من اين اتيتْْ؟
تركتُ طريقي كي ابقى وحدي دون رفيق ٍ
دون وصيٍّ،
دون كتاب ٍ
او بيتْ
َمنْ أعطاك دليلَ طريقي؟
ماذا تفعل بي؟
كنت نأيتُ بعيدا عنك، وخلفّتك في الماضي: أشجاراً ودروباً
وخطوطاً فوقَ الأبوابِ وفوق الجدران ِ،
واغنية ً تصدح في الشارع ِ في سمع المارةِ في الحيِّ من الراديو،
فاردّدُها في وله ٍ، فيعود صداها من إمرأة ٍ في البيت تُعدُّ الخبز َعلى التنورِ
فأسمع صوتي مختلطاً بالريح،
وأنّاتِ سجين ٍ في (سجن السدةِ) لا ادري،أسجينٌ حيّ ٌٌ ام ميتْ
من اين تعود اليًّ؟
وكنتُ رحلتُ وأوصيتكَ أنْ تتركَ لي ذكراكَ، وأصواتَ طفولتِنا
أخبرتك عن مَللي، وخرابِ حياتي، وصعودِ كآبةِ روحي برجَ مداها
وسألتُكَ ان تسلُوَني وتبعثرَ ما يبقى من اشيائي فيك،
سألتك ان تنسى
أنْ تقطعَ حبلَ مودّتِنا
وسألتك ان ترعى ما ابقيتُ من الأحياءِ لديك.
لِمَ تتبعني، وتطاردني?
وتؤلب عاطفتي كي اتذكرَّ ماضي الأشياءِ وازمنةَ َ المدن المطوية في ذاكرتي ?
مَنْ انت لكي تأسرَني بشذاك وايامِكَ،
والشمسِ
وضحى الأيام ِ،
ورائحة ِ الدفلى والآسِ وأسيجةِ الخشبِ الأبيض
وحديدِ السكةِ والعربات?
مَنْ انت لكي تقتسمَ اللذة َ في منفايَ معي
وتشاركَني خبزي ونبيذي
وتراقبَ همسي لنساءِ الكون، وترصدَني في ولهي بامرأةٍ?
مَنْ انت، ومن أوصاكَ باحلامي
لتبدّلَها?
انام واحلم ثم اراها، الصبحَ، وقد صارت اوهامي
مَنْ انت؟
مللتك محمولا في عنقي مثل الاغلال تصلُّ صليلَك في اذني
وتقهقه مثل شقيٍّ منتصرٍ فوق خرابي وبقايا ايامي
هيه ٍ، انتَ، تعال هنا، يكفي ما اقترفت ايديك وما تركته على وجهي من تعب ٍ او من ضجرٍ منك،
اسمّيكَ الان واكشف عن اسمَكْ
وأفضحُ ما تخفيه
سأخطٌّ حروفَك، حرفاً حرفاً واسميك واهتك سرَّكْ
واقوّلكَ الاقوالَ، واهرب منك الى بريّةِ روحي
او اهرب منك الى ابعدِ تيه
(لَكْ) يا وطني ماذا تفعل؟
( لَكْ) من انت وماذا يجري فيك.
(لَكْ) ما طعم حليبك حتى انساه
ما معنى آسمك في الفردوس ومن سمّاه؟
تعرّق، ثم تعرّق، حتى تتصبّبَ ملحا ومياها وندى وطقوسا واساطيرَ وقتلى وحروباً ومقابرَ،
حتى تتصبب بَوْحاَ وتراتيلا وكلاما ليس له معنى، او ذا معنى حتى ننساه
(لَكْ) قل لي:مَنْ سمّاكَ عراقا
وأعطاك عراقيين يموتون بلا معنى
و(يموتون) عليك وفيك،
واعطاك السلوى والمن
واشباحا وغزاة يقذفهم تاريخ يتكرر
مَنْ انت ومن اتيت
من اوروك وماجاورها
ام من عَرَقِ الانسان ليشقى
ام من عِرْقِ الارض
تعال اذن لاكاشفك الاسرارَ ولا اخفيك
انت هبوط ُ مجرّتِنا الارضيةِ، والكوكبُ في مسراه
ومعراجُ ملائكةٍ نحو الارض
ومعراجي نحو التيه
نحو ضلالة روحي نحو الوحشةِ والوحدةِ في العالم
دعني اعبرَ هذا العالمَ
لاتوقفني في الارض
انا زوبعةٌ ورياحٌ هبت من كهف الانسان ولم تتوقف حتى الان
انا برزخُ كونٍ يتهدم
اعصارٌ يضرب هذا العالمَ ثم يمر بعيدا
انا وطن يتكسر مثل رجاء، قل لي من انت
تعبت من الاسماء واحداث الارض فهل انت الدريُّ تدور عليّ
وتنثر فوقي ادعية ً وغبارَ الكونِ
انا، من انت، تعبت من الاسرار تفتّحْ كتويج ٍ في الصبح،
كامرإةٍ تشهق في رغبتِها
مَنْ انت، تسير معي
دعنا نتوقف، هذا الوقتُ قصيرٌ لايكفي لرحيلٍ آخر
وانا منفيّ من زاويةٍ لفضاء ٍ
من مجموعاتِ كواكبَ مجهولة
لكواكبَ دون فضاءٍ
وحدي ملقى في الكونْ
تتقاذفني المجموعاتُ الشمسية ُ في ولهٍ صوفيّْ
توقف، دعني اهبط من منفاي العُلْويَّ
على ارضك ثم اسير فتلقاني في مهدي الخشبيْ
تعال لنبحثَ ثانية ً ماذا تعني العين
فالقافُ جبالٌ والراءُ مسراتٌ والأرضُ الف لام التعريف
والعينُ سلامٌ دام ٍ بين الابناء وبين غزاةِ الروح
كشفت خباياك
ومراقدَ أبنائكَ والرأسَ المقطوعَ وكفَّ العباسْ
وعمودَ الحلاج ِ على الجسرِ
ووسواسَ البغداديينَ وخنّاسَ الكوفيينَ وجنيَّ البصريين
وصرخت طويلا في البرية اين الناس..
فجاء صدى في القاف يردد اين الناس؟
أي..ن .. ال..نا.. س؟
التعليقات