لندن: يشير معارضو بريكسيت الى ضعف الاقبال على الأسواق لاغتنام فرص التخفيضات في الأسعار بعد يوم الكريسماس، وقبل ذلك ارتفاع معدل التضخم في اعقاب الاستفتاء على بريكسيت وتزايد الاقتراض وتناقص الادخار وتحرك بنك انكلترا لكبح النمو الجامح في الاقتراض الاستهلاكي على انها كلها مؤشرات تنذر بأوقات عصيبة تنتظر الاقتصاد البريطاني. 

ولكن الطرف الآخر يقول ان هذه النظرة المتشائمة تنقضها ظواهر أخرى تنبئ بآفاق مشرقة للاقتصاد. وفي مقدمة هذه الظواهر وربما أهمها ان الاقتصاد العالمي عموماً يعمل بكامل طاقته وان اقتصادات الولايات المتحدة واوروبا والصين تنمو بمعدلات قوية نسبياً الى جانب احدها الآخر. وهذه اول مرة نرى فيها مثل هذا النمو المتناغم منذ الأزمة المالية في 2008. وإزاء الدفعة التي يعطيها هذا النمو للتجارة يكون من المستبعد ان يسجل الاقتصاد البريطاني نمواً سلبياً حتى في فصل واحد ناهيكم عن فصلين متتاليين ليكون الاقتصاد حينذاك رسمياً في حالة "ركود".

العامل الثاني الذي يدعو الى التفاؤل هو تخفيف الضغط المالي على فرص الائتمان بدرجة كبيرة خلال العامين المقبلين. وسيحدث ذلك لأول مرة منذ عام 2010.

العامل الثالث هو الضغط على الأجور. وبحسب المعلق الاقتصادي لصحيفة الديلي تلغراف جريمي وارنر فان هذا الضغط أشد ما يكون على الذين يتقاضون أعلى الرواتب ولا داعي للقلق كثيراً عليهم لأن مداخيلهم العالية تجعل من المستبعد ان يغيروا عاداتهم في الانفاق كثيراً للتعويض عن آثار هذا الضغط.

وعلى النقيض من هذا الضغط فان ذوي الاجور المتدنية سيحصلون على زيادة في الاجور بنسبة 4.3 في المئة تفوق معدل التضخم في ابريل/نيسان المقبل حين يبلغ الحد الأدنى لاجور المعيشة 7.83 جنيه استرليني في الساعة. 

رابعاً ، يبدو ان هناك سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن نمو الانتاجية سيعود الى مستوياته قبل الأزمة المالية. ويعكس هذا الاتجاه التطورات الحاصلة في سوق العمل بزيادة النقص الحاد في الأيدي العاملة الماهرة في بعض القطاعات والتعويض عنه بزيادة الانتاجية.

كما ان العمالة الكاملة تؤدي الى زيادة الاجور ومعها زيادة الحوافز للاستثمار في تكنولوجيات وبرامج تدريب تتيح تشغيل عدد أقل من الأيدي العاملة. ومع زيادة الانتاجية تتوفر موارد أكبر لزيادة الاجور.

واخيراً فان اطوار النمو تنتهي عادة بعودة الضغوط التضخمية التي تستلزم رفع اسعار الفائدة للحد من الطلب. ولكن بنك انكلترا لا يبدو في عجلة من أمره هذه المرة لأن هناك ما يكفي من السعة الاحتياطية في اوروبا والصين للمساعدة في ضبط التضخم. في هذه الاثناء من المرجح ان تكون الأتمتة والذكاء الاصطناعي قوة كبيرة ضد التضخم في السنوات المقبلة. ولذلك من الجائز ان تُرفع اسعار الفائدة قليلا في السنة الجديدة ولكن ليس الى حد يعرقل نمو الاقتصاد. 

ورغم هذه الصورة الوردية فان هناك مطبات على الطريق. ومنها احتمال دخول مفاوضات بريكسيت طريقاً مسدوداً بآثار اقتصادية مدمرة ، أو حدوث انهيار في الأسواق المالية أو ربما وقوع حدث جيوسياسي كارثي يعكر الهدوء الاقتصادي الحالي. ولكن الوقت مناسب في هذه الاثناء لاقصاء التشاؤم والبدء بالاستثمار في المستقبل ، بحسب المعلق الاقتصادي جريمي وارنر في صحيفة الديلي تلغراف.

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي

http://www.telegraph.co.uk/business/2017/12/27/dont-believe-pessimists-uk-economy-will-do-just-fine-2018/