سلوى اللوباني من القاهرة: أجرى مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة الهلال حوارًا ثقافيًا فكريًا مع الرئيس حسني مبارك حول قضايا الفكر والإبداع والفنون. وهو أول حوار ثقافي فكري بعيدًا عن السياسة. وقد جاء في الحوار الذي نشرته المجلة في عددها الأخير ذكريات الطفولة والنشأة والتكوين وسنوات المدرسة الإبتدائية، وإهتمامات الرئيس بالقراءة، ومن هو المفضل لديه في مجال الرواية والشعر والمسرح والسينما، كما تحدث عن المجلس الأعلى للآثار وأهمية إعادة نشر أعمال الرواد وإتاحة أعمالهم لأجيال الشباب، وحرية التعبير والإبداع وغيرها من الموضوعات.

مجلة الهلال

وخلال حديث الرئيس عن ذكريات الطفولة والشباب قال إن مجلة الهلال ساهمت في ثقافة أجيال متعاقبة من المصريين منذ صدورها مطلع القرن الماضي بما في ذلك الجيل الذي ينتمي إليه. ويعتبر أن عراقة مجلة الهلال من عراقة مصر وشعبها، فهي كانت دائمًا نافذة شهرية للفكر والإبداع والثقافة. ويأمل أن تسهم بعطائها للجيل الجديد، لذلك شجع المجلة على إعادة طبع الأعمال الأدبية والفكرية الناجحة التي أصدرتها روايات الهلال وكتاب الهلال فضلاً عن الإصدارات الأخرى لسلسلة كتب quot;اقرأquot; وquot;أعلام العربquot; وغيرها. إصدارات في طبعات شعبية لتكون في متناول الشباب بأسعار رخيصة حتى تتعرف الأجيال الجديدة إلى أعمال هؤلاء الرواد للفكر والأدب والثقافة.

القراءة

وعن حديثه حول إهتماماته بالقراءة وكيف كان لها تأثير على تشكيل شخصيته، قال إن القراءة كانت المصدر الأول للمعرفة وذلك قبل عصر التلفزيون والفضائيات، وذكر من هذه القراءات إصدارات مجلة الهلال وروايات الهلال وروايات الجيب ومجلات الرسالة للمرحوم الزيات والثقافة للمرحوم أحمد امين. فهذه الاصدارات هي التي قدمت لجيلنا روائع الادب العالمي وعرفتنا بشخصيات مصرية عظيمة مثل عرابي ومصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وكتاب عظماء أمثال طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ومصطفى صادق الرافعي وغيرهم. وكان في مرحلة الدراسة الثانوية معجبًا بشعر محمود سامي البارودي لإرتباطه بثورة عرابي ولأنه فارس السيف والقلم. ومن الشعراء المحدثين يعجبه المرحوم صلاح عبد الصبور.

ثروة مصر الثقافية

وأوضح الرئيس في حديثه بأنه لا داعي لإنشاء وزارة للآثار والتراث القومي للحفاظ على هذا التراث... فيوجد في مصر المجلس الأعلى للآثار التابع لوزراة الثقافة. والمهم هو الحفاظ على هذه الثروة من الآثار والتراث بغض النظر عن المسميات واستكشاف ما زال مطمورًا تحت الأرض من هذه الثروة. كما تحدث عن مشروع المتحف القومي الجديد على هضبة الهرم وإعادة تخطيط المناطق المحيطة بمعبدي الاقصر والكرنك وترميم وإعادة افتتاح المتحف القبطي وعن إنشاء متاحف جديدة بما في ذلك مدن الصعيد. أما عن مركزية الثروة الثقافية في القاهرة والإسكندرية، فقال إن التحدي الاكبر خلال المرحلة القادمة هو الإستمرار في تحقيق معدلات مرتفعة للإستثمار والنمو وإتاحة فرص العمل والاهتمام في الوقت ذاته بتحقيق عدالة توزيع ثمار التنمية بين المحافظات بما في ذلك توزيع الثروة الثقافية وأنشطتها بين المحافظات. فهناك جهدٌ ضخمٌ متواصل للوصول بالثقافة إلى محافظات الصعيد والدلتا من خلال قصور الثقافة ومكتبات الأقاليم في إطار برنامج القراءة للجميع، والقنوات التلفزيونية المخصصة لمحافظات جنوب الوادي ومحافظات قناة السويس، إضافة الى 17 متحفًا إقليميًا في النوبة والأقصر وسقارة وسوهاج والمنيا والوادي الجديد والعريش وطنطا ورشيد ودنشواي، ومتحفين تحت الإنشاء في شرم الشيخ والغردقة.

حرية التعبير والإبداع

و يرى الرئيس أن حرية الرأي والتعبير حق ثابت من حقوق الإنسان وكل حق يقابله إلتزام، فالإنفتاح الثقافي وحرية الإبداع مكفولة للجميع شريطة ألا تتجاهل خصوصيات مجتمعنا وموروثه الديني والثقافي. وقال نحن في حاجة لحوار حقيقي يلتقي حول القيم المشتركة للإنسانية يقوم على قبول الآخر والتكافؤ والاحترام المتبادل، ويسعى لتحقيق المصالح المشتركة لأن نظريات صدام الحضارات تعبر في حقيقة الأمر عن صدام في المصالح. أما عن الصحافة في مصر فيرى إنها تعكس حركة وحيوية المجتمع. وأن بعضهم يسيء ممارسة حرية الرأي والتعبير وينظر لكل ما يجري على أرض مصر من وراء منظار أسود. ولكن بالرغم من ذلك فان العمل الصحفي في مصر يزخر بالعديد من الكتاب الجادين الذين يلتزمون الموضوعية وسلامة القصد وشرف المهنة وقواعدها... وأضاف أن القارئ المصري ذكي ويستطيع أن يميز بين هذا وذاك.

مقتطفات

-عبر الرئيس حسني مبارك عن شعوره بالفخر والإعتزاز لحصول أربعة من أبناء مصر على جائزة نوبل وهم الرئيس أنور السادات والأديب نجيب محفوظ ود. أحمد زويل ود. محمد البرادعي. وأن هذا مثال على عبقرية التاريخ المصري وعبقرية المكان ومصر ستظل غنية بابنائها.

-أوضح أن جوائز الدولة يصدر بها قرار جمهوري ومن حق كل من حصل على جائزة من جوائز الدولة تسلم الشهادة والقيمة المادية لهذه الجائزة. ومكتب وزير الثقافة ومكتبه مفتوحان لتلقي هذه الشكاوي وحلها.

-يقرأ الرئيس حسني مبارك الآن كتاب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر quot;فلسطين السلام وليس الفصل العنصريquot; فقد قرأ ملخصًا عند صدوره منذ بضعة أشهر والآن يقرأ النسخة التي أهداها له الرئيس كارتر.

- تراجعت فرص الإستمتاع بفنون السينما والمسرح بعد تحمل الرئيس مبارك الكثير من المسؤوليات عندما أصبح قائدًا لسلاح الطيران. فلم يعد يصطحب أسرته إلى دور السينما والمسرح. ويسعد من وقت إلى آخر بالإستماع إلى أم كلثوم ومشاهدة حفلات فرقة الموسيقى العربية بالتلفزيون.

-كلمته لشباب مصر بأنهم الأمل في الحاضر والمستقبل. وأن مصر غنية بأبنائها وأنهم ثروتها الحقيقية.