كلهم كتبوا عن التغيير ولم يحدث أي تغيير
من باب التغيير.. غيّر الحجر

سلوى اللوباني من القاهرة: تناول الكاتب يوسف معاطي موضوع التغيير في كتابه quot;غير يا بنيquot; الصادر عن الدار المصرية اللبنانية بطريقته الساخرة الجذابة من خلال عدة مقالات... وانطلق من عبارة تتردد كثيرًا وهي quot;أن التغيير ضرورة حتميةquot; إلا أنه يرى بالرغم من أن هذه الجملة لا تزيد عن ثلاث كلمات إلا أنها ثقيلة على النفس... لذلك ينصح المواطن المصري بأن يغير جو... أو يغير ملابسه... أو يغير دمه. لأن هناك عبارة تتردد باستمرار في مواجهة التغيير وهي quot;إحنا زي الفل... مافيش حاجةquot; أي لا داعي لأي تغيير. إضافة إلى أن كلهم كتبوا عن التغيير ولم يحدث أي تغيير.

تغيير الوزراء
تناول عدة أمور يشكو الشعب ويتذمر منها كثيرًا ومنها الإنتخابات والديمقراطية والمناصب الوزارية... فعلى سبيل المثال مسألة تغيير الوزراء... قدم مثالاً على بعض الوزراء ومنهم وزير الزراعة... لماذا نريد تغييره؟ بعد أن أكلنا الكانتالوب والخوخ والعنب الفيومي... وبعد أن توافر الموز والخيار بهذه الصورة للشعب، لدرجة أنك لا تستطيع أن تفرق بينهما... والهرمونات وحقن الفواكه... quot;وإيه يعني جوافايه بتعض فيها طلعت بايظه... عاوز تشيل وزير عشان جوافايهquot;؟ أما بالنسبة إلى وزير الثقافة الذي لا يزال في منصبه منذ 20 عامًا... يقول معاطي: quot;وما علاقة المكوث في المنصب وبين التغيير... laquo;أنت بقالك كابس 30 سنة على نفس المدامraquo; ثم إن الفترة الطويلة تخلق نوعًا من الحميمية والونس بين الناس وغيرهquot;. ووزير الشباب الذي يستنكر معاطي تغييره لأن أمامه أكبر مهمة ينتظرها الشعب كله وهي ملف مصر في كأس العالم 2010 فكيف نريد تغييره؟ وهو الذي يعد ويشتغل ويتابع الدعاية. ليكمل الرجل مهمته وإذا لم نوفق في التأهل لكأس العالم 2010 هل نضحي بالرجل بعد أن اكتسب هذه الخبرة في الإعداد لكأس العالم؟ ونعين وزيرًا جديدًا لا يعرف الألف من كوز الذرة... ألا نعطيه الفرصة للإعداد لكأس العالم 2020؟! ويحلل معاطي أسباب عدم تغيير أي وزير فيقول إن كل وزير عنده مشروع ضخم لصالح هذا البلد... والمشروعات لا تتم بين يوم وليلة... وكل مشروع لا يعرف سره إلا وزيره... وعندنا في العالم الثالث تموت المشروعات باستبعاد أصحابها فماذا تريدون... هل تريدون خراب هذا البلد؟

40 مليون شيشة
ويرى معاطي أن من الأمور التي يستطيع تغييرها المواطن المصري هي حجر الشيشة... هناك 40 مليون شيشة تشتغل في نفس اللحظة مثل كورس إغريقي مهيب... يسحبون نفسًا واحدًا وتتوحد الأمة كلها في هذا الطقس الفريد حيث يشارك كل مواطن بجزء ولو بسيط في صناعة السحابة السوداء العظيمة التي تفخر بها أمتنا... quot;الكل يشد... ثم يطلع من quot;نخاشيشهquot; في دورة بديعة عبر الشيشة لا تقل في عبقريتها عن الدورة الدموية التي اكتشفها إبن النفيسquot;. فهناك مئات الشاحنات والتريلات تقطع الطرق من أسوان إلى الاسكندرية لتنقل آلاف الأطنان من المعسل. وكل هذه الجيوش ليس لها سوى هدف واحد أن توفر المزاج للمواطن المصري. ويقارن معاطي بين حضارة المصريين وإنجازاتهم سابقًا وبين الحال الآن... ويضيف: quot;أليس من حق الشعب بعد 70 قرنًا من الكفاح والعطاء أن يجلس ويعمل؟ 7 آلاف من الحضارة بنينا فيها الأهرامات المعجزة... وحاربنا الفرس والرومان والانكليز والفرنسيين.. ألفنا أعظم الكتب وغنينا أروع الأغاني... نهدأ الآن... ونريح شوية... وغير الحجر يابنيquot;! ويرى معاطي أن الشيشة ظاهرة ديمقراطية رائعة... فأنت تجلس وتشربها أينما أردت. وفي الوقت الذي تشاء. ثم إنك تملك التغيير في أي وقت... تغيير الحجر طبعًا... وتستطيع أن تخرج كل ما في فمك من دخان دون أن تكتم شيئًا... تلك الحرية التي تليق برجل عاش سبعة آلاف سنة مر قبلها بكل العصور التي مر بها الإنسان.. من العصر الجليدي إلى العصر الحجري حتى وصلنا إلى عصر المعسل... غير يا بني الحجر!

محاولة للتغيير
ومن القصص الجميلة التي رواها معاطي في كتابه عن محاولات التغيير هي إجتماع مجلس الوزراء في دولة ما... نامية... لكي يحاولوا أن يجدوا علاجًا لمشاكلها الإقتصادية وميزانيتها المنهارة. وحينما تحير المجلس في إيجاد أي حل وقف أحد الوزراء فجأة وقال: quot;لقد توصلت إلى حل حاسم ومضمون، لا حل سوى أن نعلن الحرب على أميركا. فصاح وزير الوزراء سآمر بإعدامك فورًا. أنت تريد أن تدمر البلاد وتجرنا إلى حرب لا قبل لنا بها... قال الوزير يا سيدي أنت لم تفهم ما أعني... أنظر إلى الدول التي حاربت أميركا... وانهزمت.. المانيا مثلاً ألم يدمرها الأميركيون... ما حالها اليوم عمل كثير وتقدم وتكنولوجيا ورفاهية. وايطاليا حاربت أميركا وانهزمت هزيمة نكراء والآن صارت لديها صناعة متقدمة وسياحة وثروة إقتصادية. واليابان ألم تدمرها أميركا بالقنابل الذرية؟ أين هي الآن... أسواق رائجة واقتصاد عظيم. فبدأ الوزراء بالتحمس للفكرة ورفعوا أيديهم للموافقة. إلا أن وزيرًا واحدًا لم يرفع يده قال: ثانية واحدة... وماذا يحدث لو انتصرنا على أميركا؟