يعد مهرجان الملك عبد العزيز للإبل السنوي من أهم المهرجانات السنوية في المملكة العربية السعودية، فهو تظاهرة سنوية ممتعة تقام في الصياهد بالقرب من رماح والرمحية بمنطقة الرياض. وأشهر هذه الصياهد صيهد منيف، والصياهد مجموعة من التشكيلات الرملية السهلة الاقتراب المتوسطة الارتفاع، وبينها مساحات مستوية. ويعرفها الخبير الجغرافي الأستاذ خالد أبابطين بأن الصيهد “ارتفاع من الأرض عما حوله… لا يكون الصيهد إلا في منطقة لينة رملية وطويلها قنتوب”. اختيرت منطقة الصياهد لاتساعها ومناسبتها للإبل، وتاريخياً لأنها ملتقى للجيوش السعودية قديماً وملتقى للقوافل.
الإبل إرث عربي أصيل وثقافة عربية خالصة وهوية للعرب والجزيرة العربية حاضرة وبادية. ولها ارتباط وثيق مع الصحراء، وكانت مصدراً مهماً للبقاء في الصحراء ومن مقومات الحياة فيها؛ حيث كانت مصدر غذاء، ينتفع بألبانها ولحومها وجلودها ووبرها. كما كانت من أهم وسائل التنقل والنقل وللغزو وشن الغارات والسباق قديماً. وبيوت الشعر في البادية أفضلها ينسج من وبر الإبل.
الإبل موروث شعبي ووطني هام، وأولت القيادة الرشيدة هذا الموروث أهمية خاصة لارتباطه بحياة سكان المملكة العربية السعودية. وارتبطت قوافل الإبل برحلات العقيلات التجارية، وهم تجار نجديون ذائعو الصيت، حيث كانوا يستخدمونها في تنقلهم ويتاجرون في الإبل وغيرها في أسواق العراق والشام وأحياناً مصر. وكانت وسيلة لجر السواني قديماً لجلب الماء من الآبار. ومن أشهر الإبل ناقة النبي صلى الله عليه وسلم (القصواء) التي هاجر راكباً عليها من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
كان من توجيهات القيادة الحكيمة في رؤية الخير 2030 الاهتمام بالإبل بتأسيس نادي الإبل برئاسة الشيخ فهد بن حثلين لإحداث نقلة نوعية في عالم الإبل في المملكة العربية السعودية. وهو امتداد لما سبق من جهود، حيث كان يقام قبل ذلك مهرجان أم رقيبة وعدد من المهرجانات الأخرى في مجال مزاين الإبل.
تم تأسيس المنظمة الدولية للإبل، وهي منظمة دولية تهدف لتطوير وخدمة كل ما يتعلق بالإبل كموروث ورياضة، ومقرها مدينة الرياض. وتم تسمية عام 2024 بعام الإبل. كما تم إنشاء الاتحاد السعودي للهجن للارتقاء برياضة سباقات الهجن إلى معايير عالمية تتناسب مع تحقيق رؤية المملكة 2030، إضافة إلى المسؤولية الكاملة عن حوكمة وإدارة سباقات الهجن وتقديم الخدمات للميادين والملّاك وتوفير البيئة المثالية لممارسة هذه الرياضة. وكان يقام سباق سنوي للهجن في مهرجان الجنادرية وعدد من السباقات في عدد من المناطق والمناسبات.
مهرجان الملك عبد العزيز للإبل هو مهرجان سنوي ثقافي واقتصادي ورياضي وترفيهي يقام برعاية ملكية، ويهدف إلى تأصيل تراث الإبل وتعزيزه في الثقافة السعودية وتوفير وجهة ثقافية وسياحية ورياضية وترفيهية واقتصادية عن الإبل وتراثها.
تم تسمية هذا المهرجان باسم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله، لما كان للإبل لديه من محبة. ومن أشهرها أبله (الشُرف)، وكذلك وحدت جيوشه الوطن الغالي على ظهور الخيل والهجن. وتوارث أبناؤه وكل أبناء هذا الوطن محبة الإبل، وانتقلت ملكية الإبل (الشُرف) لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
يوجد في المملكة العربية السعودية عدد كبير من الإبل تقدر بحوالي مليوني متن، وتعد من أفضل السلالات. وفي مهرجان الملك عبد العزيز للإبل يتم تنظيم عدد من الفعاليات الخاصة بالإبل؛ فهناك مزاين الإبل فردي حسب الأعمار، وهناك الجمل كشلفا ولي العهد وسيف الملك ونخبة النخبة، وهناك سباقات الهجن وسباقات الهجيج والطبع.
الإبل في السعودية تقسم لأكثر من نوع، ومن أشهرها:
• المجاهيم (السود)
• المغاتير (الوضح - الشقح - الشعل - الصفر - الحمر)
• الأصائل وغيرها من الأنواع الأخرى كالساحليات.
تقام فعاليات رسمية وشعبية مصاحبة أثناء إقامة المهرجان ومسيرات لأهل الإبل المشاركة وعدد من المبادرات المجتمعية، ويتخلله عروض وعمليات بيع للإبل من المشاركين فيه ومن خارجه.
انطلق المهرجان هذا العام في 1 كانون الأول (ديسمبر) 2024 تحت شعار «عز لأهلها»، وأعلنت إدارة مهرجان الملك عبد العزيز للإبل عن قرارات تطويرية وتشجيعية مع انطلاق النسخة التاسعة منها. تم منح مالك المنقية الفائزة بلقب «منقية الجزيرة» جائزة عبارة عن طائرة خاصة. كما شهدت النسخة التاسعة عودة مسابقة الشداد التي خُصصت لمنقية الجزيرة والتي ستُتوج باللقب من خلال مسابقة «راعي النظر» التي تعتمد آلية تصويت الجمهور لملاك الإبل. وشهدت النسخة التاسعة زيادة في عدد الفائزين في جميع فئات الفردي والجمل تزامناً مع عام الإبل 2024.
هذا المهرجان له مردود ثقافي وترفيهي وسياحي واقتصادي وإعلامي، حتى أصبح مقصداً لعشاق مزاين وسباقات الإبل من دول الخليج والدول العربية وبعض الدول الأجنبية، مع مشاركين من كافة أنحاء العالم وخصص لهم مشاركات منفردة. ويزور المهرجان سنوياً الآلاف من الجماهير والسياح.
التعليقات