علي النجار- مالمو- السويد: بعد انحسار نزعة الأنسانوية التي رافقت الحداثة على امتداد تاريخها، اكتسب الأبداع المعاصر صيغته التجاورية التواصلية بما وفرته له وسائل المعرفة السائلة (الميديا) وبصيغها المعرفية التراكمية الفائقة. وذلك من خلال اشاعتها الذائقة الجمعية المفترضة، فبات التجاور والتحاور عبر هذه الوسائل سمة هذا العصر. من هذا المنطلق يكتسب المصطلح الأفتراضي ( الثقافة الثالثة) أهميته كمرحلة متقدمة تعدت القدامة والحداثة الأنسانوية.
ان غرابة البحث التشكيلي ما بعد الحديث في بعض من طروحاته مواز لغرابة مصادر اكتشافات الفيزياء الحيوية المعاصرة. اكتشافات تؤسس لأحلام فردية وجمعية عبر مفاهيم افتراضية تعدت حدود الواقع للمجهول الكامن ظمن طبقة المخيال الفيزياوي الغرائبية، وباتت متاهة مشاعة. هذه الغرابة هي بعض من الغاز المعاصرة المراوغة والعصية على التفسير بنوايا الفهم الساذج، وهي بعض من لغز ثقافتنا الثالثة.
ما يتطلبه الفعل الفني التشكيلي هو قدر من الأبتعاد عن ارباكات العواطف الشخصية، من اجل استخراج عناصر ادراكية مركبة ومجردة في ان واحد. وافساح المجال لنشاط الخيال، مثلما الأشتغال على اثارة نوايا توثيق لحضات الزمن الهاربة. فالثقافة الثالثة هي حصيلة خليط واسع الوفرة من نظم ادراكية، ومنظومات لا ادراكية تتعدى تخوم الخيال مؤسسة لواقعها الأفتراضي المتنامي والذي اصبح مألوفا بوفرة انتاجه وتسويقه. لم تعد الأنتلجسيا تحتكر الثقافة بمعناها الشامل، بل باتت افرادا متناهي الصغر ضمن مشغل مبتكرات جسد الثقافة الحالية، التي لا تزال وباطراد تشتغل على امكانيات تسويق بضاعتها بمقاربات شعبية متبادلة في احيان كثيرة. في نفس الوقت الذي تحكمت فينا بوسائلها او وسائطها ومكتشفاتها الأعلامية والتسويقية والعلمية الفائقة القدرة. جيش العاملين ( التقنييين) هذا، نحن بعض منه سواء بوعينا او بدونه. ربما لكون التقنية هي سمة عصرنا، والتشكيل هو الأخر لا ينفصل عنها الا بحدود المخيال الفردي الذي يحدد معالمه السرية والعلنية.
تسويق الثقافة، وهي الان سوق هائل، يستوجب اختراق المجتمعات المتجاورة افقيا وعموديا. وكبضاعة قابلة للهضم من خلال اكتشاف شفراتها او رموزها الأبداعية التي تتعدى حدود منشأها. ومن خلال مسحها وهضمها لجغرافيا الثقافات المتعددة. وبقدر ما تبدو نتائجها غريبة او اليفة بغرابة، فانها تحاول وباستمرار التحايل على مسحة الأغتراب هذه. وما يساعدها على ذلك سطوة وسائلها الصورية التي باتت من خلال اكتشافاتها المتتابعة تخترق او تحدد سلوكياتنا، بما اننا لا نستطيع، وفي احيان كثيرة، تجاوز فضاءاتها التي باتت تحوطنا باستمرار، والتي اصبحت جزأ من فعالياتنا في نفس الوقت. عالم الصورة هذا اشتغل على محاولات الغاء بعض من فرديتنا التي نجاهد للحفاظ عليها كمنفذ اخير لأحلامنا. وليس امامنا الا ولوج هذا العالم بادواتنا الشخصية وبوعي مواز له.
اذا كانت المصطلحات كمفاهيم معرفية قابلة للأنزياح او التجاور او التقاطع، فان مصطلح ( الفنانين التشكيليين الأجانب) الذي يعمر اوربا، مصطلح ملتبس بنواياه. وبحدود فهمنا لثقافة ما بعد الحداثة التواصلية التجاورية، كثقافة افقية عابرة لمفهوم الحدود القارية. من هنا اجد انتفاء هذا المصطلح (الفنانين الأجانب) بحدود الأبداع الفردي ، الذي هو سمة العصر. كذلك بحدود التحرر من عقلية النموذج المحلي الملتبسة. فان كنا ابناء الأنترنيت والعولمة الثقافية والمعلومة الفائقة الشاملة، فليس من المعقول ان نكون ايتاما بحدود عقلية الأنغلاق النموذجية او المحلية. وتاريخ التشكيل الحديث والمعاصر غني بالأمثلة العابرة الحدود، وغالبيتهم فنانون مؤسسون لمدارس وانجازات تشكيلية خارج بلدانهم الأم. اشاعة المعلومة والذائقة اسست شموليتها وبتنا نعوم في فضائها بارادتنا او بدونها، بتنا نتجذر وسط فضاء الثقافة الثالثة كاقتراح مستقبلي خاضع للتحويل عبر مسار تفكك منظومات الأساليب التقليدية الموروثة. وعبر فضاء اثيري لا تحده حدود.
فضاء العرض الجديد ( * ) الذي توفر لرابطة الفنانين المهاجرين في اوربا، في هلسنكي، وكأي فضاء اخر من الفضاءات الجديدة التي كرست لمشاريع العرض المعاصرة، ساهم في شكل كبير بابراز جهد الفنانين المشاركين وبالشكل الأمثل الموازي لتصوراتهم. ورشة العمل السابقة بقيت تحمل بصماتها السابقة ( ارتفاع جدرانها النسبية وارضيتها الرمادية وسقفها بانابيب تهويته الضخمة) شكل بكل ذلك فضاء عرض معاصر مثالي. فضاء لا ينفصل عن محيط المدينة ( داخل خارج)، ولا ينفصل عن ايحائات اللعب المهرجانية ( فنتازيا مهرجانات المدن). مما اتاح للفنانين باللعب على نوايا ايحاءات فضاءاتهم الخاصة في هكذا مكان عمومي.
اكثر من عشرين فنانا من ساكني اوربا، ومن اصول متوسطية واسيوية وغربية ( شرق غرب) ولاتينية. ظم هذا العرض نتاجاتهم تحت عنوان (الثقافة الثالثة). هذا العنوان، او المفهوم الملتبس حاوره هؤلاء الفنانون بما يوازي اجتهاداتهم الثقافية الأركولوجية او مقارباتهم البيئية. او من خلال تأويلاتهم بحدود مساحة العلامة او الأشارة. فتنوعت ادوات العروض ما بين الفوتوغراف والفديو والملونة والأنشاء والتجميع. مابين العمل التقليلي والمشهدي او الأستعراضي وبمحاذات ولع التجريب المفهومي بمساحته الأختراقية.
من خلال مشهدية هذا العرض تنكشف امامنا نواياه الأدائية المعرفية. بما ان عنوان العرض شكل ضاغطا لا يبرح مخيلة الفنانين المشاركين. ومن اجال الأحاطة وبما تيسر لنا، بدوال الأعمال المعروضة، لا بد من تصنيفها ادائيا، ثم محاولة البحث عن محركاتها الذهنية والتي في معظمها استرجاعية وبنوايا ملامسة الحدث ومحيطه.
اولا: اعمال الفوتو، او محمولاته. والتي تشكل اعمال الفنانين (زهاو زهارو (1)و (أوزي فارون(2) ومجموعة مشروع ( علامة الشارع(3).
- اعمال الفنان زهاو تأسست اطرها الأدائية ضمن محيط محلي ( صيني) بنوايا استرجاعية، لكنها وظفت هذا الأثر الضاغط (صور القائد العقائدي الشخصية والتي اسست مع عناصر اخرى هالته او كاريزماه السياسية). هذا الأكتشاف الأثري وظفه ايضا فنانون عديديون منذ زمن البوب الأمريكي بنوايا استعراضية اغترابية، وحتى الان، لكن الفنان زهاو عمل على تحوير هذه الوسيلة بما يناسب اكتشافاته لأمكانية توظيف هذه السحنات الأنسانية البيئية المتجاورة او المختلطة بنوايا الجوار كأيقونات مادية لزمن مستمر يستدعي الأنتباه لما يكمن خلف جلودنا اللينة من هشاشة تستدعي الفة الجوار اواستعادة بعض من الدفء الأنساني. فالملامح لا تزال انسانية العلامة ومشبعة بنسغ الحياة، رغم فروقاتها الطفيفة التي تشكلت عبر زمن جغرافياتها المتعددة. التغييرات السرية الطفيفة ( التوثيقية) هي محور اهتمامات هذا الفنان.
- اما الفنان المصور أوزي فقد اشتغل على الحاشية (بالمعنى المخطوطاتي) كمكملة للنص الصوري والموظفة ايضا كديالوك جغرافي (حروفي- زمني)، استحضارا لا يغفل البعد او الهاجس النفسي والأجراء التقني في ان معا. فكولاج الحاشية هنا لا يبتعد في مقاصده عن كولاج اللقطات المتجاورة، لقطات موظفة ظمن هاجس ثقافي يتعدى جمالية المشهد المستل من الأثر المعماري البيئي او الطبيعي او الجسد البشري كمعبر لحس او ملمس الأختلاف بنوايا تفاصيله الواضحة او المموهة. اختلاف حضاري والسني ينوي الفنان تثبيت بعض تفاصيله، ولا يخفي نوايا استرجاعه او اعادة ترميمه من جديد.
- عرض المجموعة الفوتغرافية الأخيرة لمشروعها (علامة الشارع)، لم يبتعد عن نوايا الفنانين الاخرين الا بحدود مجال اختيارات مناطق اكتشافاتهم. ففي محاولات لأكتشاف مشتركات بيئية انسانية ظمن محيط مدني وذلك من خلال توظيف علامات الشارع التعريفية الأفتراضية (كونها من صنعهم). افتراضية غير بعيدة عن واقع مجتمعات تتشكل عبر سبل الأختلاط السكاني المعاصر. او الهجرة او النزوح عبر دروب الجغرافية السرية والعلنية. عبور هو مواز لعبور الزمن المعلوماتي الفائق السرعة. والخفي الوسائل. لكنه يتشكل عبر وسائل او حقائق العصر الحالي . لا من خارجه.
.
ثانيا-: تبقى اعمال الفنان (افتر جيت دانهال4) مساحة محايدة وسط هذا الجمع التشكيلي. هذا الفنان المتوحد القادم من اعماق البنجاب، لا يخفي مصادره البيئية او حبله السري الأكثر سحرا او توحدا. فعبر وسائله الأدائية التقليلة، تنفتح اعماله على نواياها الأستبطانية، مونولوجا يؤسس عتمة هي الأكثر اضاءة. مونولوج النور او ينابيعه السرية تتفتح منافذه بتؤدة تتطلب انتباهة المشاهدة الأولى. تأمل لحضة الأنكشاف هذه هي هدف الفنان لسبر دروب النور.واعماله المعروضة هنا لا تبتعد عن مقاصده العميقة المغزى، لكنها تمنح اسرارها او سحرها بنسبة شحنة التأمل المتوازية وبؤر الضوء النابعة من عمق محيط مصور مألوف جعله متخفيا في معظمه. و لا يمنحنا الا ما يوده الفنان من بوح في محاولة منه لأسترداد عافيته ( المحيط) المنتهكة بفضاضة مألوفية عريه او اباحة تفاصيله التي تصفعنا على امتداد ازمنتنا.
ثالثا-: الأعمال المفاهيمية، والمفاهيمية مجال اداء واسع، و كحاوية تشكيلية لأساليب وطرق الأداء المتنوعة تتيح للفنان الأشتغال على محمولاته الثقافية المعرفية والتقنية وبكل الوسائل المتوفرة سواء منها السمعية والبصرية، التقليدية والمبتكرة، وبمساحة اداء الجسد والطبيعة والبيئة وبابسط الوسائط اواكثرها تعقيدا.
ظمن هذه المساحة اشتغل عدة فنانين مشاركين في هذا العرض. ومنهم (محمد حسين عبد الله، صادق الفراجي، يحيى الشيخ، فيفان بوندي، انا زادروس، حقي جاسم، أمير الخطيب، زهانكهونك لياو، علي النجار، الكسندر ريجستين، ادولف فيرا)
- في محاولة لأستعادة الزمن الطقوسي الرافديني الأول، لم يكن امام الفنان يحيى الشيخ الا محاولة استنطاق مادة الدفء فيه، دفء مادة الصوف، ليس من خلال اشتقاقاته الدلالية (الصوفية) ولو انه لم يغادر بعض دلالتها وعبر تشكلاتها البلاستيكية. وهو الذي خبر مسالك الرسم الكرافيكي وايحاءات تشكل سطوحه لحوالي اربعة عقود. يعود في هذه الأعمال المعروضة لمنابع نشأته الأولى متقمصا جسد مادة الصوف أردية ومشاهد تتعدى وظيفتها الدفئية والمادية لدلالت اعمق تتسع للتأويل الطقوسي والبيئي الجنوبي العراقي الموغل في القدم، مثلما تعبر التاريخ للجغرافيا القارية المعاصرة.
- عمل فيفيان( 5 ) بوندي الذي لا يخفي مصادره كسيرة ذاتية، بتفاصيل ملسقاته الصورية والنصية الطباعية التي احتلت سطحه البلاستيكي (من مشتقات مادة مطاطية). سيرة لا تخفي بعض من ابرز اضاءات لحضات ايامها، ملامح مسترجعة، خفقة جناح طير او طائرة عابرة. صور تذكارية، بعض من تفاصيل دراما رحلة الزمن، رقصات باليه شكلت خفة ايامها. لكن يبقى العمل ملغزا بسر مادته (حاضنته) المطاطية. عجلة زمنية تجوس زوايا او خبايا تفاصيل حياة لا تني تعشق الاخر معادل للانا.
- الجسد في التشكيل العراقي، كمفردة تشكيلية خضع الى عدة تغييرات وتحويرات او تحولات عبر التاريخ، سواء كانت رمزية ايقونية او ميثولوجية او سياسة وغير ذلك. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة اغفل الأشتغال عليه من قبل غالبية التشكيليين داخل العرق. لكنه يستحضر في اعمال التشكيليين العراقين المهاجرين. كمفردة قابلة للتجاور او التحاور عبر وسائل التشكيل البصرية والتي تتيح للفنان تجاوز سطح القماشة الى فنتازيا التصوير الفديوي. وما عمل صادق الفراجي المشارك به في هذا الرض الى نوع من بوح وجداني بدلالات استرجاعية تختلط فيها مهاراته الكرافيكية وتقنية وسائل الفديو الفني.
- تستقي انا زادروس( 6 ) من ابعاد الفضاء المعماري المادية، والميتافيزيقيا، ولعها التفسيري المحيطي. وما محاولاتها للأحاطة بفضاء العرض ككل (مجموع الأعمال المعروضة ومساحة الفضاء الموازية والمحيطة). خيوطها الحمراء شكلت شبكة اتصالات شبه معلنة مابين العروض وفضاءاتها المحيطية. شبكة انتمت لمساحة العرض وفي نفس الوقت اضاعت بعض من هذا الأنتماء بمتهاتها الأخرى. ربما لضيق وقت التأمل دور في ذلك. مع ذلك فان فعلها موجود بحيز نواياها. ما دام هذا الفعل الفني هو الذي يبقى بعد هجرة احلامنا.
- ماذا تريد ان تخبرنا صفائح حقي جاسم الزجاجية الثلاث بابعاد مسافاتها المتساوية المندرجة وسط فضاء العروض العديدة. ربما تخبرنا باننا مجرد صفائح زجاجية قابلة للكسر، ان لم تكن قابلة للتنافذ. وان اعجزنا الكسر فهناك المزيد من الأحتياط في جعبة اللعبة (الغولف) المركونة في زاوية العمل. لم يكن ثمة مجال للخيال هنا. لقد فعلها الفنان في قطعته الخامية والأخيرة التي احتوت هشيم الزجاج. الواح الزجاج حدودنا القارية المهاجرة، وهي ذواتنا القابلة للكسر او النفاذ عبر شفافية حواجزنا الزجاجية. ربما بين التكسر (التهشم) والنفاذ تتشكل جزئيات حياتنا، نجاحاتنا واخفتقانتا، او هجراتنا كما يراها حقي. ولم تكن لعبة الغولف هذه الا مجاز الأنزياح لمصيدة مصائر الهجرات الأنسانية، في زمن بات العاب الهجرة جزأ من فنتازيا الأكوان الجديدة.
- وبما اننا مهاجرون ومولعين بالهجرات (؟) فهجرة عبد الأمير الخطيب تبدو كأثر رومانسي غير قابل للنفاذ رغم تفاصيله الفنتازية. و طيوره المهاجرة والتي حاول استعادتها وتطويعها في عمله عبورا للمجهول ( المجهول هنا يمثله ثقب في عمق منشأة داكنة ثلاثية الأبعاد مثبتة في ركن احدى زوايا العرض العلوية) ربما هي جزء من لا معقولية متوازية معاصرة. وما استجابة هذه الطيور لضنك شروط حالتها، او عبورها الغريب، الا جزأمن غرابة واقعية هجراتنا. غرابة تأسست شروطها الأنزياحية السكانية تحت وطاة شروط سياسية قاهرة لم تبقي لمعظمنا الا مجال هذا الثقب السري.
- دفاتر زهانكهونك لياو( 7 ) تختصر الأرث السياسي الأسيوي الحديث. ارث ليس من السهولة تثبيت ولو القليل من تفاصيله بعمل مسندي تقليدي (لوحة ملونة او تمثالا نحتي مثلا) لكنه يستجيب لشروط الأخراج الدفتري. وكعرض موازي لمساحة العروض الضوئية ولو بحدود اقل. وما ميز دفاترها هذه هي السمة الثقافية التنافذية، المحمول الأرثي (الصيني) والغربي الأدائي في نفس الوقت. ولكنها كأثر فني لا يخفي سعيه للكشف عن متناقضات سبل العصر الكزارثية احيانا.
- بعد ان هجر العمل التقليدي التشكيلي منذ ان غادر العراق، لا يزال الفنان محمد حسين عبد الله يبحث عن وسيلة تخاطبية من خلال اجراءاته الأدائية المتنوعة (الفديو التشكيلي، الفعل التلسيقي،المدونة والأداء الجسدي)، وعمله المشارك في هذا العرض اراده ان يكون اجراءا تخاطبيا دلاليا، ومن خلال قصاصاته المبثوثة على اركان واعمدة قاعة العرض، والتي لها علاقة بمقاطعه النحتية التي افترشت منضدة هي افتراض لوليمة. الدعوة التخاطبية هذه ربما تحمل بعضا من زيف علاقاتنا السطحية والاخر.
- بالرغم من مغادرة الفنان ادولفو فيرا( 8 ) بلده ا لأصلي شيلي الى فنلندا، منذ انقلاب العسكر في عام (1973).فان عمله المعروض هنا لم يغادر منطقة مدارات شيلي القارية. اكتضاض الأنوار او علبها. (صناديق الفوتو الشفافة المنورة). شكلت ديناميكية حلم السواحل القارية ووهج دفء لاتيني. اما زوارقه الورقية الطافية وسط مساحة زرقتها، فشكلت امتدادا اوحبلا سريا لجغرافياه الشمالية الثانية وجغرافيا نأيه.
- اما عملي المشارك والذي اود فقط الأشارة اليه (بما انه جزء من عروض هذا العرض) فقد اشتغل على ذاكرة الجسد في منحى لأستعادة بعض من حريته خارج اطر المصادرة (الجنس او الدنس وهستريا القمع) تشكلت اشاراته بتفاصيل عديدة وبرسوم ورقية وملونات مسندية ومعلقة شفافة.
- اعمال الفنان ا لأنكليزي (نيك ويتل 9) الكرافيكية تحمل براءة مصادرها البيئية كعلامات للتأمل بحدود خفة نسيم او خفقة جناح شراع زورق. فهو ينأى بشكل قاطع عن الحدث الدراماتيكي لسعة مساحة تفاصيله، الى مختزلات بيئية كمعادل لنشوة داخلية.
اخيرا بعد اثارتنا او تسليطنا الضوء على بعض من تفاصيل اعمال غالبية المشتركين في فضاء (الثقافة الثالثة). في محاولة لأكتشاف بعض من المسارات او المحركات الذهنية لهذه النماذج الأبداعية المشاركة والتي اجدها تتوزع خارطة جغرافياهم اولا ومن ثم بناهم الثقافية ومساربهم الحياتية الأخرى. واشكالية الهجرات تكمن في فروقاتها الجزئية الكبرى والصغرى. اي بين هجرة من بيئة نائية واخرى متقاربة. هجرة ما بين شعوب اوربا الواحدة رغم تعدد اللغات. وهجرات من اقطار نائية اختلفت روابطها البيئية وعاداتها الثقافية بنسب متفاتة. وما جمعهم في هذا العرض الا ولع بتفسير مساراتهم الأبداعية المتنافذة واللغة التشكيلية العالمية المنحى.
معرض الثقافة الثالثة لرابطة الفنانين المهاجرين في اوربا، والذي افتتح في اليوم الأول من مارس لهذا العام في قاعة كابيلي ( وهي بالأساس كانت ورشة عمل كبيرة، وهي خطوة مشابه للعديد مثلها في اوربا)rsquo;من مركز ثقافة هلسنكي. واشتغل العرض على عنوان الثقافة الثالثة. كما اشترك في هذا العرض اثنان وعشرون فنانا مهاجرا يستوطنون اوربا ومن اصول اوربية ولاتينية مع ستة فنانين عراقيين . وافتتح العرض مدير متاحف فنلندا، مع نخبة من الجمهور المهتم.
1- Zhao Shaorou ، 2- Uzi Varon ، 3- Street Signs project ، 4- Avtarjeet Dhanjal ، 5- Vivian Bondy ، 6- Anna Hansen ، 7- Zhanghong Liau ، 8- Adolfo Vera ، 9- Nick Whittle .
التعليقات