نهاد إسماعيل من لندن: قفزت أسعار مزيج برنت المقياس العالمي في بداية الاسبوع الاثنين باتجاه 58 دولارا للبرميل محققا أعلى سعر منذ 2015. وتقول الفايننشال تايمز البريطانية ان تقلص التخمة التي تراكمت منذ اواسط 2014 بدأت بالتلاشي التدريجي البطيء.
ويبدو انه تم الالتزام بالاتفاق الذي تقوده المملكة العربية السعودية وشركاء خارج "اوبك" مثل روسيا، مما ساعد في اختفاء التخمة من السوق حسب ما قاله محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة "أوبك" يوم الجمعة الماضي.
وقال وزير النفط الكويتي عصام المرزوق، الذي ترأس اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة يوم الجمعة، إن قيود الإنتاج تساعد في تقليص مخزونات الخام العالمية إلى متوسط خمس سنوات، وهو المستوى الذي تستهدفه "أوبك".
وقال وزير الطاقة الروسي إنه من غير المتوقع اتخاذ قرار قبل يناير بشأن تمديد خفض الإنتاج بعد نهاية مارس، وإن كان وزراء آخرون رجحوا أن قراراً مثل هذا قد يتخذ قبل نهاية العام الجاري.
وحسب مصادر ترتبط ببريتيش بتروليوم البريطانية في سنغافورة فإنّ "السوق النفطي في طريقه للتوازن".
العنصر الجيوسياسي
القلق الجيوسياسي بسبب التهديدات العراقية والتركية لكردستان العراق لعقدها الاستفتاء للانفصال عن بغداد ساهم في دفع الأسعار للأعلى.
ونقلت وكالات الانباء ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حذر اربيل من اغلاق انابيب النفط التي تسيطر عليها تركيا وتنقل النفط الكردستاني للأسواق الأوروبية من موانيء تركية. ولكنه لم يقل بالتحديد انه قرر ايقاف 550 الف برميل يوميا من الوصول الى ميناء جيهان على البحر الأبيض المتوسط.
وصعد مزيج برنت الاثنين بنسبة 1.3 % ليصل الى 57.60 دولار للبرميل وهذا يمثل ارتفاعا بنسبة 30% منذ يناير 2017. ورغم الضغط على الأسعار بسبب ارتفاع قيمة الدولار الصرفية اليوم الاثنين، الا ان النفط الخام حافظ على المكاسب التي حققها في التعاملات.
ووصل مزيج برنت الى 58.37 دولارا للبرميل في 3 يناير 2017 كانون الثاني أول ايام التعامل في العام الجديد.
وآخر مرة سجل برنت سعر فوق 57 دولارا كان قبل أكثر من عامين. وبنفس الوقت ازداد حجم العلاوة بين مزيج برنت وغرب تكساس الوسيط لتصل الى 6.78 دولارا للبرميل وهذه العلاوة التي يتمتع بها برنت وصلت الآن اقصى مستوى منذ اغسطس آب 2015.
وأتى ارتفاع مزيج برنت لأعلى مستوى في 7 شهور بعد ان اعلنت منظمة اوبك بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا انهما يعملان على التخلص من الفائض في السوق بينما عبر المتعاملون عن قلقهم ازاء انقطاع الامدادات بسبب الاستفتاء في كردستان. حيث ارتفعت العقود المستقبلية 1.4% في لندن وهذه أعلى نسبة منذ 2 فبراير شباط الماضي.
ارتفاع الطلب الأميركي وكذلك الانتاج
وثمة عنصر آخر ساهم في انعاش الأسعار كان ارتفاع الطلب الأميركي لا سيما بعد استئناف مصافي التكرير نشاطها بعد الاغلاقات بسبب اعصار هارفي.
وتشير الانباء إلى أن مصافي التكرير حول خليج المكسيك والكاريبي استأنفت نشاطاتها العادية بعد التوقف لعدة أسابيع بسبب الإعصارين "هارفي" و"إيرما".
وفي الوقت ذاته تراجعت أعمال الحفر الأميركية وتناقص عدد الحفارات حسب تقارير شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية.
وأشارت بيانات شركات الطاقة الأميركية أن عدد منصات الحفر العاملة انخفض بواقع سبع حفارات في الأسبوع المنتهي في 15 سبتمبر، ليصل العدد الإجمالي إلى 749 منصة، وهو أدنى مستوى من يونيو حزيران بحسب ما قالته شركة "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة اواسط هذا الشهر.
النفط الصخري يتفادى الخسائر في سعر فوق 50 دولار للبرميل وحسب مصادر اميركية قد يرتفع انتاج حوض بيرميان الى 2.9 مليون برميل يوميا بحلول نهاية 2018 من الانتاج الحالي البالغ 2.4 مليون برميل يوميا حسب بلومبيرغ.
ولعام 2018 تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب بواقع 1.4 مليون برميل يوميا أما فيما يتعلق بالمخزونات الأميركية يقول تقرير وكالة الطاقة الدولية ان مخزونات المشتقات المكررة انخفضت بسبب اعصار "هارفي" ولكن مخزونات النفط الخام ارتفعت بواقع 5.9 مليون برميل.
وهبطت مخزونات الغازولين بواقع 8.4 مليون برميل بينما توقع المحللون هبوطا بواقع 2.1 مليون برميل.
ومن اللافت للانتباه ان استيراد الولايات المتحدة من النفط بلغ ادنى مستوياته اوسط سيبتمبر ايلول حيث هبط بواقع 1.2 مليون برميل يوميا الى 5.7 مليون برميل وهذا أدنى مستوى في تاريخ اميركا الحديث.
لا بديل لتمديد فترة تخفيض الانتاج
ولكي تستمر الأسعار في التعافي والمحافظة على مستوى سعري قريب من 60 دولارا، يتعين على "اوبك" وشركاؤها خارج اوبك الاستمرار في تطبيق سياسة التخفيض وتمديدها حتى نهاية عام 2018. وفي الاجتماع الأخير الجمعة 22 سيبتمبر ايلول الحالي لم تتخذ اوبك قرار بالتمديد واكتفت بالقول انه سيتم مراجعة الموضوع في اجتماع لاحق.
واذا لم يتم اتخاذ قرار حاسم بشأن الاستمرار في التخفيض ستتراجع الثقة وستنخفض الأسعار. ومن المتوقع ان تقوم "أوبك" باعادة النظر في اعفاء نيجيريا وليبيا من التخفيض وكلاهما ينتج اقصى كميات ممكنة.
ويرى المتعاملون في السلع النفطية ان العقود الآجلة قد تصل 63 دولارا للبرميل بحلول ديسمبر (كانون أول) 2017.
واللافت أن البيانات الشهرية من منظمة "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية أعطت الأسواق اشارات تفاؤلية وايجابية تتعلق بارتفاع الطلب العالمي على النفط مع تراجع التخمة في السوق نتيجة للاتفاق بين "اوبك" بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا على تخفيض الانتاج.
وضخّت اوبك 32.76 مليون برميل يوميا خلال شهر أغسطس حسب تقديرات "اوبك" في تقريرها الشهري وتتوقع "اوبك" انتاج 32.80 مليون برميل يوميا خلال عام 2018 لتلبية الطلب العالمي. ولا شك أن قرار تمديد اتفاق التخفيض سيخلق مصاعب داخل "اوبك" ذاتها حيث ان عدد من الاعضاء يسعون لزيادة الانتاج لأقصى ما يمكن للحصول على المزيد من الايرادات مثل ليبيا ونيجيريا والعراق بسبب الأزمات الاقتصادية.
والخطر على الأسعار يكمن في الفشل لتمديد الاتفاق وهذا سيعطي الاسواق اشارة سلبية مما سيؤدي حتما الى تراجع الأسعار. والعنصر الآخر الذي لا يمكن تجاهله هو الانتاج الأميركي المتصاعد.
ومن المتوقع ان تكون آسيا المستورد الرئيس والأكبر لنفط الشرق الأوسط. وسترتفع الصادرات من الشرق الأوسط لآسيا 5.7% حسب تصريحات محمد باركيندو الأمين العام لأوبك ويتوقع باركيندو ان يترفع الطلب الآسيوي بواقع 7.5 مليون برميل يوميا بحلول 2040.
التعليقات