يوافق الخامس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر)، اليوم العالمي للقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء، وهو فرصة للتأمل في أوضاع النساء في المجتمعات المختلفة ولمناقشة التحديات التي يواجهنها. وقد تم اختيار هذا اليوم تكريمًا لذكرى الأخوات الثلاث: ميرا، باتريسيا، وماريا تيريو، اللواتي قُتلن بسبب أنشطتهن السياسية في مواجهة النظام الديكتاتوري في جمهورية الدومينيكان.

وفقًا للإحصاءات، فإنَّ 736 مليون امرأة حول العالم، أي واحدة من بين كل ثلاث نساء، تعرضت على الأقل مرة واحدة في حياتها لنوع من أنواع العنف! إن العنف، بكل أشكاله وفي أي سياق، مرفوض ومستهجن، وهو ظاهرة اجتماعية لطالما اعتُبرت واحدة من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان، وله عواقب وخيمة وسلبية على تقدم النساء في جميع مجالات الحياة.

وفي إيران، يُعد هذا التاريخ مناسبة لتسليط الضوء على القمع الوحشي الذي تتعرض له النساء في ظل استبداد النظام الديني لولاية الفقيه، وعلى الدور المحوري الذي تلعبه النساء في الانتفاضات من أجل الحرية، وكذلك على المبادئ التي يتبناها المجلس الوطني للمقاومة بقيادة السيدة مريم رجوي، التي تعدّ من الرواد في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.

القمع الوحشي للنساء في نظام ولاية الفقيه
منذ نشأته، اعتمد نظام ولاية الفقيه في إيران أسلوب القمع المنهجي ضد النساء. فبعد الثورة المناهضة للنظام الملكي عام 1979، تم تطبيق قوانين تمييزية بسرعة كبيرة، مما أدى إلى انتهاك واسع النطاق لحقوق النساء. ومن أمثلة هذا القمع: فرض الحجاب الإجباري، القيود المفروضة على الوظائف، وحظر العديد من الأنشطة الاجتماعية. هذا القمع لم يعزز فقط عدم المساواة بين الجنسين، بل جعل النساء يُعتبرن فئة مستضعفة في المجتمع. العنف الأسري، والاعتداء الجنسي، وأشكال أخرى من العنف ضد النساء منتشرة على نطاق واسع تحت هذا النظام، الذي بدلًا من دعم الضحايا، يواصل بشراسة تصعيد قمعهن.

أكثر أشكال العنف شيوعًا ضد النساء في إيران هو فرض الحجاب الإجباري، الذي قام النظام الديني المستبد بتقنينه عبر قوانين مختلفة، ليصبح أداة قمعية ضد النساء.

دور النساء في الانتفاضات التحررية في إيران
لعبت النساء الإيرانيات دورًا بارزًا في الانتفاضات التحررية عبر التاريخ المعاصر. فمن حقبة الثورة الدستورية إلى الثورة المناهضة للنظام الملكي، كانت النساء دائمًا في الصفوف الأمامية للنضال من أجل الحرية. خلال الثورة الدستورية، قادت النساء، بقيادة زينب باشا، جهودًا لتأسيس جمعيات ومجلات مستقلة، وسعين إلى نشر الثقافة والوعي الاجتماعي.

في تلك الحقبة، كان العدو الرئيسي للنساء هو التيارات الدينية بقيادة رجل الدين الرجعي فضل الله نوري، الذي كان مدعومًا من القوى الأجنبية كإنجلترا وروسيا ومن البلاط الملكي الفاسد. هذه القوى لم تتحمل الحرية والمساواة في حقوق النساء. وخلال الثورة الإيرانية المناهضة للنظام الملكي عام 1979، لعبت النساء دورًا فاعلًا في المظاهرات والانتفاضات. ومع ذلك، قام الخميني، بصفته رجل دين متشدد، منذ بداية الثورة، بقمع النساء بوحشية. وقد أمر نظام ولاية الفقيه، بقيادة الخميني، بإعدام أو قتل تحت التعذيب جميع النساء الحرائر، لا سيما المجاهدات اللواتي لعبن أدوارًا قيادية في الانتفاضات.

وفي الحركات الأخيرة، مثل انتفاضة مهسا أميني في عام 2022، تصدرت النساء المشهد كرواد في الاحتجاجات ضد الظلم والتمييز، مؤكِّدات دورهن التاريخي. تمثل هذه الانتفاضات عزم وإرادة النساء الإيرانيات في تحقيق حقوقهن وإقامة مجتمع حر ومتكافئ.

مشروع الحريات وحقوق النساء في إيران الحرة غدًا
أكد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بقيادة السيدة مريم رجوي، بشكل مستمر على أهمية حقوق النساء، وقدم خططًا محددة لتحقيق هذه الحقوق. وقد جعل المجلس المساواة الكاملة بين الجنسين أحد مبادئه الأساسية، مشيرًا في بياناته إلى الحريات الفردية والاجتماعية للنساء.

في عام 1987، اعتمد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالإجماع مشروع الحريات وحقوق النساء. وفي آذار (مارس) 2010، طرحت السيدة مريم رجوي رؤى المقاومة الإيرانية حول هذا الموضوع خلال اجتماع "النساء، رائدات التغيير الديمقراطي في إيران" الذي انعقد في البرلمان الأوروبي. ومن بين النقاط التي تم التأكيد عليها في هذا السياق:

1. إلغاء وإزالة كافة أشكال القمع والإجبار والتمييز التي يمارسها نظام الخميني الرجعي (الشريعة الخمينية) ضد النساء الإيرانيات، والالتزام بجميع الحريات والحقوق المقررة للنساء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعلان القضاء على العنف ضد النساء الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول (ديسمبر) 1993.

2. التأكيد على المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية بين المرأة والرجل.

3. ضمان الحقوق الكاملة لجميع النساء في البلاد بغض النظر عن أي شكل من أشكال التمييز أو الاستغلال، ورفض أي تصور يُعامل المرأة كسلعة.

إضافة إلى ذلك، شددت السيدة رجوي، في مناسبات مختلفة ومن خلال بيانات عديدة، على ضرورة مكافحة العنف ضد النساء وخلق فرص متساوية لهن، داعية إلى تغييرات جذرية في الهيكل الاجتماعي لإيران. ومن بين ما ورد في المادة الخامسة من خطتها المكونة من عشرة بنود بشأن حقوق النساء: "المساواة الكاملة بين النساء والرجال في الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والمشاركة المتساوية للنساء في القيادة السياسية، وإلغاء كافة أشكال التمييز، وضمان حرية اختيار اللباس والزواج والطلاق والتعليم والعمل، ومنع استغلال النساء تحت أي مسمى".

الكلمة الختامية
بالنظر إلى تاريخ قمع النساء في ظل نظام ولاية الفقيه المعادي للمرأة، والدور المحوري الذي لعبته النساء في انتفاضات إيران، يمكن الاستنتاج بأن الخطة ذات البنود العشرة التي طرحتها السيدة مريم رجوي تُعدّ أكثر الخطط نضجًا وتطورًا كمنصة لتحقيق الديمقراطية، بما في ذلك حقوق النساء.

هذا الميثاق لا يقتصر على حقوق النساء فقط، بل يتناول الحرية والمساواة لجميع أبناء الشعب الإيراني، ويعكس رؤية واضحة لمستقبل خالٍ من التمييز واللامساواة. تقف النساء الإيرانيات، بأصوات عالية وفي الصفوف الأمامية، للمطالبة بحريتهن وحقوقهن، مما يجعل هذا النضال امتدادًا وتطورًا لتاريخ الكفاح من أجل الحرية في إيران.