بوينوس ايرس: أعلن منتجو اللحوم في الأرجنتين، رابع أكبر البلدان المصدّرة للحم البقر في العالم، التوقف لأسبوع عن بيع منتجاتهم ردا على قرار حكومي بتعليق تصدير هذه المنتجات لشهر بهدف احتواء الارتفاع الكبير في أسعارها.
وقد قررت لجنة الاتصال للكيانات الزراعية التي تمثل المنتجين الزراعيين والشركات، "وقف الاتجار بالمواشي بكل فئاتها" اعتبارا من الخميس وحتى 28 أيار/مايو.
وكانت الحكومة الأرجنتينية أعلنت مساء الاثنين تعليق تصدير اللحوم الأرجنتينية "لتنظيم القطاع وتقييد ممارسات المضاربة وتجنب التهرب الضريبي في التجارة الخارجية".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أكد الرئيس ألبرتو فرنانديز أن الأرجنتين لا يمكنها قبول الارتفاع الأخير في أسعار اللحوم في بلد يعاني منذ ثلاث سنوات من الركود والتأثير الاقتصادي السلبي لوباء كوفيد-19.
وقال فرنانديز للإذاعة العاشرة الأرجنتينية "قضية اللحوم خرجت عن السيطرة. السعر يرتفع كل شهر من دون مبرر. علينا السيطرة على الوضع".
واتخذت الحكومة القرار بسبب التأثير القوي لارتفاع الأسعار على التضخم في الأرجنتين، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم والذي زاد بنسبة 17,6 في المئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، وفقاً لمعهد إحصاءات "إنديك".
وارتفعت كلفة المعيشة بنسبة 46,3 في المئة في الأشهر الـ12 الماضية، لكن أسعار لحوم البقر في نيسان/أبريل كانت أعلى بنسبة 65,3 في المئة مقارنة مع تلك المسجلة خلال الشهر عينه في 2020، بحسب المعهد الأرجنتيني لترويج لحوم البقر.
وبلغ معدل استهلاك الفرد في الأرجنتين للحوم البقر والعجل 38 كيلوغراماً في عام 2019، في معدل هو الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ويفوق ذلك المسجل في الولايات المتحدة بـ12 كيلوغراماً.
وتُعد الأرجنتين أيضا رابع أكبر مصدّر للحوم البقر في العالم، وترتدي عائدات هذه الصادرات أهمية حيوية لاقتصاد البلاد.
وفي عام 2020، صدّرت الأرجنتين ما قيمته 3,37 مليار دولار من لحوم الأبقار وجلودها، بانخفاض قدره 16,5 في المئة مقارنة بعام 2019، بشكل أساسي إلى الصين وألمانيا وإسرائيل، وفقًا لمعهد "إنديك".
لكن بعدما بات الفقر يطاول 42 في المئة من الأرجنتينيين، يحاول فرنانديز خفض تكلفة المعيشة من خلال تطبيق ضوابط على الأسعار من خلال الاتفاقات مع قطاعات الأعمال.
وتبيع مصانع لمعالجة اللحوم بعض المنتجات بأسعار مخفضة، لكن فرنانديز وصف ما تقدمه هذه المصانع بالـ"فتات" إذ لا تتعدى هذه الكميات "ثمانية آلاف طن فيما نأكل هنا 200 ألف طن شهريا" من اللحوم.
وقد واجهت خطوة الحكومة انتقادا من ميغيل سكياريتي رئيس غرفة الصناعة والتجارة الأرجنتينية للّحوم ومشتقاتها التي تقدّر استهلاك الفرد من لحوم الأبقار في البلاد بـ49,2 كيلوغراماً.
وقال سكياريتي لوكالة فرانس برس إن "هذا الاجراء مضرّ للغاية بالأرجنتين. لا يمكن تحميل قطاع يعمل فيه أكثر من مئة ألف شخص المسؤولية عن التضخم".
وأشار إلى أن قيودا سابقة على صادرات اللحوم فُرضت مبدئيا لمدة ستة أشهر في العام 2006 خلال رئاسة نيستور كيرشنر لكنها استمرت عشر سنوات.
وأضاف "نعلم أن هذا تسبب في خسارة 12,5 مليون رأس (ماشية) وفقدان 19 ألف وظيفة وإغلاق 150 مصنعا أعيد فتح 70 منها فقط".
وجاء رد الفعل العنيف من منتجي اللحوم سريعاً.
وقال رئيس الجمعية الريفية الأرجنيتينية دانييل بيريغرينا خلال مؤتمر صحافي "القرار يدمّر صورة الأرجنتين كمزود موثوق به وسيؤدي مجددا إلى تسليم الأسواق لمنافسينا الرئيسيين".
وقالت الخبيرة الاقتصادية في أميركا اللاتينية لدى شركة "كوفاس" الفرنسية للتأمين الائتماني باتريشيا كراوس لوكالة فرانس برس إن "البرازيل يمكن أن تستفيد بسبب أسعارها التنافسية".
وليست هذه هي المرة الأولى التي يُضرب فيها قطاع الصناعات الزراعية احتجاجاً على الإجراءات الحكومية.
فقد أقيم إضراب لمدة أربعة أشهر في عام 2008 عندما أعلنت الرئيسة آنذاك كريستينا كيرشنر، نائبة الرئيس حاليا، عن خطة لزيادة الضرائب على الصادرات.
وخفتت حدة التوتر عندما رفض البرلمان المبادرة في النهاية.
وقال خورخي كيمز من الاتحادات الريفية الأرجنتينية "دعونا نأمل ألا تتعمق الأزمة مثلما حدث في 2008، لا نريد أن تتصاعد لكننا سندافع عن مصالح الصناعة".
التعليقات