الفلقة والبند 7

نزار الرياني :من منا لا يتذكر الفلقة ، تلك العصا الغليظة التي يربط إلى طرفيها حبل مغلق يلتف على قدمي الطالب الكسول أو المشاغب حتى تحكم العصا الإغلاق على هاتين القدمين تماما ً ويبدأ المعلم بضرب القدمين تحت صرخات وتوسلات المضروب بالتوقف عن الضرب .وبعد إعلان توبة نصوحة وذرف المزيد من الدموع يتوقف المعلم عن ضرب الطالب ويقدمه عبرة ً لمن يعتبر .
وبمقاربة ٍ بسيطة نجد أن البند 7 من قانون العقوبات في مجلس الأمن الدولي لا يبتعد كثيرا ً عن هذا المبدأ إلا بفرق _ صغير _ هو أن الفلقة كانت لمن يشاغب ويسبب الإزعاج لزملائه ، أما البند 7 فهو لكل من يعارض جهة معينة أو يبتعد عن هواها أو ينعتق من عباءتها .
سقى الله أيام الفلقة وليتهم يستبدلون البند 7رقم بالفلقة ، كمفهوم ووسيلة وطريقة تطبيق .

حرب فضائهم وحرب فضائياتنا

عندما كان الغرب يسعى ويعمل من أجل بسط سيطرته على أكبر بقعة من الأرض ، ما اضطره إلى إشعال حربين عالميتين من أجل ذلك ، كنا نحن العرب لاهين في خلافاتنا التافهة على كرسي حكم أو على حد مرسوم بمسطرة أو على جاه ٍ زائل ٍ ، واليوم وقد نقل الغرب صراعه إلى الفضاء للسيطرة على أكبر عدد من النجوم والأقمار والكواكب ، تجدنا نتمترس خلف أقمار صناعية ندفع لها الغالي والثمين من أجل أن نشتم بعضنا ونتهم بعضنا ونكفر بعضنا ، عبر برامج مباشرة في السب والقذف والتسفيه ، عبر سيناريوهات مرسومة لتأليب فئة على فئة ودولة على دولة وطائفة على طائفة وعشيرة على عشيرة ، وقد يتجاوز الأمر مرحلة التأليب إلى مرحلة سحب الشتائم من أفواه المتحاورين سحبا ً كما يقلع الضرس لتعميق الشقة والفرقة فيما بيننا .
وإذا بقيت أحوال الفضائيات العربية ( التي تتعاطى الحوار السياسي ) فلا شك أننا سنصل إلى اليوم الذي يرتفع فيه مستوى الحوار من الألسن إلى الأيادي والأرجل .
كما أن عدوى الشتم والسباب انتقلت من الفضائيات العربية السياسية إلى محطات المنوعات التي ( يجرؤ أو تجرؤ ) فيها الفنان أو الفنانة على ممارسة الردح والصراخ بأعلى الأصوات وشتم الخصم وقذفه بأبشع السباب لتقديم برامج أكثر واقعية .
مشكلة إعلامنا الفضائي هي في عدم وجود ميثاق شرف يؤسس لأخلاقيات مهنة باتت الأقرب إلى إنسان القرن الواحد والعشرين .
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيتفإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا