مقتدى الصدر احد اكثر الشخصيات العراقية حضورا على المستوى الاعلامي وهو حاضر حتى ولو كان غائبا. استمد قوته ونفوذه من تاريخ عائلته، عارض الوجود الامريكي في العراق، وقد يكون هذا الموقف في بداياته اقرب الى رد فعل على تهميشه وعدم اشراكه في العملية السياسية التي بدأت بعد اسقاط صدام بأشهر قليلة. اسس جيش المهدي الذي دخل في معارك مسلحة مع القوات الامريكية اثناء احداث النجف الدامية.
قبل هذه الاحداث بدى واضحا ان الصدر يعمل على الاستفادة من علاقات الامريكان بالقوى الشيعية، وذلك باتخاذ مواقف متشددة لافتة للنظر بغية احراج المرجعيات السياسية والدينية الشيعية التي كانت تنادي بالانخراط في العملية السياسية وتجنب الدخول في مواجهات مسلحة مع القوات الامريكية في العراق، وبدى المشهد وكأنه تكرار لسيناريو حسن نصرالله في لبنان، الا ان الرياح جرت في العراق على غير ما كانت تشتهي سفن مقتدى، واصبح وضعه العسكري الحرج في النجف احوج الى تدخل السيد علي السيستاني الذي عاد على جناح السرعة من رحلته العلاجية التي حاول البعض التشكيك في توقيتها المتزامن مع معارك النجف، و كان مشهد عودة السيستاني الذي بدى اشبه بعودة (الابطال)، ردا واضحا على بطلان بعض المراهنات وعلى ثبات المعادلات التي تحكم واقع المرجعيات الدينية. استمر حرص الصدر على التمسك بمواقف اظهرته احيانا وكأنه اقرب الى الرافضين للعملية السياسية منه الى (حلفائه) الشيعة.
في كل هذه المراحل كان للصدر وتياره وزنهم الخاص الغير قابل للتجاهل، لذا فأن زيارته الاخيرة للسعودية ولقائه بالملك وحرص رياض على اظهار الاهتمام اللازم بالزيارة بدى واضحا من جهة دلالاته السياسية وما يعول عليه السعوديون، في ظل الارقام التي افرزتها الانتخابات العراقية الاخيرة، وما تحمل من تداعيات اقليمية. فهل ستكون زيارة مقتدى للسعودية بداية جديدة، تدخله في تحالفات جديدة تنعكس على مواقفه وتصبغها بقدر ملموس من المرونة؟ قد يكون من السابق لأوانه الجزم بأي جواب على هذا السؤال، الا ان النبرة المغايرة التي ظهر بها الصدر على شاشة العربية مؤخرا تنبئ بتبدلات تلوح في الافق.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات