لندن: تعول السلطات البريطانية على لقاح ضد فيروس كورونا المستجد طورته شركة أسترازينيكا بالتعاون مع جامعة أكسفورد وحصل على ترخيص هيئة الأدوية، لتسريع حملة التلقيح التي بدأت في مطلع الشهر على أمل القضاء بأسرع ما يمكن على فورة إصابات نسبت إلى سلالة جديدة للفيروس.

وبريطانيا هي أول دولة ترخص لهذا اللقاح المنتظر بترقب شديد لأسباب عملية، إذ أنه أقل كلفة بكثير من لقاح فايزر/بايونتيك الذي بدأ توزيعه، ويمكن الحفاظ عليه في درجات حرارة تراوح بين درجتين وثماني درجات مئوية تؤمنها البرادات العادية، ما يسهل عملية التلقيح على نطاق واسع.

وتسجل بريطانيا التي تعتبر من أكثر الدول تأثرا جراء فيروس كورونا المستجد مع تخطي عدد الوفيات 71500، مستويات قياسية جديدة من الإصابات في وقت باتت مستشفياتها على شفير استنفاد طاقاتها وأعادت السلطات فرض الحجر المنزلي على قسم كبير من السكان.

وأعلنت وزارة الصحة في بيان أن ترخيص وكالة تنظيم الأدوية والمنتجات الصحية "أعقب تجارب سريرية صارمة وتحليلا معمقا للبيانات من قبل خبراء الوكالة، أفضت إلى أن اللقاح يستوفي معاييرها الصارمة المتعلقة بالسلامة والجودة والفاعلية".

وسيبدأ استخدام اللقاح اعتبارا من 4 يناير في المملكة المتحدة التي أوصت على مئة مليون جرعة.

وأثنى رئيس الوزراء بوريس جونسون على "انتصار للعلم البريطاني" معلنا على تويتر "سنلقح الآن أكبر عدد ممكن من الناس بأسرع ما يمكن".

ولتحصين أكبر شريحة ممكنة من السكان، سيعتمد فارق زمني كبير بين الجرعتين الضروريتين من اللقاح، يصل إلى 12 أسبوعا.

وأوضح وزير الصحة مات هانكوك عبر شبكة سكاي نيوز أن "العلماء ومسؤولي الهيئات الناظمة درسوا البيانات وخلصوا إلى أنه يتم الحصول على ما يعرف بـ+حماية عالية الفعالية+ منذ الجرعة الأولى".

وتتركز حملة التلقيح البريطانية على تسع فئات تمثل 99% من الوفيات، تضم المقيمين في دور المسنين والعاملين الصحيين والبالغين أكثر من خمسين عاما والأشخاص المعرضين.

وهذا ثاني لقاح يحصل على الضوء الأخضر من وكالة تنظيم الأدوية والمنتجات الصحية بعد لقاح فايزر/بايونتيك. وتم حتى الآن تلقيح أكثر من 600 ألف شخص منذ أول لقاح حقنت به مارغريت كينان البالغة 91 عاما فجر 8 ديسمبر في كوفنتري.

ويشكل التلقيح رهانا كبيرا لحكومة بوريس جونسون التي تواجه انتقادات شديدة لإخفاقاتها في التعاطي مع الجائحة.

وإزاء سرعة انتشار العدوى بالسلالة الجديدة من الفيروس التي زادت بما يصل إلى 74% بحسب دراسة بريطانية، لم يخف جونسون أن التلقيح يشكل الأمل الرئيسي للخروج من تدابير العزل المحلية التي تنهك السكان وتقوض الاقتصاد.

ويعتمد لقاح أسترازينيكا/أكسفورد على نسخة موهنة من فيروس شائع لدى القرود تم تعديله جينيا. ويعمل الفيروس بطريقة وصفت بـ"حصان طروادة"، فيمدّ الخلايا بمواد جينية تعطيها أمرا بمهاجمة فيروس كورونا المستجد.

ويؤمن لقاح أسترازينيكا "حماية بنسبة مئة بالمئة" ضد الأشكال الخطيرة من وباء كوفيد-19.

وكان المختبر البريطاني أعلن في نوفمبر لدى كشف النتائج المرحلية للتجارب السريرية، أن لقاحه فعال بنسبة متوسطة قدرها 70%، في مقابل أكثر من 90% للقاحي فايزر/بايونتيك وموديرنا.

لكن هذا المتوسط كان ينطوي على تباين كبير بين طريقتين متّبعتين، إذ ترتفع نسبة الفاعلية إلى 90% لدى المتطوعين الذين تلقوا في المرة الأولى نصف جرعة وبعد شهر جرعة كاملة، وينخفض إلى 62% لدى مجموعة ثانية تم تلقيحها بجرعتين كاملتين.

وأثارت هذه النتائج انتقادات لأن التلقيح بنصف جرعة تم بالخطأ، في حين أن الطريقة الثانية لم تطبق سوى على مجموعة محدودة، ما دفع المختبرات إلى القيام بأبحاث إضافية.

والتلقيح الذي حصل على الضوء الأخضر سيتم بواسطة جرعتين كاملتين، وأكد المسؤول عن المشروع البروفسور أندرو بولارد للبي بي سي أن هناك "بيانات متينة جدا" تدعم هذه الطريقة في التلقيح، مضيفا "لكن في نهاية المطاف، سيأتي اللقاح بمفعوله عند حقنه في أذرع الناس".

وأكد أنه ليس ثمة "دليل" يفيد بأن اللقاح غير فعال على السلالة الجديدة من الفيروس.