق، وإلى أي حد يمكن اسعار النفط أن ترتفع.
يضيف: "في حال شمل اتفاق التجميد ايران، سيجعل الاسواق متوازنة تمامًا في الربع الثالث من هذا العام".
بحسب التقديرات، بلغ الفائض خلال الربع الاول من 2016 نحو 2,3 مليون برميل يوميًا. وفي حال استمرار هذا الاتجاه، يقدر أن تبلغ المخزونات الاستراتيجية والتجارية 1,5 مليار برميل بحلول الصيف. يقول كريستوفر دمبيك، المحلل الاقتصادي في ساكسو بنك: "أيًا تكن نتيجة الاجتماع، لن يتعافى سعر النفط قريبًا إلى مستوى يؤدي إلى توازن المالية العامة لغالبية المنتجين".
ويحذر دمبيك من أن الفشل في الاتفاق ربما يعيد سعر البرميل إلى مستويات تراوح بين 30 و33 دولارًا.

تعاملات اليوم

وانخفض سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 74 سنتا إلى 43.10 دولارا للبرميل عند التسوية.
ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة 1.14 دولار عند التسوية أيضا إلى 40.36 دولارًا للبرميل. وتراجع الخامان في وقت سابق اليوم أكثر من 3.5 في المئة، غير أنهما ارتفعا على أساس أسبوعي للأسبوع الثاني.