الاستشراف ودور المصلح أصبحا وسيلة يتخذها بعض الأبواق للتقليل من أي عمل أو منجز أو ترابط مجتمعي أو فعالية. ويذهب لذلك المعنى المتداول في العالم الافتراضي حول الانتساب إلى الشرف بالنيل من الآخرين، وادعاء المثالية، والتصنع، والتناقض بين الأقوال والأفعال، واقتحام الخصوصية. بل أصبح البعض مهووساً بمحاسبة الآخرين، وكثر قوله بما لا يفعله، ويعيب على الآخرين ويأتي بما يفعلونه. فجاءت كلمة "الاستشراف" تعبيراً عن تلك السلوكيات ومكافحتها وما يجب وعيه وإدراكه بدلاً من الانشغال بالآخرين ومحاسبتهم وفرض الوصاية عليهم.

تصحيح الإنسان نفسه ليس عيباً ولا جرماً، ولكن البعض أخذ دور الوصي، وينطبق عليه المثل: "اسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أستغرب".

الإنصاف في الكلمات بعيد عن أعين أصابها الرمد، ويوجد فيها ضبابية بأنفة وغرور محصلته قلم متلون. ومن يبحر في خفايا الأمور يجد أنَّ الفضائل العربية غائبة عمّا يُخط، ومغيبة عن الحق والكلمة المنصفة.

ثقافة أشبه ما تكون وفق الموجة والموضة. والبعض حدود عقله المال والجاه والمنصب، فأصبح يتوهم أنَّ الطبقة المجتمعية التي لا تساوي ما حصل عليه تسأل وتطلب منه وتتقرب من المسؤول أو تظهر تودداً. ولم يعلم أنَّ الاحترام سمة ونهج ومسار نتعلمه من ديننا ومن ثقافتنا السعودية وطبيعة مجتمعنا الذي اتسم بالخلق الرفيع. ولنا في ولاة أمرنا أسوة حسنة بالتواضع والإنصات والكرم الرباني، ولا يوجد لديهم تفرقة؛ فالجميع على ميزان واحد، وهو شخص المواطن الذي يعتبرونه منهم وفيهم. ولا يهم أياً يكن، فالجميع سواء.

الثقافة هوية يدين بها الإنسان السعودي، وعادات وشيم وقيم نهج سار عليه من الأجداد إلى الأحفاد، وطبيعة وجبلة لا يستوعبها من يفتقدها.

إنَّ هذا الوطن بمعلقاته الشعرية وإرثه الزماني والمكاني المتواتر صبغتها الشهامة والفروسية والإبل والمواقف والأشعار، والتي تجمل ذلك الخلق العربي الأصيل، والذي جاء الإسلام متمماً لمكارمها. من حاتميته وبئر هداج واليمامة وغيرها ظلت شاهدة على إرث انطلق منها إلى كافة الثقافات.

وأختم مقالي بقصيدة الأمير بدر بن عبدالمحسن - رحمه الله - ببلاغة الشعر وإبداعه:

دارنا ما هي في كل الديار
شمسها .. تسبق الشمس بنهار
وأرضها .. تزهر أمجاد وفخر
أهلها أهل الشيم
عمروها من عدم
سطروا فوق العلم .. لا إله إلا الله.