الغياب = الذاكرة
فسلجة الأمومة + خديعة الرجولة
الحضيرة المحتضرة،
مكنسة الفقهاء= مزبلة الماضي
الغياب الغياب في هذا السديم اللامتناهي
أراه ولا يراني

وداعا أيتها العتمة ndash;الهباء
الغيبوبة- الفجيعة
الحسرة ndash; الظلام:
يا ملحقاتِ أرض السواد
وأنت أيها السواد يا نقيضي،
متمسكا بأعماق الغياب والذاكرة
أراك من سقف ثلوجي
من سديمية ضبابي
من حليب طفولتي
ولَيْلكِ الشيخوخة
كنتُ رمزَ الشتاء لحظة انبثاقه
وسطوة الجبل
ما من غبش إلا وصار صهري
كل بداية بكارتي
كل نهاية ردائي
لا حدود لمرئياتي
أرى من تخوم اللامحدود
هناك حيث يستوي ما تراه وما لا تراه
حيث تنتهي رؤية المألوف
وأن ما يليه في الجهة الأخرى
صفحة بيضاء.
أكتبْ ما تشاء، على ضفافها، فوق ملمسها البضّ
لأنها بلا ضفاف بلا حدود
هناك حيث الكل يدرجون مثل أشباح في وضح النهار
تشكلت دوائري البيضاء،
العقيقُ والياقوت والزبرجد
اللؤلؤ والمرجان والمحار
السفرجل والبلوط والخيزران
النسوة اللاهيات والفتياتُ النواهد
النور لباس لهنّ ورغوة الحب،
حيث انثيال المحبة
بحبرها اللامتناهي.

ضعفي في شفافيتي
وسطوتي في بهائي
هناك انبثقت تلك الرؤى المارقة
قبل مجيء الآلهة
قبل سلب العاج منّي
كنتُ نبيّ الخليقة
كلّ ملاك يلهج باسمي
كلّ ابتهاج يتوكأ على عكازي
من جسدي اللامرئيّ انبثق النور.

أرى الكائنات
محض غيم عابر
أنا الأعمى ناصع النظر.

أراكَ يا نقيضي من حلكة البياض
وعبثِ الضرورة،
وكي لا تشعر بالوحشة
خلل ستائر عالمك السفلي المتشبث بأوروفيوس،
وأرينيّات ِ العتمة،
بمتاهات الماضي وكتائب الجحيم،
بسلاسل الباطن الممتدة من رُسْغ ِ الرقبة
حتى عنق القدم ِِ،
جعلتُ بعضَ مَنْ يبكي عليك
بلباس البياض
ومَن يسعى لمواصلة عيشته الرضّية
خوفا من ثعالب الخديعة،
وأحفاد الغرف السرية
براية بيضاء
وحتى لا تحسّ بالقطيعة البايولوجية
جعلتُ مدادَ الذكورة البياضَ
ورغوةَ البحر الزبد.

أكتبْ بمدادي
أنا العريان
أشرعتي البياض
كل كلمة غير مقروءة بيضاء
حروف أبجديتي اللانهاية
أكتبْ بمدادي ستقرأ الصفحة البيضاء
أكتبْ بمدادي ستقرأ المحو
أكتبْ بمدادي سترى العتمة أوضح
أكتبْ بمدادي سترى الهاوية
من نوافذك المظلمة
أيها السواد
يا نقيضي.

وارسو، 12. 03. 2006