تلك السنين، وهدأة ليل السرابيل
ويدي ما زالت تحمل وردة حمراء
كلما يوقظني أول عناق لقاء
ويتدلى الليل بملاءة سوداء
ويطل الفجر بالضياء، بأحسن رداء
مطرزا بالجمال، بسنابل صفراء
أول النهار، سجع البلابل في الصباح
أول النهار، حين تورق الزهور فوق الغصون
وحين يبدأ استهلال مولود جديد
فهناك صيحة أم حسناء: ولدي الوحيد
طول السنين، وهدأة ليل السرابيل
سامرت ليلتي ليلتها: نغما وغناء
صافحتها بقبلة ذات أصداء
رسمت في خدها ربيعا من أضواء
فالقمر اكتمل بدرا في غرفتها
وأنا في ضوء وجهها متعجبا أنظر
أيقنت أن الحب يزداد في الضياء
ومن فرط القبل من شفتيها تفطرا
لآلي ندى موهوب شهدا للعطاء
عطرا hellip;وآسفا على تلك الأيام الجرداء!
تلك السنين، وهدأة ليل السرابيل
ويدي ما زالت تحمل وردة حمراء
فوق كل غصن مزهوة في مظهر الوفاء
يعانقها نسيم عبق، وأفياء نخيل
ومطر خفيف، في الصباح و المساء
وشفق أفق فوقها يغازلها باستحياء
وهدير ناعور يروي سواقيها بالمواويل و الماء
وتتورد في ليلة قمراء ككروم عرائش بلادي
تتورد من كدح الأبناء، و الآباء
ريانة في العراء، عباقة في يد الزمان
عريانة دون خجل حكايتها حكاية حب أفياء
تفتح أوراق أجنحتها، ناظرها، قلبها،
في الحب رواءhellip; تعرض عن نفسها،
عن وصف جمالها، كالنور في الظلماء
طول السنين، و هدأة ليل السرابيل
ويدي ما زالت تحمل وردة حمراء
فأنت أيها الحبيب، رائد الدموع!
هو ما اشتاق إليه بين الغرباء
هل تعرف أن دموعك للحب تتفجر؟!
وأنت يا حلوة المعالي!
عهدي بك شلال ماء في السراء والضراء
كعهد برعمي ترنيمة لكل من يود الإصغاء
لعزف الناي في المراعي، ولغناء الحداء في الصحراء
فقد ذهب الزمان بالجنائن، وظل غصني للأحباء
تلك السنين، وهدأة ليل السرابيل
ويدي ما زالت تحمل وردة حمراء
وفي بلادي تراق الدماء
كل يوم تراق الدماء
بامتياز
غير مقترن بزمان
وفي فم أفياء صيحة نداء:
دماءhellip;دماءhellip;دماءhellip;
كل يوم تراق الدماء
وفي عينيها رأيت احسن و أجمل بكاء:
أهذا العراق؟!
تزخر أرضه بالنفط
ويعيش أبناءه على ضوء السراج
في البرد
في العراء
في الشتاء
أهذا العراق؟!
فقراء
جوع
موت أبرياء
ما اشتكيت من كلامها!
وقد أصبت، فسرت ليلتي ليلها
وتخضبت شفتاي عسلا
ولم يركن لعابي إلى لعاب الأفاعي
وأنياب أغوال
وأسود وثعالب وعقارب وجمال
فنضت ثيابنا بقية الليل
جنان الليل
رداء تبجيل
وأصغينا: ( فقلت سلاما فقالت سلام )
وأجابت مثل تغريد الحمام
لا الليل سابق النهار
لا التراب سابق العظام
ساعة فساعة
أصغيت إليها أذني، وأغضيت بصري
أنا ومثلي همنا أجل من دهر
ملك أم جن أم بشر
حديد أم حجر
( قالوا سلاما ما قالوا سلام )
فأجابت أفياء مثل تغريد الحمام
في بلادي تراق الدماء
كل يوم تراق الدماء
وأنت ما زلت تحمل وردة حمراء
التعليقات