صالح حسن فارس من أمستردام: تشهد العاصمة الهولندية أمستردام هذه الايام حدثا فنياً هاما ومميزاً. ملصقات على واجهات الشوارع ،القاعات، المقاهي، المراكز الفنية والثقافية لتعلن عن بدء فعاليات (مهرجان هولندا العالمي للفنون) الذي يقام كل سنة، في قلب العاصمة الهولندية أمستردام. من يتابع هذا المهرجان وعروضه الفنية سيجد نفسه محاطا بكرنفال هائل في هذه المدينة التي لا تعرف الكسل والنوم. منذ افتتاح دورته الاولى عام 1947 يسعى دائما مهرجان أمستردام العالمي للفنون إلى استقطاب المع الاسماء العالمية ودعوة ارقى التجارب الابداعية الفنية الحديثة والعروض الشعبية المحلية والعالمية من الغرب والشرق، أوربا، جنوب أفريقيا، اسيا، والعالم العربي.
اليوبيل الستيني للمهرجان مناسبة رائعة لدورة احتفالية خاصة . quot;ان المهرجان لا يتخلى عن تقاليده في التوغل في الواقع السياسي والاجتماعي لمجمتعناquot; هذا ما جاء في دليل المهرجان. في مهرجان هذا العام تلتقي أمستردام للمرة الثانية بمدينة روتردام حيث يدمج قسم من برامج مهرجان الفيلم العالمي في روتردام مع مهرجان هولندا العالمي للفنون لتعرض مجموعة أفلام متنوعة وعلى قاعات مختلفة بامستردام.
ليلة أمس الثلاثاء 29-5-2007 انطلقت فعاليات المهرجان الهولندي العالمي للفنون(Holland festival ) الذي يستمر لغاية 24 يونيو القادم. افتتاح الدورة الستينية كان للاوبرا العالمية المتميزة (من منزل الاموات) وبحضور عدد غفير من الضيوف والمشاهير. قدمت الاوبرا من قبل فريق عمل فني كبير تحيط به هالة من الاسطورة: المؤلف وقائد الاوكسترا (بيير بوليز) ومخرج العمل الفنان ( باتريس شيرو) ومصمم الحركات (ريتشارد بيدوزي) . ويعتبر هذا العمل واحداً من القمم الفنية في تاريخ الأوبرا الاوربية. والعمل إنتاج مشترك لمؤسسات فنية كبرى من حواضرعالمية مختلفة، هي أمستردام وفينا ونيويورك وميلان إضافة إلى مؤسسة مهرجان festival d aix en provence الفرنسي.
في طقس أحتفالي وأجواء مبهجة صدح صوت مغني الاوبرا الجيكي (لويس جانسيك) في أولى فعاليات الافتتاح مساء الثلاثاء في قاعة (مسرح الموسيقى )Het muziktheater في أمستردام. وقد اتاحت الفرقة الموسيقة العالمية الفرصة لمحبي وعشاق الموسيقى الاوبرالية لعيش ليلة موسيقية دافئة مستهلين عرضهم بعزف كلاسيكي مصحوب بإيقاع موسيقي وإنشاد الفرقة.
وعرض الافتتاح هذا يحيل في أكثر من جانب من جوانبه إلى ظروف تأسيس المهرجان عام 1947، وإلى السياق الثقافي والسياسي الذي أفتتح دورته الأولى وزير الثقافة والتعليم والفنون آنذاك (فان درليو) حيث قال: quot;ان هولندا الخارجة من الحرب بحاجة إلى الجمال وإلى تطويرالتواصل الفني مع الخارجquot;.
دعا المهرجان هذا العام نخبة كبيرة من الفنانيين والتجارب الفنية الحديثة للمشاركة في فعالياته، يضم في حقيبته عدداً كبيراً من الاعمال الفنية الكثيرة والمتنوعة تزيد على أكثر من اربعين عملاً فنياً وأدبياً مسرح، سينما، موسيقى، أوبرا، رقص، محاضرات، قراءات شعرية. نذكر من الأعمال:
مسرحية (هملت) لفرقة ( ووسترس) The Woosters المسرحية الامريكية. والعمل هو محاولة لإعادة تقديم مسرحية quot;هاملتquot; التي أنتجها مسرح quot;برودوايquot; في نيويورك وأخرجها quot;ريتشارد بورتونسquot; عام 1964، وكان العمل قد صوّر آنذاك وعرض كفيلم في أكثر من ألفي صالة سينما في الولايات المتحدة. يعتمد العرض الحالي - الذي تخرجه الفنانة quot;اليزابث دي كومبتيهquot; - على الفيلم للتوصل إلى العرض المسرحي الأصلي، ويشبـّه دليل المهرجان هذه المحاولة بجهود منقب آثار لإعادة بناء معبد من بقايا الأنقاض دون جدوى.
السياسة حاضرة أيضاً في المهرجان من خلال مسرحية (بابل) للفرقة المسرحية النمساوية quot;فينا بورغquot;. مسرحية quot;بابلquot; هي من تأليف الكاتبة اليسارية الحائزة على نوبل للآداب quot;الفريدا بيلينكquot;. ينطلق العمل من أحداث سجن أبو غريب ومعركة الفلوجة في العراق لينتقل في عالم متشظ يتمحور حول العنف والجنس والدين. وينقل مخرج العمل الألماني quot;نيكولاس شتيمانquot; الجهور إلى عالم فنطازي متخيل.
وكان للعرب حضورهم أيضاً في المهرجان اذ شارك الفنان اللبناني الأمريكي بعمله (أشعر بشوق عظيم للقاء الجماهير مرة أخرى) وهو عمل يصنف كمسرح وثائقي، حيث تستخدم فيه الكثير من المواد الوثائقية المصورة ويرتكز على تجربة شخصية مر بها المخرج مع السلطات الأمنية الأمريكية.
ومن أهم الأعمال الهولندية التي ستشارك في المهرجان عرض quot;التراجيديات الرومانيةquot; للمخرج quot;ايفان فان هوفهquot;. يمزج العمل بين ثلاثة من أعمال شكسبير وهي quot;كرويولانسquot; و quot;يوليوس قيصرquot; و quot;انطونيو وكليوباتراquot;. ويعرض العمل بنسختين، واحدة مطولة في مساء واحد، وعرض آخر يـُقسم على مساءين.
وسيكون أختتام المهرجان اوبرا كلاسيكية تقدمها فرقة الكونسرت الهولندية على قاعة quot;مسرح الموسيقىquot; في أمستردام.
هذا بعض من أنشطة المهرجات المتنوعة والمتعددة ونحن بانتظار مفاجآت المهرجان الفنية التي عودنا عليها في الدورات السابقة .
التعليقات