مهداة إلى الأديبة آسية السخيري

اللون أبيض. الشعر أصفر. والاسم زينب.
تتهادى أراها.....فيتبعثر قلبي.
الوجه بدر..العيون خضر.. والاسم زينب
تسكن حارتنا..وقلبي.
لا تعير أحدا اهتماما. quot; أمها انجليزيةquot;.....قال احد الجيران عندما سألته عنها.
quot;كانت عايشه معانا هنا.. فجأة سافرت وسابت البنت لأبوها.. ما أنت عارف الانجليز... !!!!!!!..quot;
صاحب البقالة قال وهو يغمز بعينه... quot;أمها من يهود مصر اللي راحوا... إسرائيل..quot;

.....

بيتهم بالناصية.
فيلا قديمة متربة تطوقها أشجار كثيفة..سور عالي وهدوء قاتل.
تأملتها طويلاً.. لا شيء....سوى نباح كلب بين الحين والأخر...ورائحة شجر الياسمين
ما أعذب الياسمين.
في الليل... نور وحيد أصفر متهالك...
لا أصوات..لا زوار......
فقط..شعر اصفر وحيد يتهادى...
quot;أبوها كان باشا...أممت الثورة كل أمواله فأعتزل الحياة.. عايش مع بنته وكلبهquot;.
لا أذكر من قال ذلك....

.....

استوطن الحزن عيوني..
وقلبي..عانقه عذاب.
شعرها تعانقه شمس...
وثغرها... كان العذاب.
ترصدتها..
خرجت لأراها... ومضة في العيون.. تلهف..ارتباك...حيرة...
قالت لي الجارة..quot;يا أبني دي عمرها ما كلمت حد.. سيبك منهاquot;

.....

عشقت اللون الأصفر....
حجرتي صفراء...
حذائي أصفر..
قميصي أصفر...
صاحبي أصفر...
قهوتي صفراء...
أمي قالت.. quot; أنت وشك أصفر كده ليه..quot;
عانقتها وقبلت يدها الصفراء.

.....

غرفة مستطيلة ضيقة تضيئها أنوار عدة وتعج بأطياف...
همهمات...أصوات..وشوشات
تقترب...تتلاشى...
سواد.. بياض...أضواء.....همس...دعاء....
يقترب.. يتلاشى...
عيناي متعبتان...
باعدت جفوني بتثاقل...
أطياف حنونة تهتز أمامي..... مستني أيادي..
لامسني صوت هامس كحفيف أوراق الشجر.....
quot;الحمد الله يا أبني.. أنك فتحت عيونك...quot;
أمي.... !......
quot; ربنا رحمته كبيرة.. دا أنت بقالك أسبوع..
في حمى رهيبة.. لا تنطق سوى... زينب
زينب...
...زينب.quot;
لملمت ذاكرتي أشيائها....
أصوات..صور..تقترب..تتلاشى..
..كنت في طريقي للجامعة..
عرجت على السيدة زينب..
أطلت البقاء...
صليت كثيرا..
دعوت كثيرا....
خرجت..
زحام هائل..ضجيج لا ينتهي.. سيارة قادمة..
صوت فرامل قاسي..
سقوط على الأرض
صرخة...ألم...
أصوات......صور.. لم تقترب..تلاشت.
تلاشى الكون بأسره..
وبقى طيف أصفر..
ورائحة ياسمين.

كاتب وقاص من ليبيا
[email protected]