أرونداتي تعود الى العمل الروائي بعد عقد من عملها كناشطة

نيودلهي (رويترز) - بعد عشر سنوات من فوزها بجائزة بوكر عن روايتها الاولى وبعد عقد من الزمان من نشاطها كواحدة من أبرز المعارضين الاجتماعيين ونشطاء البيئة في الهند تعتزم الكاتبة الهندية أرونداتي روي العودة مرة أخرى الى العمل القصصي. وفازت روي بجائزة بوكر عام 1997 عن أولى رواياتها quot;اله الاشياء الصغيرةquot; The God of Small لكنها نذرت نفسها منذ ذلك الحين للعمل بعيدا عن الادب لتشن حملات ضد اقامة السدود الكبيرة في وطنها وضد موضوعات عالمية تتراوح بين العولمة وحرب العراق. ونشرت مجموعات عديدة من المقالات من بينها quot;علم جبر العدالة اللانهائيةquot; The Algebra of Infinite Justice وquot;دليل الشخص العادي الى الامبراطوريةquot; An ordinary Person's Guide to Empire والان تقول ان الوقت قد حان للانتقال الى فصل اخر من حياتها. وقالت في مقابلة مع رويترز quot;خلال هذه السنوات العشر كنت ـ ومعي الكثير من الناس ـ جزءا من عملية تعرية عولمة الشركات. quot;لكنني أشعر الان أن الجدل الاساسي (حول هذه القضية) قد حدث وستضعف موهبتي ككاتبة اذا واصلت العمل على هذا المنوال. quot;ككاتبة يتعين علي أن أذهب الى مكان مختلف الان. وكانسانة ... أريد أن أترجل ... الجدل حدث وما زال يتعين خوض المعركة وذلك يتطلب مجموعة مختلفة من المهارات.quot;
ولم تقل روي الكثير عن كتابها القادم فيما عدا أنها أمضت الكثير من وقتها في كشمير المضطربة. بل انها حتى ليست متأكدة من نجاح مشروعها الجديد لكنها قالت انها ستنخرط في تذوق عملية الكتابة مجددا. يذكر أن الكاتبة البالغة من العمر 45 عاما أصبحت البطل الملهم بالنسبة للنشطاء الشعبيين في الهند من خلال معارضتها للتجارب النووية الهندية عام 1998 وكذلك معارضتها لسد نورمادا المثير للجدل

جوزف حرب.. مشاعر واسئلة وحركة الزمن..والمرأة الختيارة


بيروت من جورج جحا (رويترز) - مجموعة الشاعر اللبناني جوزيف حرب الاخيرة quot;طالع ع بالي فلّquot; المكتوبة بالمحكية اللبنانية تحمل قصائدها كثيرا من سمات شعره السابق.. كتلك الجدية الحزينة التي تشبه العبوس والنظر الى الحياة بتقطيب لا ظلّ لابتسامة فيه. لكن المجموعة تحفل بمشاعر اكثر حرارة وتأثيرا في النفس.

من ابرز ما يميز هذه القصائد عن بعض نتاجه السابق كمجموعة quot;المحبرةquot; الضخمة المكتوبة بالفصحى.. ايحائية قوية تحمل دفئا او فلنقل حرارة دون لهب تنبعث من موضوعات تنصب على حركة الزمن والايام الافلة وما يحفره ذلك في الارواح والابدان. ومن جديدها ان الحزن فيها صار يطل علينا في صور مختلفة من الشيب والهرم والعجز وخيبات الامل ومن quot;نوافذquot; عمر اشبه بقطار يتسارع نحو محطة اخيرة.. تطول السفرة ام تقصر.

وتبقى قصائد حرب مسرحا لاسئلة وجودية طغت على بعضها في نتاج سابق له ميكانيكية ذهنية باردة لكنها في المجموعة الاخيرة استطاعت اخفاء او التخفف من قدر كبير من هذه الميكانيكية لحساب مزيد من الدفء في مشاعر وجدت سبيلها الى السطح في التعبير عن التجربة الشعورية.

واستمرت القصائد في كثير منها تعكس اتجاها عند الشاعر يتمثل في تحويل فكرة او موقف فلسفي ما الى شعر لكنه استطاع في الغالب تذويب الفكري الجامد وتحويله الى مادة شعرية دافئة موحية. صحيح ان هذه المادة لم تتحول الى لهب حارق لكنها في هدوئها الحزين قد تكون اكثر تاثيرا وبقاء من اللهب وهو قصير العمر. وقد يصعب على القارىء الا يتذكر باستمرار -من حيث الاسلوب والروح التي تسري في كثير من القصائد- الشاعر الكبير الراحل ميشال طراد الذي اهدى اليه حرب اكثر من قصيدة.

الكتاب الانيق الصقيل هو العمل التاسع بين شعر فصيح وبالمحكية لحرب صدر عن دار quot;رياض الريس للكتب والنشرquot; في 443 صفحة متوسطة القطع احتوت على ما لا يقل عن 180 قصيدة تتباين في الطول والقصر. وحرب هو الرئيس السابق لاتحاد الكتاب اللبنانيين. الغلاف ووسط الوان رحيل غسقية غلب السواد على نورها المتبقي الارجواني اللون حمل صورة تظهر رجلا يشبه الشاعر موليا يسير في اتجاه الغروب. مرة اخرى يمزج الشاعر بين المجازي والواقعي اذا انه اراد ان تاتي الصورة موضحة او منسجمة مع عنوان المجموعة quot;طالع ع بالي فلquot; بمعنى ارغب في الرحيل. والعنوان هو عنوان القصيدة الاخيرة في المجموعة. يشكل عنوان القصيدة زبدة ما فيها اذ جاءت التفاصيل اقرب الى حيثيات تؤدي اليه او اشبه بمقدمات منطقية تؤدي الى هذه النتيجة. وفي تعبير عن تجربة انسانية نرددها عربيا بصور مختلفة منذ quot;سئمت تكاليف الحياة... لزهير بن ابي سلمىquot; يقول حرب quot;عشت/ وعرفت/ حزنت/ وفرحت/ وكبرت/ وهلق/ ي هالدني/ انغمسي بموج الليل./ بيكفّي/ زهقت/ من هالكون/ زهقت من هالكل/ وطالع ع بالي فلّ.quot;

من القصائد التي سبقت الاخيرة بقليل واحدة بعنوان quot;اجملquot; تدخل في باب جردة حساب للعمر وفيها يقول quot;اجمل م شفت/ امي عشيي/ حاملي بالبيت مسبحة الصلا/ واجمل م عشت/ هاك القصص/ يللي كنت اتخيلا.quot; اولى القصائد حملت عنوان quot;كلامquot; وفيها دخول الى عالم النفس وما يضج فيه. يقول quot;جوّا م بعرف مين في/ جوا/ م بعرف مين عايش../ مين هوي../ وليش غامض../ ليش سري../ وكيف ساكن كل هالايام فيّ../ وكيف ما بعرف ش اسمو/ منين جايي../ شو بيعمل..quot; وعلى طريقة مذهب quot;الاغنوسطيةquot; او اللادرية منذ القدم مرورا بالفيلسوف الانجليزي ديفيد هيوم وصولا الى احد ابرز من حملها الينا في العربية اي ايليا ابو ماضي في quot;الطلاسمquot; حيث يصل الى خلاصة تشكل زبدة ذلك المذهب فيقول quot;كل ما ادريه اني لست ادريquot;.. يصل حرب الى القول quot;كل يللي بعرفو/ اني م بعرف.quot;

لكن مشكلة الشاعر ان هذ المجهول زاده تأرقا دون ان يستكين اليه ببرودة الموقف الفلسفي. يضيف هنا وكانه في كلام او حديث عادي كما في اسلوب كثير من شعره قائلا ان عالما من الغرباء يسكنه. quot;صرت اكتر حزن/ اكتر خوف/ اكتر اسئلي/ .../ في غربا جوا/ م بعرف مين هن/ في/ غربا فاتوا وانا نايم../ وغايب/ اذا بشعر فين بشعر كانن شي/ شبح او شي جرس/ بالعتم عم بيرن/ وبخاف لما بسمعن/ لكن اذا نسيتن بجنّ...quot;

في قصيدة quot;مهجورquot; عالم رومانسي من الوحدة والوحشة. يقول quot;نازل شتي رايق/ ع وادي شجر حور/ اصفر/ واحمر/ حط عا كتافو ضباب/ ووحدي وحزن صوتي كاني بيت مهجور/ وهوا حرّك الباب/ وغياب شمس وغيم يتمسك فيا/دموعو.. وعتم ضيّع شموعو يقلها/ ضلّي.../ هيك روحي/ وقت بتفلي.quot; قصيدة quot;سكّرquot; مثل على القصائد شبه التقريرية التي تطغى فيها الفكرة على التعبير عنها بشكل شعري مؤثر.

قصيدة quot;اناquot; تختصر كثيرا من الروح التي تسود قصائد المجموعة. انها العمر المتسارع يفاجئنا بل يصدمنا حين نراه منعكسا خارج انفسنا فنتوهم او نحب ان نتوهم ان الخلل quot;هناكquot; في المراة التي شاخت.. لا فينا نحن. يقول quot;من انا وزغير/ من زمن ستي/ والحكايي/ بعرف مرايي/وجهها يا صيف ضيعة ونسّمت بكير/ ولونها بركي بوادي.. وفي قمر غرقان فيها/ شو غرف فضة مضوايي./ ... وافترقنا../ كلمتين وبينهن عالسطر محاييي/ ولما التقينا بعدها../ شو مختيرة صارت المرايي.quot;

أمسية للشاعر العراقي سعدي يوسف بين أصدقائه في مكتبة بالقاهرة

القاهرة: جمعت أمسية غير تقليدية للشاعر العراقي البارز سعدي يوسف مساء الاحد في القاهرة كثيرا من النقاد والشعراء المصريين والعرب من أجيال مختلفة احتفاء بصدور مختارات من قصائده خلال نحو نصف قرن. وعقدت الامسية بمناسبة حضور يوسف من لندن حيث يقيم الى مصر مشاركا في (ملتقى القاهرة للابداع الشعري العربي) الذي افتتح السبت الماضي ويحمل اسم الشاعر المصري صلاح عبد الصبور (1931-1981) ويعقد تحت عنوان (الشعر في حياتنا) بمشاركة نحو مئة شاعر وباحث عربي وأجنبي. ووقع يوسف نسخا من مختاراته التي تقع في 255 صفحة وتضم نماذج من شعره في الفترة من 1957 حتى 2005 وصدرت عن مكتبة (آفاق) التي أقيمت بها الامسية بحضور نقاد بارزين منهم العراقية فريال غزول والمصريان سيد البحراوي وأحمد مجاهد والاردني محمد شاهين اضافة الى شعراء من أجيال تعتبر يوسف من أبرز رواد القصيدة الجديدة. ويعد يوسف (73 عاما) من الشعراء غزيري الانتاج فله أكثر من ثلاثين ديوانا صدر أولها عام 1952 ونال جوائز عربية وأجنبية اخرها جائزة فيرونا الايطالية لافضل مؤلف أجنبي عام 2005.

وقال يوسف في المقدمة ان انتقاء الكاتب مختارات من أعماله أمر بالغ الصعوبة مشيرا الى أنه انطلق في الاختيار من quot;الجمع بين عنصري الزمن والقيمة الجمالية. أي أنني حاولت أن أضع المنجز الجمالي في سياقه الزمني كي تسهل متابعة قيم فنية معينة عبر السنوات-عبر العقود في حالتي.quot; وأبدى سعادته بصدور المختارات في مصر التي صدر له فيها كتابه (أربع حركات) عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة منذ نحو عشر سنوات. ومن المختارات قرأ يوسف قصائد قصيرة منها (منفيون) التي كتبها في الجزائر 1979 وتقول quot;أجمل ما في المنفى-أن يصبح المنفي سلطانا-ينظم العملة والسائحات-ويلبس الثورة قفطانا.quot; كما قرأ أيضا قصيدة (وطن) المكتوبة في العام نفسه وتقول quot;أيكون أقصى الارض لي سكنا-والمخبر البدوي يتبعني..-أنى اتجهت رأيت قامته-مغروزة في صورة الوطن. زمن هو الشرطي في يده-أرض العراق شبيهة الزمن.quot;ويختتم الملتقى أنشطته مساء غد الثلاثاء باعلان الفائز بجائزة الدورة الاولى وقيمتها مئة ألف جنيه مصري (17574 دولارا



باحث فرنسي يلقي أضواء على تفاصيل الحياة اليومية في مصر القديمة


القاهرة من سعد القرش: بعيدا عن اهتمام كثير من علماء المصريات بسير وفتوحات الملوك يلقي باحث فرنسي بارز أضواء على بعض التفاصيل الاجتماعية اليومية ومنها تقاليد تناول الطعام والحفاوة بطقوس الموت حيث تظهر النساء خلالها بكامل الحلي والزينة.
ويقول فرنسوا دوما في كتابه (الحياة في مصر القديمة) إن المصريين القدماء كانوا يرتدون في حياتهم الطبيعية ملابس تختلف عن تلك التي يرتدونها في بعض المناسبات ومنها طقوس الدفن حيث كان الابن يرتدي جلد فهد أثناء دفن أبيه.

ويصف الرجال والنساء من الطبقة العليا في طيبة في الدولة الحديثة (نحو 1567 - 1320 قبل الميلاد) بأنهم كانوا متأنقين مشيرا الى ارتداء النساء في الصور الموجودة بالمقابر كامل الحلي والزينة quot;وفي فساتين منشاة ومزخرفة بالثنيات ومصنوعة من أقمشة راقية وشفافة بشكل مثير وشعر مستعار مصفف ببراعة وحلي فاخرة مكدسة بشكل لافت للنظر ولا يتم ارتداؤها بهذه الكثرة في الاحوال العادية في شوارع طيبة وسط الزوابع الترابية في هذا البلد الجافquot; الذي يقع جنوبي القاهرة بنحو 690 كيلومترا وكان عاصمة للبلاد. وصدر الكتاب الذي ترجمه الى العربية محمد رفعت عواد عن المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة ويقع في 129 صفحة كبيرة القطع ويتناول تفاصيل أخرى كالحياة في الريف والزراعة وتربية الماشية وصيد الاسماك والزينة وأنواع الغذاء والالعاب والجيش والتدين والاعياد الشعبية. وفي مقدمة الكتاب يقول محمود ماهر طه الذي راجع الترجمة إن المؤلف quot;اصطحبنا مع آلة الزمن... فرجع بنا الزمان الى الفترة من (عام) ثلاثة الاف الى 332 قبل الميلادquot;. وقامت في مصر القديمة قبل الميلاد بأكثر من أربعة الاف عام حضارات لم يؤرخ لها الى الان ثم توحدت البلاد في حكم مركزي حوالي عام 3100 قبل الميلاد على يد الملك مينا مؤسس الاسرة الفرعونية الاولى. وأصبح مستقرا لدى علماء المصريات تقسيم التاريخ المصري القديم الى ثلاثين أسرة انتهى حكم آخرها في القرن الرابع قبل الميلاد وتعاقب المستعمرون على بلد يرى باحثون أنه أطول مستعمرة في التاريخ حيث لم تتحرر مصر الا عام 1952 منذ غزو الاسكندر لها عام 332 قبل الميلاد. ويعد دوما مؤلف الكتاب من أبرز العلماء الفرنسيين المتخصصين في علوم المصريات حيث عمل في جامعة ليون ثم أصبح رئيسا لقسم المصريات بجامعة مونبلييه وشارك في انقاذ آثار النوبة في الستينيات وله حفائر واكتشافات في بعض المعابد المصرية. ويقول المؤلف إن أزياء الطبقات الدنيا كانت أقل تطورا فالبحارة الذين يتطلب عملهم الغوص في الماء quot;لم يرتدوا أي شيءquot; وفي الدولة الوسطى (نحو 2050 - 1786 قبل الميلاد) كان ارتداء المئزر شبه عام للمصريين وبخاصة الصيادون والعمال.

ويضيف أنه ابتداء من الاسرة الحادية عشرة (نحو 2133 - 1991 قبل الميلاد) كانت النساء quot;اللاتي يرتدين أجمل ما عندهن للتوجه لتقديم القرابين يضعن على أرديتهن شبكة صغيرة من اللؤلؤ الاخضر والاحمر والازرق ليكون من أسفل حاشية من الالوان. أما النساء الموسرات فكن يرتدين ما يشبه حمالة الصدر وتمر على الكتفين وتغطي الثديين. أما بعض القرويات الرشيقات فكن يكتفين بشبكة قصيرة من اللؤلؤ حول القوام ويربطن فساتينهن البيض بأشرطة رقيقة من القماش تمر بين الاثداء وعلى الاكتاف اليسرى لتعقد على الظهر.quot; ويشير الى أن النساء كن يرتدين الشعر المستعار أثناء الحفلات والاعياد أما نساء القصر والملكات فكن quot;يلجأن الى مصففات شعر متخصصات في تجعيد وتمويج الشعر الذي كان يبدو أنه قصير.quot; ويقول دوما إن الملكة القوية حتشبسوت التي كانت تتشبه بالرجال وحكمت بين عامي 1503 و1482 قبل الميلاد تقريبا لم تكن quot;أقل زهدا وتقشفا في الملبس باستثناء المظهر أو التفاصيل الخاصة بالطقوس والشعائر حيث كانت ترتدي ملابس مختلفة لهذه المناسبات.quot;

ويضيف أن الافراط في الترف ظهر في عهد أمنحتب الثالث (نحو 1417 - 1379 قبل الميلاد) وهو والد اخناتون أول من دعا الى التوحيد في مصر القديمة. ويقول انه في عهد أمنحتب الثالث اختفت بالتدريج quot;الازياء المتزمتةquot; التي كانت سائدة قبل ذلك لكنه في عهد اخناتون -الذي حكم بعد والده بين عامي 1379 و1362 قبل الميلاد تقريبا- أزيلت quot;العوائق والعقبات وتعقد الملبس وصار ثقيلا.quot; وينفي الكتاب ما يسعى باحثون لاشاعته عن احتفاء المصريين القدماء بالموت واعراضهم عن الحياة استنادا الى تشييدهم قبورا فخمة وأهراما تعد أكبر قبور في التاريخ. لكن دوما يقول ان أم الملك خوفو باني الهرم الاكبر قبل أكثر من 4500 عام كانت تمتلك أساور من العاج والفضة quot;مزدانة بفرشات متعددة الالوان وعليها قطع مرصعة بالعقيق الاحمر والفيروز وحجر اللازورد السماوي الزرقة. وكانت الحروف الهيروغليفية المصنوعة من الذهب تزين متحفها محدثة بريقا ومزودة كذلك بمجوهرات حقيقية.quot; ويشير الى أن quot;الثراء الفاحش الذي لا يصدقه عقل والذي وجد في مقبرة توت غنخ امون لا يمثل الا قدرا تافها لما كانت تمثله حلي التاج في عهد أمنحتب الثالث أو الملوك الاوائل للاسرة التاسعة عشرةquot; وعثر في وادي الملوك بالاقصر في شهر نوفمبر تشرين الثاني عام 1922 على مقبرة توت عنخ امون الذي حكم بين عامي 1361 و1352 قبل الميلاد تقريبا وتوفي وهو دون الثامنة عشرة ولايزال موته الغامض لغزا. ويقول دوما ان الفلاح في مصر القديمة كات يستخدم في جني المحاصيل الزراعية منجلا مزودا بنصل حاد quot;دون أن ينحني الفلاحquot;. ويضيف أن الحمار ظل حتى الاسرة الثامنة عشرة أداة التنقل والحركة عبر الصحراء ثم أصبحت الخيول في أيدي الطبقة العليا للدلالة على النفوذ والهيبة حيث كان أمنحتب الثاني يطعمها بنفسه. كما quot;كانت نفرتيتي تشعر بالبهجة وهي تركض بعربتها خلف زوجها الملكي (اخناتون) وتجوب شوارع أخيتاتون وتظهر وكأنها عرفت كيف تسيطر بقوة على الخيول.quot;ويشير الى أن المصريين القدماء قاموا quot;بعملية غزو رائعة للطبيعة باجادتهم تربية النحل وتعتبر مصر أقدم بلد عرف تربية النحل.quot; أما عن طقوس تناول الطعام فيقول دوما quot;كان المصريون القدماء يتناولون الطعام وهم جالسون وباليدين من صينية موضوعة على منضدة صغيرة بقاعدة... ولابد من غسل اليدين قبل الاكل وبعده.quot;

صبحي فحماوي.. سخرية سعد الدين.. والعوربة والعولثة

بيروت من جورج جحا: رواية quot;الحب في زمن العولمةquot; لصبحي فحماوي تعكس سمات تطل من اعمال الكاتب الاردني من ابرزها سخرية وتركيز على مظاهر وتفاصيل وانماط سلوك وتفكير في الحياة اليومية العربية واستعمال هذا كله لرسم اطار اكبر ربما بدا اقرب عامة الى صورة من صور هذه الحياة. يبدو فحماوي في عمله هذا كمن يصور مزيجا لا ينحل عنصراه المكونان ليشكلا واحدا.. بل هما يلتقيان فيتداخلان هنا دون ذوبان.. ويتنافران هناك كانهما غريبان في محطة سفر جلسا جنبا الى جنب دون حوار ودون ان تتلاقى نظراتهما. الكاتب لا يتفلسف او يتحذلق لكنه يتناول بسخريته المرة المضحكة المبكية كثيرا من وجوه حياتنا الفكرية والاجتماعية والاقتصادية في جديدها وقديمها شبه الثابت.. ويبدو حينا على الرغم من تركيزه على اليومي والمحسوس كانه يتجاوز ذلك ليرسم ما يشبه نسيجا فكريا نفسيا فيه كثير من الهجنة وكأنه يتعمد اظهار هذا النسيج الهجين.

يركز فحماوي على تصوير quot;عولمةquot; يكثر الحديث عنها ويتزايد وقد دخلت عالمنا الذي ياخذ منها اي من الغرب ما يستهويه في تصرف شبه طفولي. انه عالم يقوم على ما يمكن ان نسميه quot;السعدنة الفكريةquot; من السعدان اي القرد. عالم بدا انه يستغرب الاحداث بدرجة كبيرة ويستمر من ناحية اخرى يجتر المقيم اقامة شبه ابدية من سحيق ايامه. وقد يبدو الامر احيانا اشبه بمن يرتدي quot;جلابيةquot; قديمة مهلهلة او quot;شروالاquot; عربيا شرقيا كما يقال وفوقهما ربطة عنق باريسية فخمة عادية او quot;بابيونquot;. امر غريب دون شك.. وقد يذكر بصورة مهرج. لعل هذا بعض ما يرمي اليه فحماوي.

وفي ما يصوره الكاتب من دخول بعض سمات quot;العولمةquot; على مجتمع راكد او متخلف في بعض مجالاته نشهد حالات جوار بين تخلف عريق وانواع من احدث نتاج الفكر والمصانع الغربية. وتتكرر صورة المهرج الذي لا يضحكنا دائما بل يخلق فينا مشاعر اخرى. وحيث يتحدث عن هذا النوع من العولمة يبدو كأنه يصور ما يمكن ان يسمى quot;عوربةquot; اي عولمة عربية او ما قد يصح بان يعطى اسم quot;عولثةquot; او عولمة من بعض اقطار العالم الثالث. رواية فحماوي جاءت في 265 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن مؤسسة دار الهلال في نطاق quot;روايات الهلالquot; في القاهرة. يبدأ فحماوي روايته بظرف ورمزية وبكثير من quot;حسن التخلصquot;. واذا كان العرب القدامى تحدثوا عن وادي عبقر وما قيل من ان الجن الذي كان يسكنه شكل مصدر quot;عبقريةquot; للبعض.. وما يصفه الغربيون بطريقة مماثلة حيث تستعمل كلمة quot;جينيوسquot; الانجليزية لتعني العبقري او النابغة.. وفي جذرها عودة الى الجن.. فقد كان لفحماوي جني بل عائلة نشيطة من الجن.

ففي كلام نموذجي بمعنى انه يحمل كثيرا من اسلوب فحماوي ومحتواه الذي يحفل بالنقد الساخر.. وبثقافة متنوعة تنضح بالسياسي والاجتماعي والفكري والادبي والاقتصادي وشؤون الجنس وعقده.. انما بمرح وبساطة ودون quot;تنظيرquot; من الوزن الثقيل.. بدأ الرواية بعنوان هو quot;تنويهquot; فقال عن نفسه quot;عندما كنت صغيرا لم يكن لدينا شيء اسمه تلفاز وكانت امي زينب تحكي لنا حكايات قبل النوم وعشعش في ذهني ما روته عن الحاجة فاطمة.. امراة كانت تعيش في مدينة جنين مرفوعا عنها الحجاب وكانت روحها متصلة مع الجن وهذا الجن من سلالة سعد الدين. لم اعرف يومها من هو سعد الدين.. ومن المؤكد انه ليس سعد الدين ابراهيم -المصري الامريكاني- مع اعتذار للاديب صنع الله ابراهيم. وهذه المعلومات السرية ابوح بها لكم بعد ان احتفظت بها مدة خمسين سنة ثم افرجت عنها تماما كما يفرجون عن الملفات البريطانية بعد انتهاء فعاليتها.quot;

اضاف ان امه في حكاياتها قالت له ان الناس عندما كانوا يسالون الحاجة فاطمة عن حاجاتهم quot;فانها كانت تجلس امامهم متربعة ثم تنتفض ويتغير صوتها وتجحظ عيناها...quot; سأل الصبي عن سبب تغير صوت فاطمة فأجابت الام quot;عندما تجلس امام الزوار يركبها اولاد سعد الدين ثم يبادرون بالحديث مع الزوار فينطلق سعد الدين من فم المراة الجاحظة العينين وهي لا تدري ماذا يحصل...quot;

الكاتب هنا يستغل سعد الدين بظرف وبساطة وبحسن تخلص ليقول لنا ما يقوله فنانون وكتاب قصة بشكل خاص -مثلا- من ان العمل الفني يصبح مستقلا عنهم ويحيا حياته الخاصة.. او انهم هم انفسهم لا يستطيعون شرح كل ما يحمله.

ومن ناحية اخرى ربما سعى فحماوي الى تسديد quot;ضربة استباقيةquot; الى اي نقد قد يوجه اليه بالقول ان كتابته الاستطرادية تبدو احيانا اقرب الى قصص قصيرة مختلفة منها الى رواية متكاملة وتشبه احيانا اخرى خطابا سياسيا حادا ومقالا انتقاديا جارحا كالسيف. يضيف الكاتب هنا quot;ليس هذا هو الموضوع. الموضوع الخطير الذي اود ان ابلغكم عنه هو انني اشعر الان ان احد اولاد سعد الدين قد ركب راسي وانسل الى داخل مخيلتي التي لا اعرف اذا كانت في تلافيف المخيخ الايسر ام في ثنايا المخيخ الايمن.. واستحكم هناك وبدأ يسرد من فمي حكايات ويختلق شخصيات كثيرة لرواية لا افهم عنها شيئا قال لي ان اكتب اسمها quot;الحب في زمن العولمة...quot;

ومع كل ذلك السخر والاضحاك فاننا في بعض الفصول كما في فصل quot;اشباح وارواحquot; مثلا نقرأ في الرواية في شخصيات اهمها quot;الشواويquot; وغيره قصة الالام البشرية والاحباطات وخلاصات العذاب الانساني منذ سعي quot;جلجامشquot; الى الحصول على زهرة الخلود والسعادة.. او تعب العجوز وعرقه في quot;الشيخ والبحرquot; عند ارنست همنجواي وكثيرن اخرين.. فاذا بالذي نحصل عليه في النهاية حفنة ريح.. وهي هنا مع فحماوي.. نسمة لطيفة منسوجة بالضحك والدمع.

محمود درويش في أمسية بالقاهرة.. بعيدا عن السياسة

القاهرة: لعلها من المرات النادرة التي يمنح فيها الجمهور العربي الحرية التامة للشاعر الفلسطيني محمود درويش في اختيار ما يشاء من قصائد تلائم جمهورا نوعيا معظمه شعراء ونقاد عرب وأجانب هم ضيوف ملتقى الشعر العربي بالقاهرة. وجاءت الامسية التي عقدت مساء يوم السبت في مسرح الهناجر بدار الاوبرا المصرية في حين تواصلت اسرائيل تشديد الاجراءات الامنية حول البلدة القديمة بالقدس رغم الغضب الفلسطيني والاسلامي تجاه عمليات الحفر الاسرائيلية قرب المسجد الاقصى. بدأ درويش بقراءة قصيدة من ديوانه (كزهر اللوز أو أبعد) يقول مطلعها quot;كما لو فرحت-رجعت. ضغطت على جرس الباب أكثر من مرة- وانتظرت- لعلي تأخرت. لا أحد يفتح الباب لا نأمة في الممر. تذكرت أن مفاتيح بيتي معي-فاعتذرت لنفسي.. نسيتك فادخل. دخلنا.. أنا الضيف في منزلي والمضيف.quot;
ولان الجمهور بدا وقورا كأنه يستقبل الشعر بشيء من الاحتراف فقد انتقل درويش الى قصيدته (بقية حياة) ويقول فيها quot;اذا قيل لي.. ستموت هنا في المساء-فماذا ستفعل في ما تبقى من الوقت... أنظر في ساعة اليد-أشرب كأس عصير-وأَقضم تفاحة-وأطيل التأمل في نملة وجدت رزقها. ثم أنظر في ساعة اليد-ما زال ثمة وقت لاحلق ذقني-وأَغطس في الماء-أهجس.. لابد من زينة للكتابة-فليكن الثوب أزرق.أجلس حتى الظهيرة حيا الى مكتبي- لا أرى أَثر اللون في الكلمات-بياض بياض بياض. أعد غدائي الاخير-أَصب النبيذ بكأسين.. لي ولمن سوف يأتي بلا موعد-ثم اخذ قيلولة بين حلمين-لكن صوت شخيري سيوقظني. ثم أَنظر في ساعة اليد- ما زال ثمة وقت لاقرأ- أقرأ فصلا لدانتي ونصف معلقة-وأرى كيف تذهب مني حياتي الى الاخرين- ولا أتساءل عمن سيملا نقصانها.. ـ هكذا .. ـ هكذا هكذا ـ ثم ماذا .. ـ أمشط شعري وأرمي القصيدة- هذي القصيدة في سلة المهملات-وألبس أحدث قمصان ايطاليا- وأشيع نفسي بحاشية من كمنجات اسبانيا-ثم أمشي الى المقبر.quot; ولعل درويش الذي يعزف من فترة عن الكلام في السياسة رأى أن تكون قصيدته في القدس ختاما ملائما لجمهور لا يسعه الا الاستمتاع بالطرب.
وتقول القصيدة quot;في القدس أعني داخل السور القديم- أسير من زمن الى زمن بلا ذكرى- تصوبني فان الانبياء هناك يقتسمون تاريخ المقدس- يصعدون الى السماء ويرجعون أقل احباطا و حزنا فالمحبة و السلام مقدسان و قادمان الى المدينة. كنت أمشي فوق منحدر وأقول.. كيف يختلف الرواة على كلام الضوء في حجر.. أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب.. أسير في نومي -أحلم في منامي- لا أرى أحدا ورائي- لا أرى أحدا أمامي. كل هذا الضوء لي -أمشي- أطير-ثم أصير غيري في التجلي. تنبت الكلمات كالاعشاب من فم أشعيا النبوي.. ان لم تؤمنوا لن تأمنوا. quot;أمشي كأني واحد غيري- و جرحي وردة بيضاء انجيلية-ويدي مثل حمامتين على الصليب تحلقان وتحملان الارض-لا أمشي- أطير-أصير غيري في التجلي-لا مكان ولا زمان-فمن أنا.. أنا لا أنا في حضرة المعراج. لكني أفكر.. وحده كان النبي محمد يتكلم العربية الفصحى. وماذا بعد..ـ ماذا بعد.. صاحت فجأة جندية.. هو أنت ثانية..-ألم أقتلك.. قلت.. قتلتني- ونسيت مثلك أن أموت.quot;
وبدأ الملتقى الدولي الاول للشعر العربي الذي يحمل اسم الشاعر المصري صلاح عبد الصبور (1931-1981) يوم السبت تحت عنوان (الشعر في حياتنا) بمشاركة نحو مئة شاعر وباحث عربي وأجنبي وسيعلن في حفل الختام مساء الثلاثاء القادم اسم الفائز بجائزة الملتقى وقيمتها مئة ألف جنيه مصري (17574 دولارا).