عاد الصيادونَ متأخرونَ البارحة
ولم يصطادوا
سوى السمكِ المجففِ
والينابيع الصغيرة..
فمري ياحبيبتي
قبل أن تستيقظ الصناراتُ، ويُفيقَ من نومه
المركبُ الأخيرْ.

أجعلي الملح يرتبُ ليل غربتنا ويمضي
أعدي للهواء المر وجهك واتركيني
غارقاً في الحزنِ و الدمع القتيلْ.

اتركيني مثلما شئتُ ومثلما شئتني،
بدلي طواويس مشهدك الضريرْ.

أجعلي المجداف يُزهرُ للتلاشي
يُشعل للفضاء الشمعَ
يُسرجّ خيل البنفسج للريح في الطرقات
بدلي تاريخي إن كان لي شيء من التاريخِ
اذكريني:

-(عاشقاً يمم وجهه للذكرى، ويكفيه من الدمع، رؤيةُ وجهك في اليوم، خمسَ مراتٍ وثانيتين من الحب السريع على زجاج النافذة. يكفيه أن يشم ندى الكلمات في الرسائل المتبادلة، أن يعيش خارج اللحظة وهو يراقب كيف يتكئ الحب على الخريف).

نام المساءُ على مخدتك الأثيرة
مر الشتاءُ ولم تعودي
وقلبي صبرُ حطابٍ وذاكرةُ اليمامة.

مري يا حبيبتي كالسكين فوق خاصرتي وقولي:
( لم يبق شيء للرحيلِ وفي الرحيل
مضتُ الزهور على البلاد وكبلتها
حين نامت فوق منديل الحريرْ)

- تصعدين يافينوس. يا ضوء الملكوت القادم من عمق المشهد التاريخي، فيك رياحُ الشرق وهباء التاريخ النائم في بطن الذكرى. تصعدين حائط الفجر كالملائكة النبيلة. وكقناديل الجموع الرابضة أمام القلا: تعبرين ليل القيود، لا تبالين بموسيقى الريح. تجهلين كيف ينقضُ المشهدُ على اللحظة، مثل جيوش الرومان الهالكةِ في زاوية التاريخ. لا تبالين بصوت الحشود العسكرية. تصعدين حائط الفجر. أنتي طعمُ الأساطير القديمة.

قادمةٌ من الميتافيزيقيا، من جحيم العالم الكونيّ،
من اللاشيء، من صمت الفراغ،
وعواء الأكواخ المهجورة.

من ضجيج الصمت، وعتمة شمس النافذة،
... من مني السماء
من ضوء مناجل قريتنا (عندما ينحني الرجالُ كالأقواس ليحصدوا الشمس)
من كل شيء يُرمزُ للجمال وللزمان الشيخ....

في قصةٍ قديمةٍ قد التقينا
كان المكانُ هو المكانُ مازاد شيء فيه إلا الدمعُ
والريحُ العتيقة:

-(كانت مائدتنا معدةً لنشيج طويلٍ من الذكرى، المطعم الشتائي يوغل في جميع الموائد المحاطة بالصمت. كنتِ تسألين الريح كيف تعزفُ أوتار النافذة القابعة هناك).

وتسألين يا فينوس يا زهرة المعبد المهجور :هل الشعرُ يغيرُ ما أردنا؟
ما جعلنا نريد، بلا قصدٍ أن نعيش
كما الشعر:
فوضى وارتباك وخلق..؟