يرأسه المغربي عبد اللطيف اللعبي
الشعر والكلمات الحارقة
بروكسل - طه عدنان: تستقبل مدينة "لييج"، أكبر حاضرة والانية ببلجيكا، ما يناهز 240 شاعر وشاعرة قادمين من سبعين بلدا من مختلف أصقاع العالم. هذه "المدينة المتّقدة" كما يصفها أهاليها ستزيد اشتعالا بلهيب الكلمة ما بين رابع وسابع سبتمبر (أيلول) في إطار الدورة الرابعة والعشرين للبينالي العالمي للشعر. بينالي ضخم ينظمه البيت العالمي للشعر ببروكسل ويستضيفه قصر المؤتمرات بلييج تحت عنوان "الكلمات الحارقة" وتحت رئاسة الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي.
البينالي الذي يمر لأول مرة في غياب مؤسسه الشاعر البلجيكي أرتور هولو يختار كل سنتين محورا جديدا ورئيسا مناسبا لهذا المحور. وقد اختار هولو إسناد رئاسة هذه الدورة إلى الشاعر عبد اللطيف اللعبي قبيل وفاته لعدة أسباب من بينها، حسب الشاعر البلجيكي جان لوك ووتيي، اشتراكهما في العيش تحت الاعتقال وخروجهما منه أكبر من ذي قبل. ويذكر أن أرتور هولو التحق بصفوف المقاومة ضد الاحتلال النازي سنة 1940 قبل أن يعتقله الغيستابو في 27 ديسمبر 1941 ليودَع معسكرات التجميع النازية ولم يفرج عنه إلا بتحرير هذه الأخيرة بعد انتصار قوات الحلفاء في الثامن من مايو (أيار) سنة 1945 بعد أن قضى ثلاث سنوات ونصف رهن الاعتقال. هذا فيما حُكم اللعبي بعشر سنوات من السجن أمضى منها ثمانية أعوام ونصف خلال ما يعرف بسنوات الرصاص بالمغرب قبل أن يفرج عنه على إثر حملة دولية للمطالبة بإطلاق سراحه.
أرتور هولو، الذي سيتم تكريمه هذه السنة في حفل تأبيني، أراد للكلمات الحارقة أن تلفت الانتباه إلى قوة الكلمات التي عبرت، على امتداد قرون، عن الثورة على كل أنواع القمع من جهة وعلى ازدهار قوى الحب والتضامن من جهة أخرى. فمن الفرحة بالعيش إلى المعارك الأشد ضراوة يؤكد هولو على بقاء الشعر وخلوده في الوعي الجماعي للأفراد والشعوب.
ويشار إلى أن هذا الملتقى الشعري العريق عرف تأسيسه بمدينة "كنوك" الفلامندية في مطلع خمسينيات القرن الماضي على يد الشاعر الراحل أرتور هولو الذي ظل يرأس البينالي إلى غاية وفاته في 24 مايو (أيار) الماضي. وواصل البينالي انعقاده ب"كنوك" الناطقة بالهولندية إلى غاية عام 1979قبل أن ينتقل بسبب مشاكل لغوية إلى "لييج" الفرنكوفونية حيث تدور أشغاله باللغتين الفرنسية والإنجليزية.
أشغال تنقسم هذه السنة إلى ورشتين تنشغل أولاهما بمقاربة موضوع الكلمات الحارقة من فرط الفرح والاحتفال والسعادة وتعرف مشاركة الشاعر اللبناني صلاح ستيتيه والناقد التونسي جلال الغربي. فيما يتم بحث موضوع الكلمات الحارقة من الثورة والألم لإعلاء راية الفكر من طرف شعراء ونقاد عالميين تحت رئاسة الشاعر التونسي عبد العزيز قاسم. كما سيتوالى شعراء من مختلف الأعمار والتجارب والأمصار على منصات الشعر العالمي التي تحتضنها ليالي قصر المؤتمرات طوال أيام البينالي. البينالي الذي سيتم افتتاحه بحفل استقبال تقيمه على شرف ضيوف المهرجان وزيرة الثقافة البلجيكية من أصل مغربي فضيلة لعنان.
ويذكر أنه في ختام كل دورة تمنح الجائزة الكبرى للبينالي لشاعر معاصر تتويجا لعطائه الشعري. الجائزة التي سبق ومنحت لشعراء كبار من أمثال الشاعر الفرنسي سان جون بيرس والمكسيكي أوكتافيو باز والسنغالي ليوبولد سيدار سنغور واليوناني يانيس ريتسوس والسوري أدونيس.
وبالإضافة إلى الشاعر اللبناني صلاح ستيتيه والتونسي عبد العزيز قاسم والذين سبق لهما أن ترأسا البينالي، على التوالي، سنة 1988 و 1994 إلى جانب عدد من شخصيات العالمين العربي والإسلامي الأدبية من أمثال المصرية أندري شديد سنة 1984 والسنغالي سنغور سنة 1986 والألباني إسماعيل قدري سنة 1992 وأيضا أدونيس سنة 1996. بالإضافة إلى ستيتيه وقاسم يشارك من الشعراء العرب ضمن هذه الدورة الشاعر الفلسطيني غازي حسين والأردني طاهر رياض والجزائري عبد الرحمان جلفاوي والشاعران العراقيان صلاح نيازي وهاتف الجنابي والمصريان رفعت سلاّم وأحمد بلبولة والتونسيان جلال الغربي ومنصف غشام علاوة على المغربيين حفصة بكري الامراني وطه عدنان. وكان يفترض أن يكون عبدالقادر الجنابي من بين المدعوين لكنه لم يلبي الدعوة لأسباب شخصية.
ارتور هولو




التعليقات