إيلاف من لندن: أشارت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية لآخر التطورات المتعلقة بطرح 5% من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام خلال العام المقبل، وقالت: "قد تضع آرامكو الطرح الأولي والادراج على البورصات العالمية جانبًا وتسعى لجذب الصناديق السيادية الغنية والمستثمرين المؤسساتيين حول العالم"، لكن آرامكو تصر على ان المخطط الأساسي بشأن خطط الطرح العام الأولي لا تزال تأخذ مجراها الطبيعي.

وأكدت الصحيفة في تقريرها أن آرامكو ما تزال تدرس إدراج أسهمها في البورصة السعودية "تداول" العام المقبل، ولم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد، وإن الإدراج في بورصة دولية ما يزال من الممكن أن يتم العام المقبل.

وأشارت الصحيفة أن هناك أمام آرامكو عددًا من الخطط البديلة للطرح العام الأولي للشركة، وقالت إن المحادثات لتنفيذ طرح خاص لحكومات أجنبية من بينها الصين ومستثمرين آخرين اكتسبت زخمًا في الأسابيع الأخيرة. أضافت: حتى لو اختارت آرامكو مسار البيع الخاص للأسهم سيبقى موضوع الادراج على البورصة العالمية امرًا قائمًا، ولكن ليس قبل عام 2019.

ماذا قال الفالح عن التحديات؟

هناك قلق بشأن الطرح في بورصة نيويورك يتعلق برفع قضايا تعويض ضد السعودية من قبل اقارب ضحايا 11 ايلول 2001 وما يسمى بقانون جاستا. كما ان الادراج في لندن يضع شروط صارمة تتعلق بالشفافية وكشف معلومات حسابية دقيقة.

وفي هذا السياق تناول الإعلام في الأسابيع الأخيرة الصعوبات التي تواجه الطرح الأولي لأسهم أرامكو ضمن سياق رؤية السعودية 2030، فضخامة حجم الطرح قيّدت الخيارات السعودية في بورصتي نيويورك ولندن، ولكل منهما تعقيداتها القانونية والإجرائية، وما يتبعهما من مشكلات قانونية محتملة، ما سيجعل السعودية تعيد دراسة الفكرة بصورة أكثر دقة لتجاوز التبعات القانونية المحتملة.

ونقلت إيكونوميست على موقعها الإلكتروني عن خالد الفالح، رئيس مجلس إدارة أرامكو، قوله إن الإصدار لا يمكن التعامل معه إلا من خلال أسواق الأسهم الأكبر مثل بورصتي نيويورك ولندن نظرًا إلى ضخامة حجمه، ما قد يؤدي إلى مشكلات قانونية محتملة ربما تكون لها عواقب غير محسوبة. 

أضاف الفالح: "إدراج أسهم الشركة في نيويورك قد يؤدي إلى دعاوى قانونية تافهة ضد السعودية، وربما يثير الإدراج في بورصة لندن أسئلة خرقاء بشأن إمكانية اطلاع السلطات البريطانية على إيرادات الشركة وأصولها حول العالم، وعلى الرغم من أن ملكية الاحتياطيات دستوريًا تعود إلى المملكة، فإن من شأن وجود امتياز أو نظام مالي ملائم تمكين الشركة من تقديم وعد بدخل ثابت للمساهمين، وأرامكو تدرس تنفيذ استثمارات في الغاز الطبيعي المسال ومشروعات أخرى ذات صلة في الخارج، وتخطط لتأسيس أنشطة محلية في الكيميائيات والكهرباء والطاقة المتجددة".

خطط احترازية

وتقول أنباء اقتصادية سعودية وعالمية إن المملكة تنوي تحضير خطط احترازية لتأجيل طرح أسهم ارامكو للاكتتاب العام في البورصات الدولية حتى عام 2019، في تأجيل تقني ريثما يتم تذليل بعض العقبات المتعلقة بطرح بهذا الحجم.

وأشارت مصادر بلومبرغ للمال والأعمال الشهر الماضي أن السعودية بصدد تحضير خطط احترازية لتأجيل طرح أسهم ارامكو للاكتتاب العام في البورصات الدولية حتى عام 2019، بينما كان متوقعًا حصول الطرح في النصف الثاني من عام 2018، مع التذكير بأنه في أوائل عام 2016، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن نية السعودية طرح جزء من أرامكو للاكتتاب العام للمرة الاولى في تاريخها، في محاولة اعتبرها البعض إعادة هيكلة للاقتصاد السعودي. ووصفها الإعلام الغربي بصفقة القرن.

بالنسبة إلى التأجيل، أكدت آرامكو في بيان أخير أن الطرح سيتم بحسب الخطة الأصلية، وأن العمل يسير بحسب تلك الخطة لإكمال كل التجهيزات الإدارية والقانونية اللازمة. لكنّ هناك قراراً مهماً جدًا لم يتم اتخاذه: أين ستتطرح الأسهم في البورصات العالمية؟ نيويورك أم لندن اضافة إلى البورصة المحلية؟

تقول مصادر إن القرار لن يتخذ حتى أواخر اكتوبر الحالي حيث سيعقد مؤتمر استثماري كبير في الرياض، وربما سيتم الاعلان عن ذلك خلال المؤتمر.

على الرغم من أن لندن تبدو أكثر حظًا بعد تذليل العقبات الاجرائية والقانونية، فإن ثمة عاملاً جيوسياسياً ربما يلعب دورًا حاسمًا في قرار الاختيار. فزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة للسعودية وازمة الخليج وعوامل جيو-سياسية أخرى مثل حرب اليمن ربما تجعل نيويورك البورصة المفضلة للطرح، وربما بسبب ضغوط ديبلوماسية وحرص المملكة على الحفاظ على علاقات ممتازة مع البيت الأبيض.

تسهيلات بريطانية 

في أوائل أبريل الماضي، التقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس التنفيذي لبورصة لندن خافيير روليت بعض الوزراء السعوديين لاقناعهم أن لندن هي المركز الأفضل لاستضافة الطرح القادم لأسهم أرامكو.

قدمت سلطات الرقابة المالية في بريطانيا تسهيلات واستثناءات لتمكين أرامكو من اختيار بورصة لندن لطرح اسهمها، وتم تذليل الكثير من الصعوبات في هذا الاتجاه، ولا سيما أن لندن تريد أن تثبت للعالم انها لا تزال المركز المالي الأول في العالم حتى بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. 

الخطة البريطانية تقوم على خلق فئة جديدة ضمن الادراج الرفيع المستوى للشركات التي تمتلكها الصناديق السيادية أي أذرع الاستثمار في الدول. وتأمل اسواق المال أن تجني رسومًا كبيرة من طرح أرامكو.

من أهم قواعد الطرح في بورصة لندن أن يكون الحد الأدنى 25 في المئة من قيمة الشركة من أجل الإدراج في البورصة، فأرامكو تطرح 5 في المئة فقط من أسهمها.

وبحسب تقارير صحفية بريطانية، مارس عدد من المستثمرين الكبار ضغوطًا على سلطة ادراج الأسهم البريطانية لرفض خطة ارامكو بحجة عدم تطابقها مع القواعد والشروط. وحتى لو اخذت الأمور مجراها، لن يتم إدراج أرامكو السعودية في مؤشر فايننشال تايمز للأسهم لأهم 100 شركة بريطانية.

من شروط الطرح في بورصة لندن هي التزام الحوكمة والشفافية والدقة في المعلومات والأرقام والحسابات. ومن المتوقع أن تقوم أرامكو بتزويد المستثمرين وصناديق الاستثمار ببيانات مالية ومعلومات دقيقة تدعم التقديرات أن قيمة آرامكو ترليوني دولار. وربما توافق السلطة المعنية على إدراج أسهم أقل من 25 في المئة في الحد الأدنى، لكن في ظروف غير عادية في تصنيف الفئة الأكثر تشددًا. خلافًا لذلك، تستطيع أرامكو أن تقبل إدراجًا عاديًا.

من المستبعد أن تكون أي من هياكل الإدراج الحالية بالبورصة مغرية لأرامكو، لذلك تعكف البورصة على إعداد أنموذج جديد يسمح لها بتجنب قواعد حوكمة الشركات الأكثر صعوبة التي يستلزمها الإدراج الأولي. وهي أوضحت أن معظم الشركات المدرجة حاليًا في بورصة لندن ضمن فئة الأكثر تشددًا من حيث قواعد الإدراج، كي تدخل مؤشر فايننشال تايمز، مبينة أن هذا يقتضي أن تكون نسبة 25 في المئة على الأقل من أسهم الشركات متاحة للتداول الحر.

وكانت هيئة السلوك المالي البريطانية قالت إنها اقترحت ىسابقا استحداث فئة ادراج جديدة لكي لا تخسر فرصة أكبر عملية طرح أسهم شهدتها البورصات العالمية ولتعزز مكانة لندن كمركز مالي رائد ومتقدم. ولا يزال الموضوع قيد الدراسة علما ان رئيس هيئة السلوك المالي أندرو بيلي اوضح للجنة المالية في البرلمان البريطاني أن أي مقترحات تم تقديمها هي لمساعدة لندن على جذب آرامكو لبورصة لندن. وقال اندرو بيلي "ان الهيئة اجرت حوارات مع آرامكو ومستشاريهم وأعلمناهم اننا بصدد مراجعة نظم الادراج لتسهيل عملية ادراج آرامكو في بورصة لندن".