ابو سفيان : قبلة على ظهر قنفذ

حاولت كتابة التعليق في ذيل مقالة الدكتور الصديق عبدالخالق حسين (في البَدء كانت الكلمة: حوار مع القراء)الا انه تجاوز المسموح بحجمه، وانا دائما اعتدت تجاوز المسموح، كما لو ان للاحزان النازفة حصانة السماجة والفضول.. هنا ادفع هذه الرسيلاء اليك مستدركا ومنوها ما عزمت على انصافه قبيل هذا الوقت، الا ان تعليقك جعلني اتاخر في ارسال الموضوع.. انه ابو سفيان الذي نلت منه الكثير من التعليقات التي تمكنت من ثقب روحي كما يثقب صولاغ وابو درع ضحاياه، الان، متفوقا على سلفه - وكالعادة دائما ndash; صدام.. لكن ثقوب ابو سفيان هي فتوحات معرفية كبرى في جدار الظلام داخلي فشكرا لدريلاته الرحيمة ! على اية حال الحوار لا يحتمل المسبوقات الامنية، لان اجمل الحوار هو في مساحة الاثم والممنوع كي يثبت انه حوار والا لا قيمة لحوار المتفقين، كما يطرح العراقيون هذه الايام فكرة المصالحة !! وهي طروحات عجيبة، خارج اللغة وخارج، حتى رطانة وعواء البهائم.. المصالحة هي بين عدويين وليس بين صديقين، وهكذا ياتي خيال المصطلح اشبه بقدرة الطواطم واية الكرسي على اسكات مرض السرطان.. اذن البحث عن خصومة ضرورة للتوقد والابداع والحيوية والنمو والا فالاتفاق هو قبر اخر.. ولنا مثل في جدنا ادم على رفضه االوجود الساكت، وفي ارقى دولة وسلطة وهي الجنة، فكيف بدولة الجحيم؟ احاول هنا استدراك مسالة تتعلق في شخص سأبينها بهذه السطور.
عزيزي الدكتور، هنا استغل المناسبة كي اسال عن، اهم شخص قرات له عبر تعليقاته الرائعة فاصبح سببا في تصفحي بعض الكتابات التي لا اقلب مدونها الا بسبب البحث عن تعليقاته هو، انه قارئ اجمل من الكتاب. هذا الرجل جعلني أسيرا لفضول التعرف عليه وهو ابو سفيان واظنه من الاخوة الفلسطينيين اخوال بناتي !! كما تضمّرت تعليقاته. ثق يا دكتور ان هذا الشخص ابحث عن تعليقاته اكثر مما ابحث عن جديد فوكوياما فهو ذو وعي خطر وثاقب ولا يستحق ان نخضع بعض المثقفين الغرباء، كاحزان نبي منبوذ، غرباء حتى على القبلة التي يطبعونها على حبين حبيباتهم، غرباء على جلودهم فيدخلوها كمن يرتدي لباسا مسروق..عؤلاء من الصعب ادخالهم في لثنائية السياسة والتفكير الامني اما هنا او هناك.. هذه لغة صدام ولغة الحكيم وصولاغ والزرقاوية الباسلة وكل عتاة الارتزاق الليبرالي الجديد ممن باع التحرير بدولارات سخية، وانت اعرف بهذا النفر الذي تشرفت مبادئك رفض الانتساب اليهم، كما سمعت منك تلك القصة الماثرية الرائعة التي اسجلها لك يوم جلسنا في شاتلرو- فرنسا. ثق قبيل ليلة انهيت بكائية طويلة عن هذا الابو سفيان وفكرت ان ارسلها الى ايلاف، هكذا لم تشاهد اميركا غير نموذج يقبض ثمن حريته ولا يدفع لينالها فكيف نحترم عبدا يقبض ثمن خروجه من الزنزانة كما لو ان وجوده بها يستحق ان يباع لانه الرفاه ، وكنت خلال كتابتي لابي سفيان قبيل يوم، اعاتب فوكوياما على اوهامه بنهاية التاريخ وولادة عصر القادة السرسرية ومافيات القتل والتبشيع الى تحويل الجسد العراقي الى تمارين لتعلم الرماية على البندقية او قياس درجة التدمير للمفخخات المقنعة، كتبت انتظر الاوديسية فجاءتني شركات النفط والامن، كنا ننتظر هوليود فجاء الهولوين مقنعا وتحته حسناوات دراكولا فدراكلة العمائم والملالي الدموية.. اه كم يعتقد الاميركان باننا تافهون كي يعتقدوا نحن ثنائية تتفاضل بين الحكيم وصدام.. ربما هكذا نحن اوباش الالفية الثالثة تقتلنا الحرية ويحمينا السوط والزنزانة !! كل مرة لم تقدم الحضارات نفسها الا ببزة محارب، وهكذا لم نشاهد فوكوياما بل شاهدنا اوباش من القتلة كما لم يشاهد الغرب المسيحي من حضارتنا غير عبد الرحمن الغافقي في حملة بواتيه ولم يشاهدوا ابن رشد وابن خلدون.. لم نشاهد في الحزائر عظيما كبودلير بل شاهدنا محترفين للقتل وجنرالات سفلة لا يرتقي شرفهم القيام بمفاضلة بين فيتشي وديغول، ولكن اثبتت نظم الثورة التي حررت الزائر : كم كان الفرق والقيمة مقلوبة بين فيتشيي الجزائر وفيتشيي فرنسا، فمن يخون اللوفر ليس كمثل من يخون وطنا من يباب وقحط وجريمة.. ولكن ايضا لم تنتج الثورة ضدهم غير قتلة اكبر من قتلة فرنسا الاستعمارية.. يا للحيرة.. وهنا نعود الى ابو سفيان لاخبرك انني اطارد كتابات هذا الشخص الرائع والذي اشعر ان خصامه اجمل ممن وافقنا الراي فهو مثقف من الطراز الكبير وكم اتمنى ان اعرفه او اعرف اين تنزوي شخصيته في هذه الكرة الارضية الضيقة؟ سلاما ابو سفيان فانا اضع قبلتي على جلد قنفذ هاربا من قبلة على هفيف الحرير في عاصفة.. سلاما عبد الخالق ايها الروح الطاهرة.. ولكن : حيث نصل لتاييد وجودنا في دولة الجنة فاننا نعلن موتنا ولعل الحياة في الجحيم اي الاعتراض على دولة الجنة افضل من الموت والسكوت في الجنة.