فلم العشاء الأخير : أبو دياس

محمد موسى ndash; أمستردام: فلم quot;العشاء الأخير quot; للمخرجيين الفلسطيني quot;عيسى فرجquot; والسويسريquot;نيكولاس وداموفquot; واحد من مجموعة أفلام صنعت وسوف تصنع عن الجدار العازل الذي بدأت أسرائيل ببنائه منذ سنتيين بين مناطق الضفة الغربية الفلسطينية والقدس والمناطق الأسرائيلية الأخرى. في الأسبوع الماضي عرض التلفزيون الهولندي مثلا فلما وثائقيا طويلا بعنوان quot;الجدارquot; للمخرج الهولندي quot;بيني بيرنرquot; عن الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية ولقاءات مع ناشطيين سلام أسرائيليين كانوا يبذلون جهودا كبيرا لوقف بناء quot;الجدارquot; (الذي كان قد بدء بنائه قبل أشهر من زمن أنتاج الفلم). الأفلام التي أنتجت الى الآن هي أفلام عن quot;جدارquot; لم يكتمل بنائه تماما، جدار وضع اساسه وشيدت أجزاء منه لتحضر كاميرات مجموعة من المخرجيين لتسجل هذه اللحظة من الزمن من الصراع الفلسطيني الأسرائيلي.
في الفلم الهولندي كان التركيز على السلام الذي أصبح بعيدا الآن، في احد مشاهد الفلم الهولندي كانت هناك مشاهد لفلسطنيين يعبرون بصعوبة من فتحات quot;الجدارquot; الضيقة والتي لم يتم أكمالها بعد الى مناطق فلسطنية أخرى مع تعليقات لاحد ناشطيين السلام الأسرائيليين عن الأثر الهائل الذي سوف يتركه quot;الجدارquot; على حياة الناس الذين يعشيون على جانبيه من عرب واسرائيليين وكيف ان quot;الجدارquot; سوف يزيد تعقيد حياة هي معقدة وشديدة العتمة اصلا.

من الفلم

يبدا فلم quot;العشاء الاخيرquot; (عرض في امسترادم وبعض المدن الهولندية أخيرا) والذي صور في قرية quot;ابو دياسquot; الفلسطينية بمشاهد معبرة وحمييمة عن فوضى الاثاث المتروك في حديقة احد البيوت الفلسطينية. اللقطات القريبة لعادية البيت الفلسطني تنتهي بمشهد قاسي حقا للقادم الكونكريتي الجديد والذي يبعد مترين فقط من واجهة منزل العائلة الفلسطينية الشابة موضوع الفلم!.

يركز الفلم القصير والشديد القسوة على العائلة الفلسطينية الشابة (التي بدت كانها تعيش حياة طبيعية للغاية وغير مشغولة كثيرا بصراعات المنطقة) وكيف أثر ت عمليات بناء quot;الجدارquot; على يوميات العائلة والقرية. تحدثت العائلة كثيرا في الفلم عن quot;الجدارquot; الذي سيغير حياتهم كثيرا ويقطعهم عن أقربائهم الذي يعيشون في القدس او في القرى المجاورة.
وفق الفلم بتركيزه على هذه العائلة الشابة ويومياتها والابتعاد عن اي خطاب سياسي مكرر.توزعت مشاهد الفلم بين عمليات بناء quot;الجدارquot; في الخارج ويوميات العائلة الفلسطنية الشابة التي تتهيأ لتوديع الحياة التي تعرفها. تخرج العائلة مثلا في أحد مشاهد الفلم الى احد التلال القريبة والتي تطل عن القدس لتوديع تلك quot;الطلةquot; التي سوف تقع على الجانب الآخر من quot;الجدارquot; والتي سيصبح الأنتقال لها بعد أكتمال quot;الجدارquot; صعبا ومعقدا.


نجحت كاميرا المصور الفلسطيني القدير عيسى فرج في ابراز تطرف وقسوة فكرة الجدار. حركة الكاميرا المتواصلة بين quot;عاديةquot; الحياة والجغرافيا الفلسطينية وبين quot;الجدارquot; بوجوده الفيزيائي الضخم والمهيمن كانت معبرة للغاية وعميقة الدلالة. في واحد من مشاهد الفلم يستلم الزوج الفلسطيني الشاب مهمة الصحفي ليسأل بعض العامليين الفلسطينين امام بيته عن مشاعرهم كفلسطينين يعملون مع الشركات الاسرائيلية في بناء quot;الجدارquot; العازل الذي سوف يجعل حياتهم وحياة الفلسطنيين الأخريين اكثر صعوبة. العامل الذي كان محرجا جدا امام تسائلات الكاميرا تحدث عن الأوضاع المعيشية الصعبة جدا والتي أجبرت الآلف الفلسطنيين على العمل في بناء quot;الجدارquot; العازل رغم علمهم باثره القادم على حياتهم. لا يستطيع أحد بالطبع ان يلوم هؤلاء الفلسطينين الفقراء العاطليين على مشاركتهم في بناء quot;جدارquot; كان سيبنى بهم او بغيرهم. مشاركة العمال الفلسطنيين الرمزية ذكرت بمعسكرات quot;الهولكوست quot; في أوربا اثناء الحرب العالمية الثانية وكيف أجبر النازيون الألمان الألف اليهود من سجناء تلك المعسكرات على المساعدة في قتل وحرق يهود آخريين. درس تاريخي آخر لا يلتفت اليه ضحايا الماضي وهوة تتسع وتكاد تلتهم كل شيء هناك....