هذا نشيدي
عالياً متدفقاً
تهتزُّ من طََرَبٍ اليه هداهدٌ
تأتي الى بلقيسَ تبلغها سلامي

هذا نشيدي
سومرياً، بابلياً
يلتقي النهران ِ في إيقاعهِ
وعلى قوافيهِ توقّعُ زينبٌ كلماتِها
وتهزُّ عرشَ طفولتي
وكهولتي
وتمرُّ طيفاً في رؤيايَ،
وكوكباً في خطبتي
وتمرُّ في لغتي فتشعل لي كلامي

هذا نشيدي
واقفاً في الريحِ والإعصارِ أنشدُهُ على قومي:
من الأيامِ
والأفلاكِ
والأشياءِ من تٌحَفٍ وأوراقٍ وحيطانٍ
وانشدُهُ على أهلي:
من الاحلامِ
والاوهامِ
والمُثُلِ القديمةِ
والمرايا

هذا نشيدي
سيدُ الخطبِ التي مرَّ الصدى فيها وضاعَفَها على الأسماعِ،
فاصطفَّ الملوكُ ليسمعوه
وانبرى الشُهداءُ في التاريخِ في أيدِيهم القرطاسُ
والقلمُ الالهيُّ المطعّمُ بالزمرَّدِ والشذى كي يكتبوه

هذا نشيدي
صرخةُ التاريخِ يُطلِقُها ضَحاياهُ
فيسمعها ضحايايَ الصغارُ صدىً
فتختلطُ الضحايا
بالضحايا

هذا نشيدي مأتمُ الحربِ المكررةِ التي مرَّتْ كمأساةٍ وملهاةٍ عليَّ
فصرتُ العبها كثيرا
وصرتُ أعودُ للميدانِ فيها أجمعُ الجثثَ المكدَّسةَ التي
خَرَجَتْ من الموتِ القديم ِلموتِها المشتقِّ من وردٍ وأشعارٍ
ومن صَدَفِ البحارِ ومِنْ
أنشودةِ المطرِ التي مرَّتْ على السيّابِ طيفاً بابلياً
ذاتَ يومٍ في العراقِ الجائعِ المقتولِ
فاهتزَّ العراقُ ومات سيّابٌ جديدٌ تحتَ نخلتِهِ
ومرَّ فوقَ ترابِه ربٌّ،أخيرا

هذا نشيدي
صاعداً طُرُقاً محطمةً
وأجيالاً
يمرُّ على المتاهةِ ثم يسقطُ في دُجايْ

رتّبتُ أحلامي كقاموسٍ، فشعَّ النورُ من حُلُمِ الطفولةِ
حيثُ طرتُ على السطوحِ
حفُّ بي شُهُبُ الطبيعةِ
والمواكبُ تحمل الشهداءَ فوقَ خيولِهِم
والكاهناتُ ينُحنَ في وَلَهٍ على الموتى
ويقطفنَ الشعاعَ من الزمانِ
لكي أرى ظلَّ القيامةِ في خطايْ

وأرى العراقَ يخبُّ فوق حصانهِ
وأراهُ ينزلُ في دمي كالمسبرِّ اليدوىِّ
ينزلُ،ثم ينزلُ في دخاني مثلَ مركبةٍ من الماضي
فامنحُه الكلامْ
وأمدُّ اغطيتي على قدميهِ،
أخلطهُ بفوضايَ العظيمةِ
ثم أٌسمِعَهُ ضجيجي في اصطدامي بالكواكبِ والزمانِ السرمديِّ
أمدُّ أَجنِحتي ليصعدَ كي يراني
فوقَ مِعراجي الى حَتفي
ويرسمني على ريشِ الحَمامْ

هذا نشيدي
حُلْمُ إمرأةٍ من الزمنِ السحيقِ الى الغدِ المطويِّ مثلَ لُفافةٍ للتبغْ
هذا نشيدُ القبراتْ ونشيدُ رفٍّ من عصافيرِ الحقولْ هذا نشيدُ اللهِ في فقرائهِ
ونشيدُهُ لقرى الخليقةْ
هذا نشيدُ الكاهناتْ
وهُنَّ ينثرنَ الندى ولفائفَ القدّاحِ فوقَ سريريَ الفضيِّ في ذاكَ الضحى
وأنا أمرُّ على المواكبِ في نشيدي
يانشيدي
يانشيدَ جنوديَ القتلى على كلِّ البلادْ
ويانشيدَ الجيلِ لا لغةٌ على شفتيهْ
يانشيدي
يانشيدَالجيلِ يسقطُ بين نهرينٍ من الأبديةِ السوداءْ
يانشيدي في بلادِ اللهِ أنزل ماءَها وجبالَها وسوادَها
وأنا امرُّ على الضفافِ وماتبقى من بلادِ اللهِ فوقَ الارضِ
أجمعُ من ضحاياها لُقىً في متحفِ التاريخِ
ياتاريخُ، يازمناً يكرّرُ نفسَه في لَعنةٍ
ويعيدُ تكرارَ المواقعِ والجراحْ
ويسنُّ في عبثٍ أسنَّتهُ
ويطرقُ مثلَ حدّادٍ سيوفاً كي يعيدَ وقائعَ الماضي ويمنحَهاالضحايا
والصفاتِ ويرسمَ القطعاتِ،ميمنةً وميسرةً وقلباً، ثم تندلعُ الحروبُ
وتنقلُها الفضائيّاتُ نقلاً كاملاً
وتشاهدُ الدنيا حريقاً هائلًا لصناعةِ التاريخِ في النقل المباشرِ
يابلادي يابلادَ الله
علَّقتُ الفجيعةََ َ فوقَ جبهتَكِ العريضةِ
كالتميمةِ من شرورِ الناسْ
والوسواسْ
يابلادي
يابلادَ الناسْ

لندن/ مايو-ايار2000