تتزاحم السيارات في ميدان التحرير في العاصمة المصرية القاهرة لتجد كل منها مكانا يسمح لها بالكاد بالوجود على الطريق المكتظ بالمركبات.

وبحلول ساعة الذروة، تتصاعد أصوات آلالات التنبيه في الانطلاق إعلانا لغضب السائقين من توقف حركة المرور.

وقال تينو واكد، المدير العام لأوبر في القاهرة: " هذه هي الموسيقى التصويرية للقاهرة."

وأثناء تعليقه، كان واكد يقف على الرصيف أمام مقر أوبر في العاصمة المصرية، وحوله عشرات من الشباب الذين يرتدون سترات من الجلد وسروايل من الجينز، ينتظرون تسجيل أنفسهم للعمل كسائقين لدى أوبر.

وبدأت شركة أوبر عملها في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، على بُعد آلاف الأميال من القاهرة، إلا أنها تحقق نجاحا كبيرا في العاصمة المصرية.

وتعتبر مصر في الوقت الراهن من أسرع الأسواق نموا على مستوى العالم لأوبر الأمريكية.

وينضم للعمل لصالح الشركة أكثر من 40 ألف سائق شهريا في مصر، وفقا للشركة التي أكد لنا مديرها العام في القاهرة أن ألفي سائق ينضمون أسبوعيا للعمل بسياراتهم في خدمات أوبر.

وقال محمد، أحد الشباب الذين كانوا ينتظرون في طابور طويل أمام مقر أوبر، إنه كان يعمل سائقا لدى شركة سياحة داخلية، لكن مع انهيار نشاط السياحة في الفترة الأخيرة، بدأ يبحث عن مصدر جديد للرزق.

وأضاف أنه تعرف من أصدقائه السائقين على مزايا كثيرة للعمل لدى أوبر، آملا أن يتمكن من الحصول على "مليون جنيه، إن شاء الله" من العمل لدى الشركة.

وقال تينو واكد إن "أكثر من 40 في المئة من السائقين الذين ينضمون إلينا كانوا بلا وظيفة، ما يشير إلى أن أوبر أضافت مصدرا جديدا للدخل في مصر، خاصة وسط الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد."

ودخل الاقتصاد المصري في حالة من الكساد جراء الاضطرابات السياسية التي مرت بها البلاد عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011.

وبلغ معدل البطالة بين الشباب حوالي 30 في المئة، مع تراجع حاد في الاستثمارات الأجنبية، علاوة على جفاف منابع الدخل في قطاع السياحة.

وتستمر الزيادة في عدد السكان في مصر، بما لا يتوافق مع سرعة النمو الاقتصادي.

وزاد من معاناة المصريين العام الماضي قرار الحكومة بتعويم العملة المحلية وتحرير سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي، ما أدى إلى زيادة تقدر بالضعف على الأقل في أسعار السلع الأساسية.

وفي ظل هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية، تلقى شركات نقل الركاب، مثل أوبر، ترحيبا كبيرا من المصريين لسرعة توفير وظائف.

زحام في القاهرة
Getty Images
يعتبر تردي الحالة المرورية من أهم أسباب نجاح أوبر في مصر

وتأتي سرعة نمو أوبر في أسواق الدول النامية لتكون وجها للعملة التي يحمل وجهها الآخر انتقادات للشركة وجدل مثار حول نشاطها في أسواق أخرى.

وظهر ترافيس كالانيك، المدير التنفيذي لأوبر، في فيديو نُشر عبر الإنترنت في فبراير/شباط الماضي، وهو يناقش هيكلة الأجرة مع أحد السائقين، في الوقت الذي تواجه فيه الشركة عددا من الدعاوى القضائية ذات الصلة بحقوق العمالة.

وترددت مزاعم عن أن هناك حالات تحرش جنسي وحوادث وقعت أثناء تجارب السيارات ذاتية القيادة التي أجرتها أوبر.

ودعت حملة العام الماضي المستخدمين إلى حذف تطبيق أوبر من هواتفهم الذكية، لاستغلالها إضراب سائقي تاكسي نيويورك التقليدي.

كما لا يسير إقبال السائقين الكبير على الانضمام لأوبر في مصر دون متاعب، إذ اضطرت الشركة لقبول الدفع النقدي في أسواق أفريقيا وآسيا.

ويسدد أغلب المصريين أجرة أوبر نقدا لأن أغلبهم ليس لديه بطاقات ائتمان أو بطاقات دين، إذ يمتلك 35 في المئة فقط في مصر هذه البطاقات، حسبما قالت شبكة "ماستر كارد". كذلك يقوم 90 في المئة من المصريين بتعاملاتهم المالية نقدا.

ومن ناحية أخرى، تواجه الشركة مشكلة غياب الوعي بالتكنولوجيا لدى أغلب السائقين المصريين، وهي التكنولوجيا التي كانت سببا لنجاح أوبر في دول أخرى.

وتتوالى شكاوى عملاء أوبر في مصر من عدم قدرة السائقين على قراءة الخرائط الإليكترونية.

وقالت إحدى عميلات أوبر في القاهرة إنها اكتشفت أن السائق لا يعرف أين يقع المطار، أو كيف يمكن الوصول إليه بعد أن طلبت منه أن يقلها إلى هناك.

واعترف تينو واكد أن أصعب المشكلات التي تواجه الشركة هي الوقت الطويل الذي تستغرقه في تدريب السائقين على "كيفية استخدام التطبيق، وكيف يستخدمون هذه التكنولوجيا."

من جهة أخرى، نظم سائقو التاكسي التقليدي، الذين لم يتحولوا إلى سائقين في أوبر أو غيرها من شركات خدمة سيارات الأجرة الخاصة عبر الهاتف مثل كريم، في القاهرة احتجاجات أكثر من مرة. ويرى سائقو التاكسي أن هذه التطبيقات تلحق أضرارا بالغة بمصدر دخلهم، وسط ظروف اقتصادية قاسية.

رغم ذلك، أبدى واكد قدرا كبيرا من التفاؤل حيال نجاح أوبر في مصر وغيرها من الأسواق، مرجحا أنه سوف يستمر طالما ظلت هناك حاجة إلى وظائف، وطالما استمرت الشكوى من متاعب حركة السير في القاهرة.

وأضاف: "أكره القيادة، خاصة في القاهرة، لذلك بعت سيارتي منذ ستة أشهر، ولست نادما على ذلك."