علي محمد سعيد من عمّان: ما زالت رحلة الشاعر حيدر عبد الخضر , هذه الرحلة المفعمة بالمرارة والخذلان تتصدر مأساة الثقافة العراقية وقد مر هذا الشاعر الشفاف والجميل بسلسلة من الانتكاسات الحياتية والصحية التي أهلته لان يكون المعبر الاول عن وجع ومرارة الثقافة العراقية فبعد كل تلك الرحلة الشاقة والمتعبة وبمساعدة بعض الاصدقاء جاء الشاعر الى عمان لكي يعالج نفسه من مرض مزمن حاصره منذ سنتين فاذا به يواجه في كل اسبوع مرضا اخر اشد قسوة والما على روحه الطرية وبعد ان استنزفته تلك الامراض ماديا ومعنويا فوجئ الشاعر بمرض اخر جعله محاصرا بالموت والفقدان في كل لحظة من لحظات وجوده , مرض لم يكن في حسبانه انه سيجعل ايامه ايام رعب وجحيم .. مرض جعله يفقد الامل حتى بالعودة الى الوطن , ولقد رأيته وهو يعتصر روحه وجسده النحيل في استعادة احلامه وذكرياته مع الاهل والاصدقاء وهو على فراش الموت غريبا ووحيدا ليس له سوى دمعة شاحبة تنساب على مباضع الاطباء التي تركت وشمها وطعناتها على جسده النحيل وكأنه يتمنى لحظة واحدة يستنشق فيها هواء الوطن ويطلق صوته في فضائه الذي طالما حلق فيه بكلماته البريئة .. فمن سرير الى سرير ومن مستشفى الى اخرى صاحبت هذا الكائن المفعم بالكبرياء والعنفوان الذي يقهر الالم بأبتسامته المعهودة داعيا السماء ان تمنحه يوما واحدا فقط لا لشي سوى ان يعود لوطنه حتى وان كان محملا بالامراض والعلل خوفا ان يموت بعيدا عن ارضه وطفولته الاولى , هذه دعوة لكي نقف ونتضامن مع هذا الشاعر المبدع المسكون بالالم المخلص لوطنه وشاعريته والذي تحمل ما لم يتحمله اي شخص , هي دعوة مؤطرة بالمحبة الى جميع اصدقاء الشاعر الذين رافقوه في هذه الرحلة المفعمة بالمرارة والخذلان والانكسار والذي ظل فيها دائما مبتسما يطلق كلماته البيضاء في صباحات الوطن المضرجة بأهات اليتامى والامهات.

[email protected]