رامي الأمين: الإبتسامات غالباً ما تنجو من الموت، ومي شدياق إبتسامة لا تموت، لذا نجت من محاولة الإغتيال التي استهدفتها نهار الأحد التعيس، الذي بدأته صباحاً، بإبتسامتها المعهودة قائلة:"نهاركم سعيد". لم تكن تعلم ان في نهاية هذا النهار، ستنتظرها عبوة تأخذ بقدمها اليسرى ويدها اليسرى، وتأخذ بجمهورها الى ساحة الحرية من جديد. ففي اليوم الذي تلى محاولة اغتيال مي، نزل المئات الى ساحة الحرية ليقولوا ان لبنان لن يستسلم، وان "قدم مي شدياق التي بترت في الإنفجار تعادل ارواح آلاف المجرمين والحاقدين النتنة" كما قال الزميل زاهي وهبي للمعتصمين هناك. كان الجمهور بغالبيته من القواتيين، وان كان مطعّماً ببعض الأعلام العونية، واعلام اليسار الديمقراطي وبعض الأعلام اللبنانية التي كانت ترفرف خجولة في ايادي حامليها. قياديو القوات اللبنانية حاولوا الطلب من مناصريهم ان ينزلوا الأعلام القواتية، ويتخلوا عن إنتمائهم في هذه اللحظات، لأجل مي، كما طلب منهم النائب جورج عدوان. طلب اليهم الا يرفعوا الا العلم اللبناني، التي ناضلت مي لأجله، ودفعت الثمن قدمها ويدها. لم يقدروا ان يتخلوا عن اعلامهم. ظلت أعلام القوات اللبنانية ترفرف، وظلّ مناصريهم من الشبان يصرخون:"الله..لبنان..حكيم..وبس". بعد عدة محاولات، تخلى بعض هؤلاء عن بعض من إنتمائهم لصالح العلم اللبناني. في لبنان لا نرفع علمنا الا اذا طلب منا ذلك بإصرار.
لم تتناول الشعارات مواضيع سياسية، وكأن هم الجميع هو ان تخرج مي من محنتها سالمة. كانوا يرفعون شعار:"سلامة قلبك يا مي". صورها كانت تملأ المكان. فوق تمثال الحرية، وفي ايادي الشبان والشابات المرتفعة عالياً، الى جانب صور الشهيد سمير قصير. كانت بطلة أخرى من ابطال الرابع عشر من آذار. كانت الشموع في يد الجميع تشتعل إبتهالاً بها، وتتضرع الأيادي الى الله طالبة منه ان يشفيها.
مي شدياق اعادت بمحاولة إغتيالها بعض الروح الى ساحة الحرية، التي عادت تنبض بالشباب من جديد. لن نحتاج الى موت إضافي كي نصنع 14 آذار آخر. فقط نحتاج الى ان نعود لبنانيين من جديد. لبنانيون يصلون كي تعود مي الى شاشتها وتبتسم قائلة:"نهاركم سعيد".
- آخر تحديث :
التعليقات