ربيع ديركي : بعد سنوات من تبوء أرفع المناصب والمسؤوليات ، عقود من الصولات والجولات جرد نائب الرئيس من جميع الألقاب والمسؤوليات التي كان يشغلها،عندها قررquot;المجردquot; ترك الوطن ، طوعا، واتخاذ باريس كمنفى له .ومن منفاه الباريسي الفاخر فاجأنا بمواقف وتصريحات quot; ثوروية quot; تدعو لقلب نظام الحكم في وطنه الأم ، وانتعشت ذاكرته بعد سنوات طويلة من التناسي بتذكر لاديمقراطية ودكتاتورية النظام الحاكم ... الخ من المواقف/ التصريحات التي أطلقها حتى وصل به الأمر الى حد استعداده ، ربما ، للتحالف مع quot; الشيطان quot; في سبيل الوصول الى مبتغاه .

لكل شخص،في أي موقع كان،كامل الحرية في تبني الموقف الذي يريده والدفاع عنه، هذا ما يكفله أي نظام يمارس الديمقراطية قولا وفعلا، وهذا ما يعرفه أي ديمقراطي صادق . ولكن الديمقراطية تعني ، ايضا ، النقد الذاتي الذي يمثل أحد أجمل تجلياتها . هنا كانت المفارقة مع السيدquot; المجردquot; حيث أظهر نفسه ، عبر مواقفه الباريسية ، في صورة الملاك الطاهر ، وكأنه لم يكن شريكا ومخططا لممارسات لاديمقراطية امتدت لعقود وعقود عانينا منها ما لايعد ولا يحصى من تعديات على أبسط حقوق المواطن والوطن ،وطالعنا بمواقف يغيّب عنها ما مارسه من دكتاتورية وهو في منصب نائب الرئيس ndash; فكيف الحال لو كان في منصب الرئيس - ، مواقف تمثل نموذج معادلة الديمقراطية العربية : المسؤول دائما على حق وله كامل الحرية في تغيير مواقفه بما ينسجم ومصالحه الشخصية السلطوية وما على المواطنين سوى تأييده والتصفيق له .
أما طرفة الطرائف فهي قرار الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة للسيد quot; المجردquot; و زوجته بسبب تعديه على الأموال والمرافق العامة، بالفعل انها طرفة ما بعدها طرفة تؤكد أن ديمقراطية الدول العربية ، بمكوناتها كافة ، مفصلة على مقاس الرئيس ونوابه ، والديمقراطية هذه تنقلب رأسا على عقب في حال وصول رئيس جديد ونواب جدد له أو في حال تجريد أحد نوابه من مسؤولياته، عندها يبدأ مسلسل كشف الفضائح ، ومؤشرنا على ذلك هو قرار الحجز سالف الذكر ، حيث يبدو معه وكأن السيد quot;المجردquot; قد تعدى اليوم على المرافق والأموال العامة ، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أنه تعدى عليها وعلى غيرها منذ سنوات وسنوات . فأين كانت الغيرة على القانون وأموال الوطن ؟!. كانت في غياهب النسيان والتناسي ... كانت في جوارير الرشاوى على أعلى المستويات... نائمة في سرير سيدها الذي جير موقعه لخدمة مصالحه الشخصية والاقتصادية الضيقة ، مصالحه القائمة على السرقة والخوات ، واليوم ، فقط اليوم ، تم ايقاظها من سباتها الدغمائي لأن نائب الرئيس لم يعد نائبا للرئيس .

حقيقة قرار الحجز هذا كنا ننتظره ونطوق اليه منذ زمن بعيد، لأهميته وضرورته، الا أنه كان أكثر شفافية ووقعا لو اتخذ عندما كان المحجوز على أمواله في منصبه ، والقرار هذا ، رغم تأخره ، يدفعنا للمطالبة باتخاذ قرارات مماثلة بحق المسؤولين الفاسدين والمفسدين الذين ما زالوا يسرقون الأموال العامة وهم في مناصبهم . إن نفذت هكذا خطوة نكون ، بالفعل ، نسير على طريق ممارسة الشعارات الاصلاحية التي فرغت من تقدميتها بممارسات يومية لمسؤولين وضعوا أنفسهم فوق القانون وعطلوا تنفيذه ، حيث القانون لا يطبق الا على المواطنين الذين يكابدون بؤس العيش ، أو كما يقال يطبق القانون على quot;ناس وناسquot; ولسان الحال يقول : الجميع سواسية أمام القانون هذا ما كفله الدستور وهذا ما وعدت به الاصلاحات التقدمية .

[email protected]


ببساطة نريد تطبيق القانون على الجميع في أي موقع كانوا ، هذا ما نريده وما نطمح اليه ، فهل تستكمل مسيرة الاصلاح ؟ وهل يمتد بنا العمر الى وقت نرى فيه محاسبة كل من تعدى على الأموال العامة وعلى حقوق الوطن والمواطنين وهو في موقعه ؟. الاجابة برسم من أطلق شعار السير بالوطن نحو الاصلاح ونحن مع الشعار ممارسة وليس قولا ، لأننا سئمنا العيش في وطن يتسع فقط ل quot;ناس وناسquot; .