يقول ايريك فروم: "اذا أردت أن تفهم النفس البشرية فلا تقرأ لفرويد بل اقرأ لبلزاك" وذلك لدور الأدب في تفسير النفس البشرية وتناقضاتها ،ورواية بنات الرياض لكاتبتها الدكتورة رجاء الصانع بنت الرياض ذات الثلاثة وعشرين ربيعا فيها دعوة مفتوحة للتعرف على عالم بنات الرياض وأسراره وتناقضاته وأخباره، ولا أتصور أن هناك بنت عاشت في هذه المدينة وتقرأ هذه الرواية ولا تجد ما يربطها بها، فبطلات القصة الصديقات الأربع: لميس وسديم وقمرة وميشيل هي وجوه أعرفها جيدا، ونقلت لى الكاتبة قصصهن ببساطة وعفوية دون تصنع وافتعال، واختارت لسرد قصصهن وأسرارهن طريقة ذكية ومبتكرة فالقصص تنقل عن طريق رسائل ألكترونية ترسلها القاصة كل جمعة الى مجموعة كبيرة من مستخدمي الانترنت وبهذه الطريقة نجت الكاتبة من امكانية أي انتقادات يمكن أن تصلها حول تسلسل الرواية وحبكتها.
في هذه القصص تدخل عالم بنات الرياض وقصص الحب والأعراس والزواج وتعقيداته فهذا ليس من (مواخيذنا) وهذا يهرب من عروسه لمجرد أنها استسلمت له في فترة الملكة، والثالث يتزوج ارضاء لأهله ثم يرمي بزوجته وابنه لأنه مرتبط بفتاة يابانية، وتدخل معهن الى قاعات الجامعات وغرف المستشفيات، وتسافر مع بنات الرياض الى أميركا ولندن التي تعرف شوارعها ومقاهيها وحدائقها كما تعرف الرياض، وتتعرف على بنت الرياض ذات الأم الأميركية في مدينة تكاد تكون من أكثر المدن انفتاحا وأكثرها انغلاقا في الوقت نفسه، وتتعرف على اللهجات السعودية المختلفة وخفة الظل غير المتوقعة حتى اكاد أجزم اليوم أن السعوديين يأتون في المرتبة التالية للأخوة المصريين في خفة الدم وروح النكتة، ستذهب مع بنات الرياض الى شارع التحلية وستصطحبهن وهن يقدن السيارة ملثمات، وستشاهد الشباب السعودي الممنوع من دخول الأسواق وهو يرشي احداهن فقط لتدعي أنها زوجته ليتمكن من الدخول الى السوق، ستتعرف على التداخل بين الدين والعرف والشرع والعادات وسترقص مع بنات الرياض وتتعرف على طموحهن الذي لا يحده شيء، وستدخل عالم الانترنت والجوالات - وما أدراك ما هما!!- وما فعلوه من انقلاب في قصص الحب في الرياض
باختصار أنت امام رواية واقعية حقيقية بعيدة عن الاسفاف، وبعيدة أيضا عن الترهل اللغوي والتعقيدات فقط مرآة صافية لما يحدث هنا في الرياض، تلك المدينة التي قال عنها تركي الحمد في احدى رواياته أنها مدينة عجيبة: كل شيء فيها ممنوع وكل شيء موجود أكثر من أي مكان آخر، هذه الأرض التي تحرم الغناء لكنها أنجبت محمد عبده، والتي يعرف عن أهلها أنهم مسالمون لكن عندما تقرر شلة صغيرة أن تجرم تكون جريمتها اسقاط برجي مركز التجارة، وهي أيضا المدينة الوحيدة في التاريخ التي قادت فيها المرأة الطائرة قبل أن تقودالسيارة!!