نهاد إسماعيل من لندن: يتوقع خبراء أن تلعب كازاخستان دوراً مهماً في الساحة النفطية وأن تصبح منتجا كبيرا خلال سنوات قليلة.

ورغم انها ليست عضوا في منظمة "أوبك" الا انها شاركت في اتفاقية تخفيض الانتاج اواخر عام 2017 بين روسيا ومنظمة "أوبك" وهذا الاتفاق انقذ أسعار النفط من الانهيار.&

وتعهدت بتخفيض الانتاج بواقع 20 الف برميل يوميا وتبقى مستعدة للمشاركة في اتفاقات جديدة من شأنها دعم الأسعار.

وأعلن وزير الطاقة الكازاخستاني، قنات بوزومبايف، الاسبوع الماضي أن بلاده مستعدة لخفض إنتاج النفط في إطار اتفاقية دول "أوبك وشركاء من خارج المنظمة"، التي تحاول حاليا الاتفاق بشأن خفض الإنتاج في العام المقبل.

تعاون وشراكات مع دول الخليج العربي

ولكن يجب الاشارة الى تنامي العلاقات الاقتصادية بين كازاخستان النفطية ودول الخليج العربي المنتجة للنفط.

وأشارت وسائل اعلام عربية إلى تنامي العلاقات الاقتصادية بين كازاخستان ودول الخليج العربية كالسعودية وقطر والامارات.

علاقات استثمارية مع السعودية والامارات

في ابريل 2017 بحث وزير الخارجية الكازاخستاني، مع وزيري الخارجية والطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعوديين، سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.

وأكد خيرت عبد الرحمانوف وزير الخارجية الكازاخستاني، حرص بلاده على استمرار التعاون والتشاور السياسي والاقتصادي بين آستانة والرياض، داعياً قطاع الأعمال السعودي، للاستثمار في بلاده وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في مختلف المجالات.

وتشير وسائل اعلام عربية إلى أنه تم تنفيذ 11 اتفاقية موقعة بين البلدين، وإطلاق استثمارات في مجال الإنتاج الزراعي والصناعي والغذائي، منوهة بأن قيمة المبلغ الإجمالي للمشاريع المشتركة بين الطرفين تتجاوز 1.3 مليار دولار.

وأشارت إلى أن البلدين، وقعا أخيراً مذكرة تفاهم في مجالات حيوية؛ منها الزراعة والثروة الحيوانية، فضلاً عن اتفاقية للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.

وفرص الاستثمار في كازاخستان تشمل القطاع الزراعي والمنتجات الزراعية والثروة الحيوانية.

وحسب مصادر اماراتية اقتصادية بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية الحكومية والخاصة في كازاخستان ملياري دولار في نهاية عام 2016.

وتشير الأرقام المتوافرة إلى أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وكازاخستان سجل 246 مليون دولار خلال عام 2016.

وقال رئيس الوزراء الكازاخي بخيتجان سجينتايف: "ان مؤتمر أستانا للاستثمار الدولي في ابريل حظي بمشاركة كبيرة من دول العالم، وذلك على هامش منتدى طريق الحرير العالمي خلال 5 أشهر فقط من عام 2018، حيث تم التوصل إلى اتفاقات لتنفيذ 69 مشروعًا جديدًا مع كبار المستثمرين، بما في ذلك الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة و 10 شركات وطنية من الصين وتركيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، مشيرا إلى أنه تم تنفيذ برنامج التعاون الصناعي والاستثماري الكازاخستاني الصيني بنجاح، والذي يتضمن 51 مشروعًا بقيمة تصل إلى 27.7 مليار دولار أمريكي مجتمعة".

وأضاف بخيتجان إنه "خلال العام 2018 سيتم الانتهاء من 54 مشروعا بمبلغ إجمالي قدره 3.9 مليار دولار أمريكي. وسيتم إطلاق ما مجموعه 63 مشروعًا بقيمة 6.8 مليار دولار أميركي".

النفط والغاز يشكلان العمود الفقري في اقتصاد كازاخستان

تتمتع كازاخستان بموقع جغرافي ممتاز يمتد من بحر قزوين غربا الى الحدود الروسية الصينية شرقا. ومدينة آستانا هي العاصمة الرسمية ويبلغ عدد سكان كازاخستان &18.4 مليون نسمة حسب مصادر البنك الدولي.

يعتمد اقتصاد كازاخستان بشكل كبير على الاحتياطات الهيدروكربونية لا سيما في حوض بحر قزوين. تنتج كازاخستان اليورانيوم ولديها قطاع زراعي كبير.

وتستثمر الدولة في تطوير النفط ومصادر الغاز. وتم تخصيص 37 مليار دولار لتوسيع حقول تانجيز Tengiz للنفط والغاز لرفع الانتاج السنوي بمقدار 12 مليون طن ليصل اجمالي الانتاج 39 الى 40 مليون طن سنويا. وتم الاعلان مؤخرا عن استثمار بقيمة 5 مليار دولار.

حقل كاشاجان Kashagan &الذي تديره شركة النفط الوطنية الايرانية NIOC سينتج 13 مليون طن سنويا خلال العامين القادمين.

وحسب مصادر أوبك فإن انتاج كازاخستان من النفط يبلغ 1.82 مليون برميل يوميا وسيرتفع الى 1.87 مليون برميل يوميا. ومن المخطط ان يتم ربط خط انابيب باكو – تبليسي - جيهان عام 2019 حسب وزير طاقةكازاخستان قنات بوزومبايف &الذي قال في اكتوبر الماضي ان انتاج النفط الخام والمكثفات بلغ 74.5 مليون طن في الفترة بين يناير الى اكتوبر 2018 وهذا يمثل زيادة بنسبة 4.8% عن انتاج الفترة ذاتها عام 2017. وحسب مصادر اعلامية يتم تصدير &80% من اجمالي الانتاج.

مؤشرات اقتصادية ايجابية

كدولة متطورة وناشئة تعتبر كازاخستان دولة غالبية سكانها من ذوي الدخل المحدود. أي مداخيل منخفضة ودون الوسطى ولكن هذا قد تغير الان. فأصبحت دولة ذات مداخيل عالية. ارتفع دخل الفرد 6 اضعاف خلال الخمسة عشر عام الماضية. وتراوح اجمالي الانتاج من 83.66 مليار دولار عام 1990 ووصل الى 236 مليار دولار عام 2013. اي أنه شهد قفزة عالية في السنوات الأخيرة.

خلال السنوات العشرين الماضية، جذبت كازاخستان استثمارات أجنبية مباشرة بحجم 300 مليار دولار.

العملة المحلية "التينغ الكازاخستاني" ترتبط بالروبل الروسي وتبلغ قيمتها مقابل الدولار حوالي 372 تنج كازخستاني للدولار حسب ارقام سيبتمبر 2018.

التحديات التي تواجه كازاخستان تشمل القضاء على الفقر، والتعافي من الركود الاقتصادي 2014-2015 بسبب انهيار اسعار النفط. &انتعاش اسعار النفط عام 2017 ساعد في الانتعاش الاقتصادي.

وكبقية دول النفط في الشرق الأوسط، فإنّ كازاخستان تحتاج الى اصلاحات اقتصادية وتنويع الاقتصاد وذلك من خلال تقليل الاعتماد على النفط كالمصدر الرئيس للدولة. وكذلك تشجيع وتحفيز القطاع الخاص من خلال اصلاحات وتشريعات تخلق بيئة مناسبة للاستثمار المحلي وجذب الاستثمارات الأجنببية.

برامج تنموية تقلل الاعتماد على النفط

وتطرق رئيس جمهورية كازاخستان نور سلطان نزاربايف، في خطابه للشعب في اكتوبر 2018 الى نقاط هامة لتنمية الاقتصاد والمباشرة باصلاحات جذرية.

وحدد الهدف الاستراتيجي البعيد المدى وهو دخول البلد بحلول العام 2050 في عداد الدول الـ30 المتقدمة في العالم، حيث تم البدء عام 2014 في تنفيذ البرنامج الشامل “نورلي جول/الطريق إلى المستقبل” الذي يهدف إلى تحديث البنية التحتية للبلاد.

كما تم إصدار خطة الأمة “100 خطوة ملموسة” من اجل التنمية المستدامة ولتحقيق هذه الغاية سيتم تخصيص 96 مليار تنغي سنوياً (260 مليون دولار) من الميزانية الجمهورية للفترة 2019-2021. وتم طرح برامج للقضاء على الفقر من خلال “خارطة طريق الأعمال 2010 &– 2020″.

فضلا عن ذلك تم تخصيص 500 مليار تنغي (1.3 مليار دولار) إضافية لدعم الصناعة التحويلية والصادرات غير المواد الخام خلال السنوات الثلاث القادمة.

وتشمل برامج القضاء على الفقر رفع الإقراض للاقتصاد، وخاصة قطاع الصناعات التحويلية والشركات الصغيرة والمتوسطة.

اصلاحات هيكلية وتنويع الاقتصاد

حتى البلدان العربية المنتجة للنفط مثل السعوددية ايقنت انه لا بديل عن تنويع مصادر الدخل وطرحت مشاريع مستقبلية لتحقيق الغاية مثل رؤية 2030 ونيوم. النفط الخام سوف لن يبقى للأبد وحسب مصادر البنك الدولي يبقى اقتصاد كازاخستان عرضة للصدمات الخارجية.&

ومنذ انهيار اسعار النفط في صيف 2014 تراجع النمو الاقتصادي في كازاخستان ونزل الى 0.4% عام 2016. ومع تعافي الأسعار بدأ الاقتصاد يتحسن ونما 4.3% في التسعة شهور الأولى عام 2017.

وهذا بدوره ادى الى انتعاش قطاعات البناء والصناعة والتجارة والقطاع الزراعي.

وحسب المركز المالي العالمي في آستانا اعترف وزير الاقتصاد الوطني تيمور سليمانوف في اكتوبر 2017 أن الاقتصاد يعتمد الى حد كبير على النفط والغاز وأردف بالقول "الاستثمارات التي دخلت مجالات البنية التحتية خارج اطار النفط والغاز لم تكن كافية وهذا هو السبب الرئيسي في عدم نجاح برامج التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الصناعة الهيدروكرونية".

هذا الاعتراف الصريح الواضح سيحفز الحكومة على فعل المزيد للعمل على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الطاقة. هذا لا يعني ان الغاز والنفط غير مهمين ولكن بقاء الاقتصاد عرضة اللصدمات الجيوسياسية وانتاج اقصى ما يمكن من النفط الأمر الذي يساهم في رفع التخمة في اسواق النفط العالمية ويخلق مشاكل لاقتصادات الدول التي تعتمد ايراداتها على النفط.

ولا يزال العمل يسير لتعزيز قوة التشريعات الوطنية مع القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية، وزيادة الشفافية، وتحسين حماية حقوق الملكية، وضمان سيادة القانون وتشجيع المنافسة والحد من الاحتكار على أساس معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتماشي مع المعايير والأنظمة الدولية، ومع افتراض ان الاصلاحات الهيكلية ستنجح سيتم مواصلة برامج التنويع الاقتصادي مما يخلق الظروف للنمو الاقتصادي.