مبارك الشمري:

استغرب عدد من اعضاء هيئة التدريس في قسم التربية الموسيقية في كلية التربية الاساسية لما اثير حول مادة التربية الموسيقية والمطالبة بالغائها مؤكدين انها ثقافة مميزة تعرف الشعوب من خلالها.وعرض الاساتذة في احاديث ادلوا بها لـ raquo;الوطنlaquo; ايجابيات مادة التربية الموسيقية ومالها من دور في تنمية النفس البشرية داعين في الوقت ذاته الى ضرورة احترام التخصصات المختلفة ومعربين عن رفضهم لالغاء المجال الموسيقي من المدارس والتعليم.

ففي هذا السياق رفض رئيس قسم التربية الموسيقية في كلية التربية الأساسية الدكتور سلمان البلوشي ما وصف الموسيقى به احد اعضاء مجلس الامة لمادة الموسيقى بانها تعمل على تخريج راقصين وراقصات مشددا البلوشي على أهمية أن يأتي ممثل الشعب ويتبين الأمور قبل اطلاق أي اتهامات أو أوصاف عن المجال الموسيقي منوها الى منطلق المعارضة بان التربية الموسيقية حرام raquo;كلام مأخوذ خيرهlaquo; على حد تعبير البلوشي.

وأضاف انه سبق وان اتهم احد النواب القسم وتمت دعوته للحديث وتبادل وجهات النظر وجاءت أيضا فتوى من وزارة الأوقاف عن التربية الموسيقية داعيا الى النظر بمشاكل البلد التي هي أهم من الخوض بالحديث والاساءة لقسم التربية الموسيقية.

وذكر البلوشي أن للتربية الموسيقية دورا كبيرا في تنمية البلاد وثقافات الشعوب لافتا الى ان عدم الاعتراف في جامعة الكويت في الفترة السابقة يعود لعدم وجود مادة التذوق الموسيقي حيث تمت الاجتماعات مع الجامعة بهذا الشأن منوها بأن جميع الجامعات العالمية تدرس في كافة مراحلها قسم التربية الموسيقية.

وأشار البلوشي الى أن الغاء التربية الموسيقية ليست المرة الاولى من نوعها في سياق مطالبات لا تقف عند حد معين فبالأمس هناك من قال أن قسمي الفنية والتصميم الداخلي يصنعان الأصنام وآخرون اتهموا قسم التربية البدنية بان حمامات السباحة فيه ومكشوفة متسائلا هل التوجه هو القضاء على الفنون ؟

وفيما دعا البلوشي نواب مجلس الأمة الى الاهتمام بالشباب الذين يعتبرون الشريحة الأكبر في المجتمع بالاضافة الى التفكير في تطوير المناهج التربوية التي تخدم البلد اختتم حديثه قائلا أن هناك نواباً بالمجلس متزمتون ويجب أن يخرجوا من القمقم الذين يقبعون فيه فالالتفات الى مشاكل البلد والنهوض بها أفضل من محاربة ثقافتها وفكر مجتمعها.

حرب على التاريخ

وبدوره ذكر الدكتور عامر جعفر أن الهجوم على التربية الموسيقية والمطالبة بالغائها كأنها حرب على تاريخ بلد موضحا أن الكويت تملك تاريخا كبيرا في فنونها وتراثها نفخر به أمام الدول الأخرى ولكن هناك من يريد وأد هذه الثقافة وادخال أفكارا خاصة به.

وأشار الدكتور جعفر الى اننا ندرس مادة اكاديميه وفنا راقيا شعبيا فلا رقص ولا حفلات ماجنات مستغربا من اساءة النائب لعلم الموسيقى الذي يعتبر احد أقدم العلوم على مر التاريخ مشيرا في الوقت نفسه الى أن ما يدرس هو موسيقى لا رقصا.

وذكر جعفر أن الرسول عليه الصلاة والسلام استقبل بالغناء أثناء هجرته للمدينة المنورة، مؤكدا جعفر أن ما يدرس في التربية الأساسية ووزارة التربية هو الأناشيد الدينية والوطنية التي تنمي الوازع الديني والوطني لدى الأبناء.

وأضاف أن للتربية الموسيقية العديد من الايجابيات على المستويات المختلفة من النواحي العلاجية أو النفسية لافتا الى أن المؤذن يستخدم مقامات موسيقية في القائه متسائلا هل يكون الأذان اختياريا كما ينادي بذلك البعض؟

ودعا الدكتور جعفر الى أهمية ابتعاد نواب مجلس الأمة عن هذا النوع من التهديد باللجوء الى استخدام المادة الدستورية متمنيا احترام العلوم والثقافات الأخرى دون فرض ثقافة على أخرى وتهميش الدور الكبير الذي تلعبه الثقافة الموسيقية.

تهديدات

ومن جهته ذكر الدكتور محمود فرج أن تصريح النائب كان من باب أولى أن يخرج من شخص عادي وليس من ممثل للشعب موضحا أن التصريح كان يفتقر للمعلومات الكافية وأيضا كان غير مطلع على الأحكام مشيرا الى انه لا يوجد نص قرآني أو حديث صحيح معتبر يحرم الموسيقى.

وأضاف انه قد كان على النائب أن يأتي ويناقش ولا يهدد بالاستجواب وأن ينتبه لما سيقوله لا أن يلقي تهما بأن الخريجين يتخرجون من الرقص مؤكدا الفرج هنا أن التاريخ الاسلامي كان فيه غزل وموسيقى محترمة فالسيدة خديجة رضي الله عنها تغزلت بزوجها الرسول الكريم.

وأضاف الدكتور محمود أن الموسيقى الكلاسيكية تحتوي وتشمل على قواعد تخدم المخ وتستخدم للعلاج بالاضافة الى أن هناك فتاوي عديدة تؤكد أن الموسيقى حلال لأنها تربية للنفس وتهذيب للأخلاق موضحا ان موسيقانا في الكويت تعطي ألفه ومسؤولية وطنية.

وزاد أن الموسيقى في الكويت تشمل الفنون الشعبية والتراث الصعب وفيها دسومة حيث كانت الأغاني الشعبية تستخدم في الغوص وموسم البحر ولها دلالات معينة وكذلك تعطي حماسا وهمة في مختلف المناسبات والأماكن.

وعليه فقد طالب الدكتور محمود فرج بأن يظل تدريس الموسيقى الزامياً كبقية المقررات التي تعطي احتراماً للمعلم الذي اجتهد أربع سنوات للحصول على البكالوريوس ولاسيما اننا كأعضاء هيئة تدريس تغربنا من اجل الحصول على اعلي الشهادات العلمية.

تراث دولة

ومن جهته قال الدكتور فهد الفرس إن النائب يريد من خلال هجومه على التربية الموسيقية أن يمحي تراث دولة الكويت لعدم كفاية المعلومات لديه منوها الى أن هناك مثلا يقول raquo;ان من يريد التعرف على ثقافة شعب فلينظر الى موسيقاهاlaquo; مؤكدا أن الكويت بلد صغير والعالم يستغرب من التراث الموجود فيها وهوما يتضح في المناسبات المختلفة التي تتم المشاركة فيها وكذلك الجوائز العالمية التي حصلت عليها.

وزاد الفرس أن المناسبات التي نحييها بالموسيقى والغناء في دولة الكويت تتمثل في الولادة والأعياد الوطنية والاسراء والمعراج مشيرا الى ان تلك المناسبات كلها وطنية ودينية ليتساءل أين الرقص فيها؟ لافتا الى أن التاريخ الغنائي الكويتي مليء بعراقته والرقص الكويتي هو رقص raquo;العرضةlaquo; التي تحاكي الواقع وبها حماس ووقار للمقاتلين وتهدف للدفاع عن النفس.

وأشار الدكتور الفرس الى أن الفنون الكويتية الغنائية بها نوعان هما السامري والخماري، وان فن الصوت الغنائي هو متوارث من أيام الدولة العباسية وأيضا أن الفن البحري الكويتي الذي يلازم البحارة منذ بداية الرحلة الى نهايتها مؤكدا ان تلك الفنون تدرس في مناهج وزارة التربية للحفاظ على هذا الموروث الفني والثري الذي يعتبر كويتيا أصيلا وصل للعالمية.

ودعا الفرس الى قراءة أو مجالسة أصحاب الاختصاص في المجال الموسيقي قبل اطلاق أي شيء يمس هذا الفن والتراث الكويتي مؤكدا اننا raquo;لا نقبل بتخريج راقصين وراقصاتlaquo; فالموسيقى مهنة شريفة يجب أن تحترم ولا يمكن لأحد أن يفرض رأيه على المجتمع الكويتي الذي تتأصل فيه البيئة الدينية.

الصحة النفسية والعصبية

أما الدكتورة سحر ملحم فذكرت أن للتربية الموسيقية أهمية في الصحة النفسية والعصبية وأيضا تفيد في استخدامها في العلاج الطبي مؤكدة انها ليست للتسلية والطرب منوهة ببراءة الموسيقى من بعض أصحاب الطرب الذين أساءوا لها مشيرة الى أن الفن بحد ذاته راق وسامٍ يسمو بالفكر معربة عن استيائها من بعض الموسيقات التجارية التي تقدم من غير دراسة.

وشددت على اهمية ان تكون التربية الموسيقية ضرورية وليست اختيارية فهي تستخدم للعديد من الاغراض التي تفيد الانسان في حياته وايضا من الناحية الطبية تعالج مرض الزهيمر وكذلك هناك كراسي طبية موسيقية لمعالجة بعض الامراض بالانسان.

الفكر الموسيقي

ومن جهته أكد الدكتور صقر الرامزي أن للموسيقى دوراً كبيرا وحضاريا لأنها جزء لا يتجزأ من المجتمعات نافيا الاتهام بأنها تخرج راقصين بل أكاديميون ومثقفون على مستوى عال منوها بأن تلك المحاولات ما هي الا محاولة لقمع الفكر الموسيقي.

ع.العجمي