سلوى اللوباني من القاهرة: علقت صحيفة quot;الجارديانquot; في ملحقها الادبي على الرواية الافريقية The Beautyful ones are not yet Bornquot; quot;بأنها رواية خرافية أخلاقية ألمعية لا تطاق وغير مريحة، ولا ترحم أولئك المجانين الذين يضطرهم ضعفهم الى السعي الى القوةquot;، وقد صدرت هذه الرواية عام 1988 للكاتب الغاني الجنسية Ayi Kwei Armah الذي ولد وتلقى تعليمه في غانا الى أن التحق بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، وعمل مترجماً في الجزائر ومحرراً في التلفزيون الغاني، ومحرراً ومترجماً في جريدةquot;الثورة الأفريقيةquot;التي تصدر في باريس، ثم ترأس تحرير المجلة المشهورة quot;أفريقيا الفتاةquot; أواخر الستينات، كما عمل بالتدريس وهو حالياً استاذ في جامعة ويسكونسن، نالت روايته اقبالاً كبيراً وقيل عنها الكثير فهي رواية عن معالجة الفساد، واعتبرتها صحيفة الصنداي تلجراف بأنها إنجاز مرموق وربما كان quot;آيي كوي أرماهquot; أحسن كٌتاب غانا جميعهم، وكانت هذه الرواية ضمن إختيارات المشروع القومي للكتب المترجمة في المجلس الاعلى للثقافة لعام 2006، وقام بترجمتها quot;صبري محمد حسنquot; تحت عنوان quot;الجماليات لم يولدن بعدquot;.... بينما المقصود هو quot;الجميلات لم يولدن بعدquot;.ذلك أن المؤلف أخذ العنوان من يافطة صغيرة كانت ملصقة في باص، وأبقى على الخطأ الاملائي الموجود في كلمةBeautyful(الجَمالات) تلميحا لغرابة غانا،بينما كان يجب أن تكتبBeautiful (الجميلات) وهذا ما أضطر عدد من الناشرين والنقاد إلى تصحيح اخطأ الاملائي هذا، عند ذكر الكتاب.
بالرغم من أن المؤلف استخدم تاريخ غانا في روايته ليعبر عن الفساد الذي استشرى في المجتمع الافريقي أثناء الاستعمار البريطاني لافريقيا وحركات التحرر والثورة على الزعماء وعلى الفساد، إلا أنها أيضاً تعبر عن تاريخ معظم الشعوب والعلاقة الازلية بين الزعماء والشعب، وحال الانسان في ظل هذه العلاقة التي لا تفرز إلا المزيد من خيبات الامل للشعب، فالشعب في حالة إنتظار ومراقبة مستمرة، بانتظار أمر ما يحدث ليعدل من طبيعة هذه العلاقة ومخرجاتها، فهل سيأتي هذا اليوم؟ يتناول المؤلف في روايته القيم والصراع بين الخير والشر، وتبدل العلاقات الانسانية وخصوصاً بين الاصدقاء سعياً وراء الثراء السريع والسلطة وهو ما أطلق عليه إسم quot;الوميضquot;، لتصبح الامانة رذيلة من الرذائل الاجتماعية، فالانسان في مواجهة دائمة مع الذين يريدون دفعه الى الحافة..الى الفساد للاقتراب من هذا الوميض، وكان ذلك من خلال قصة رجل مستقيم يقاوم إغراءات الرشاوي السهلة والاشباعات السهلة الرخيصة، ولكنه لا يحصل على شئ جزاء أمانته، سوى إحتقار من يحبهم.
كما انتقد زعماء افريقيا بشدة فقال quot;كل ما لدينا رجالنا السود وهم يحتضنون كروشهم الكبيرة وهم يسعون الى الرجل الابيض لكي يرحبوا به وهو راكب على ظهورناquot;، فهم لم يناضلوا أو يكافحوا من أجل الوصول للسلطة بل وصلوا من خلال الرشوة والشعارات الفاسدة، وأنهم مجرد مقلدين للرجل الابيض... للمستعمر الاوروبي، ويحاولون بكل الطرق أن يكونوا مجرد شبح له، أما الشعب فكانت آماله تتبدد وتتوالى خيبات أملهم في ظل زعماء إنتظرونهم ليخرجوهم من حالة اليأس التي حلت بهم، إلا أن هؤلاء الزعماء-شأنهم شأن معظم الزعماء- أتوا بكلام مستعار ومقترض لا يعبر عن الشعب، وعبر عن عجز الشعب بعدم قدرته على اتخاذ القرار فغيره حدد له مساره ومستقبله، ليصبح الانسان تحت هذه الظروف أمام الاختيار بين أن يقفز مثل هؤلاء الرجال والزعماء ليقترب من الوميض أو الانتظار...إنتظار مولد الجماليات..مولد للقيم..لاحترام الذات، ولكنه يشير أن هناك من يدفن آماله في ظل هذا الانتظار، لأن الحياة لا تتغير باستثناء خيبات الامل، quot;فالخير كانت تجري ولادته، والخير كان موجوداً هناكquot;، ولكن بفعل فاعل تحول تحولاً كاملاً... تحول الى فساد، ويطرح تساؤلات عديدة من خلال نصه فهل من المستحيل أن يكون لدى الشعب زعيماً قوياً ويحمل قيماً جميلة في ذات الوقت؟ وعما إذا كان العفن والضعف هما أولاً وأخيراً اللعنة الابدية التي حلت بأفريقيا؟ وهل بالفعل الناس لا يملكون أن يفعلوا أي شئ مستدام إزاء هذه اللعنة؟
يقول المؤلف... يجب أن نصحوا من هذه الاحلام التي نعذب بها أنفسنا، لنتساءل هل الامر مازال يحتاج الى كل هذا العناء؟
[email protected]
التعليقات