في منتصف الأربعينيات الهجرية آواخر العشرينيات الميلادية من القرن الماضي وقبيل توحيد وطننا الغالي المملكة العربية السعودية غادر جدّي حمد بن محمد بن ناصر السالم رحمه الله بلدته (مَلْهَم) – شمال شرق العاصمة الرياض – قاصداً دولة قطر الشقيقة – إمارة قطر في ذلك الحين – طلباً للرزق ولقمة العيش الشريفة، وكان الحاكم آنذاك الشيخ عبدالله بن جاسم بن محمد آل ثاني حاكم قطر الثالث ومؤسس الدولة القطرية الحديثة رحمه الله، وقد قضى جدّي في قطر أربعة أعوام اشتغل فيها ببناء البيوت والغوص في البحر واستخراج اللؤلؤ؛ ولئن كانت (لؤلؤة الدانة) هي مقصد كل من يشتغل بالغوص كونها اللؤلؤة الأكثر شهرة والأكبر حجما والأعظم قيمة فإن (لؤلؤة الحصباء) تأتي في المرتبة الثانية بعد الدانة من حيث الشهرة والحجم والقيمة وهي التي شاء الله سبحانه أن يسوقها إلى جدّي وهو يفلق محّارة من إحدى المحّار التي التقطها من قاع البحر فباع جدي الحصباء بقيمة مناسبة وعاد إلى بلدته ملهم واشترى مزرعة وعاش من خيراتها حتى وفاته قبل أن تؤول المزرعة إلى أبناءه وأحفاده حتى باتت شاهداً على فضل الله سبحانه ثم فضل بلدنا الثاني قطر.

عندما يحلّ الثامن عشر من كانون الأول (ديسمبر) في كل عام، تحلّ معه ذكرى اليوم الوطني لتولي مؤسس دولة قطر الشقيقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني آل ثاني مقاليد الحكم في البلاد، وبهذه المناسبة السعيدة أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني وسمو نائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني حفظهم الله ورعاهم وكافة الأسرة الحاكمة الكريمة وعموم الشعب القطري الشقيق وسعادة السفير بندر بن محمد بن عبدالله العطية سفير دولة قطر لدى المملكة، ومن خلال عملي الصحفي السابق نقلتُ عن سعادة السفير أكثر من تصريح منذ تعيينه سفيراً لبلاده فوق العادة لدى الرياض في منتصف آب (أغسطس) عام 2021 والتي أكد فيها سعادته دوماً بأن العلاقات السعودية القطرية تشهد ازدهاراً لافتاً وهي في أوج تطورها وأفضل حالاتها على كافة الأصعدة وأن الشعبين السعودي والقطري تربطهما صلات القربى ووشائح الأخوّة والتاريخ المشترك ما يجعل علاقتهما نموذجاً فريداً يُحتذى للتكامل خصوصاً وأن كلا البلدين يتشاركان في العديد من القواسم والطموحات المشتركة ومن أهمها رؤية المملكة 2030 ورؤية قطر 2030.

إقرأ أيضاً: مملكة البحرين.. تاريخ تليد وحاضر مزدهر

إن هذه المناسبة السعيدة تستدعي معها الذاكرة كل المشتركات الخيّرة التي تربط الرياض بالدوحة فمن أهداف الرؤيتين زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين حيث بلغ الميزان التجاري غير النفطي بين البلدين أكثر من (1.3) مليار ريال سعودي، وبلغت قيمة الصادرات السعودية أكثر من 300 مليون ريال السعودي تمثلت في (اللدائن ومصنوعاتها والحيوانات الحية ومستحضرات أساسها الحبوب أو الدقيق وأملاح وأحجار وأسمنت وخضار) فيما بلغت قيمة السلع المعاد تصديرها أكثر من (2.4) مليار ريال سعودي وتمثلت في (السفن والقوارب والمنشآت العائمة والسيارات وأجزائها ومعادن ثمينة وأحجار كريمة وآلات وأدوات آلية وأجزائها وفواكه) وتشترك الرؤيتان في أهدافهما من حيث التحديث مع المحافظة على التقاليد والتركيز على احتياجات الجيل الحالي والأجيال القادمة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة وتنميتها وتأمين استمرار العيش الكريم للشعبين الشقيقين والسعي إلى تحقيق رفاهيتهما ويتوّج ذلك مجلس التنسيق السعودي القطري الذي رأى النور في الخامس من شهر تموز (يوليو) عام 2008 حرصاً من قيادتي البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والإعلامية وتكامل جهودهما في دعم مجلس التعاون الخليجي في ما تعلق بضمان الأمن والاستقرار في المنطقة وتحقيق التقدم والازدهار ومواجهة مختلف التحديات، كل عام وقطر الأرض والإنسان بخير.