الجزء الثاني: عرس الدم
العرض الدون كيشوتي للقوة - راجع الجزء الاول من التقرير - الذي قدمته القوات الاميركية، انتهى بتفجير سيارة رجل مسكين: تسـلـّم إيصالا بمراجعة القاعدة الاميركية لغرض تعويضه، ولست واثقا من أن مبلغ التعويض سوف تصرفه حكومة صديقي اللئيم جورج بوش، لكن من المحتمل جدا أن يكون هذا المبلغ من عرق ونفط العراقيين: انه منجم ليس له مثيل في العالم. كنز لم يحلم به حتى كريستوفر كولمبس وهو يغزو قارة الهنود الحمر.
آه.. ستمر ايام، سنوات، لتقول الادارة الاميركية: انها اخطأت - كما اعترف اكبر حمار: بول بريمر، من قبل - بتصرفها الاهوج هذا، الذي يتلخص بتحويل العراقيين الى مخبرين على بعضهم البعض، وأن هؤلاء المخبرين هم سبب تضليل الادارة الاميركية في العراق - انتم تتذكرون طبعا أضاليل اسلحة الدمار الشامل - وبالتالي فهم - اي العراقيين - يتحملون القسط الاكبر في تدمير بلدهم، فإذا كان صدام قد غزا الكويت وفق خارطة سياحية، فإن اميركا quot; حررتنا quot; وفق خارطة quot; احتلالية quot;.. ههههه: شاعر، كما تعلمون، واللعب بالكلمات صنعتي الوحيدة التي أدت بي الى ان اكون عادل كمال: مشروع قتيل مؤكد، رغم ادمانه على المحبة والشعر والافلاس، وفوق ذلك: الضحك رغم كل الخراب واعراس الدم. وستبكون - أو تضحكون، ما الفرق؟ - حين أخبركم أن العرض الدون كيشوتي اعلاه، بنهايته البائسة، كان يتعمد إغفال واقعة دموية ستقع، لم ينقل خبرها اولئك المخبرون قبل وقوعها، كما ستدعي الادارة الاميركية، إذ بعد نهاية ذلك العرض العجيب بساعتين، دوى انفجار هائل في حي الرشيد، غير البعيد عن مكان العرض، اثر اقتحام انتحاري بسيارته مأتما، كان مقاما لأحد افراد الشرطة الذي اغتاله الارهابيون، ذبحا... حتى النصر!!
quot; عظـّم الله لنا الأجر quot;: نحن في بلاد.. تأكل نفسها بنفسها، على طاولة الديمقراطية الانتخابية، التي رسمتها الخارطة quot; الاحتلالية quot; من أجل أن تتسلم الأكثرية الامية قيادتنا الى مذبح القرون الوسطى، حيث الامية وقلة التعليم هي المراسم المطلوبة لاقامة عرس الدم في العراق كله: فقد قامت زمرة ارهابية باختطاف ضابط شرطة، وهو خارج في طريقه الى الوظيفة، والقت بجثته مذبوحا على قارعة الطريق، مع تحذير الى أهله بعدم اقامة مجلس الفاتحة له والا.. فــــ..: اسلوب يحيل المرء الى ماكان يفعله نظام صدام، حين يتم تبليغ ذوي أي ضحية يتم اعدامها بعدم اقامة مجلس الفاتحة له، فليس ثمة فارق، سوى أن اهل المغدور وقتذاك يتقيـّدون بالتبليغ، خوفا من تداعيات مؤسفة او مؤذية، أما في حالنا الحاضر فلا أحد يعبأ كما يبدو، فنحن في وضع ديموقراطي جداااااااااااااااا، بغياب حكومة التكنوقراط على الاقل!!
إن الناس تنسى ان هناك حكومة ظل، هي حكومة الرعب، المركبة الصنع من وزراء محليين، ومن دول الجوار، ومن دول عالمية: رئيس وزرائها منتخب بطريقة نزيهة، لاتقبل الجدل: انه الموت نفسه، وقد تخلى عن هيبته كملاك quot; وطني quot;، فتحول الى شيطان quot; عميل quot; - لمن؟ - وصار يتجول في الخرائب والمزابل ومحطات التعبئة والمدارس و.. متفقدا ضحاياه المنتخبين بطريقة عشوائية احيانا، وفي احيان قليلة منتخبين بعناية، انه يتجول حيث رعيته / ضحاياه، اكثر مما يتجول في حدائق قصوره الفارهة. انه يكره السكن في المنطقة الخضراء: لامزاج له هناك ليسمع الى مشاورات الاخوة الاعداء، فتوجه الى البسطاء من الناس في الاسواق الشعبية ليسوقهم بعصاه السحرية الى الله بقلب مترع بالسواد: انه صاحب مؤسسة كبيرة، لها اجندة مؤلفة من خبراء واقتصاد وسلاح.
نعم: مؤسسة لها تقاليد واعراف وسنن، ولها اسلوب عمل خاص بها، هو بتر اصبع الكف إن اعترض على حركة اليد، عبارة صدام الاثيرة، التي دشـّن بها حياته السياسية بكل قبحها. هذه المؤسسة ننظر اليها، نحن الهامشيون والصعاليك، بمنتهى الجدية، لكن تعاملنا معها يختلط فيه البكاء بالضحك: بكاء من اجل 23 ضحية طارت ارواحها في مأتم، هناك تحذير من عدم اقامته،لم تتخذ القوات المشتركة: اميركيا وعراقيا، أي اجراء احترازي سوى نصب الاسلاك الشائكة: ماركة العصر الديمقراطي الذي نمر به، وضحك مرير لأن القوة الاميركية بكل عنجهيتها، قبل ساعات، كانت تحوم حول سيارة متروكة على الرصيف، ذهب سائقها لتناول الطعام:
إنه ضحك وبكاء من عادل كمال، العاشق المفلس الذي لم تحتسب له مدة الفصل كخدمة، اسوة باقرانه المفصولين السياسيين، لأن quot; واسطته quot; الى نيل حقوقه هي المحبة، والتفهم المر لمطاطية مزاج الوزراء والمدراء العامين، الذين لم يحلموا في حياتهم ان يكونوا كتاب عرائض امام الدوائر التي يديرونها الان، وسط حفاوة امنية، يحسدهم عليها صدام حسين، وهو يتلصلص عليهم من سجنه.
نعم.. ضحك وبكاء من الشرطة ايضا، فبعد يومين من مقتل الزرقاوي انفجرت في كركوك وحدها، وفي مناطق قريبة، في يوم واحد، خمس مفخخات، جذب انفجارهن الوجوم والرعب الى كل مكان، الامر الذي جعل الشوارع، ذلك اليوم، شبه خالية من المارة، وقد اقفلت معظم المحال التجارية ابوابها: انه عرس الدم، الذي على اثره كثفت الشرطة من دورياتها في كل احياء المدينة، مع نصب عدد من السيطرات الفجائية في اي شارع، وكانت تلك - بحق - خطوة ذكية، قللــت الى حد ما من عدد الانفجارات، لكن حكومة الظل - التي نوهت عنها اعلاه- كانت ترصد ذلك، فأرسلت تحذيرا الى الشرطة - تخيلوا - قالت فيه مامعناه: كنا نعتبر quot; الحرس الوطني quot; بمثابة quot; الحرس الوثني quot; لمشاركتهم العمل مع الاميركان، ولذلك سوف نعتبركم من ضمنهم، ونعاملكم كما نعاملهم، مالم ترفعوا السيطرات، ومالم تكفوا عن استخدام أجهزة اللاسلكي في الاتصالات بينكم.
يروي أحد اصحابنا، من الشوارع الخلفية، أن مجموعة من ضباط الشرطة حكت له هذه الحكاية في محل عمله، وأثناء ذلك، حصل اتصال بأحدهم من خلال جهاز اللاسلكي، فماكان من هذا الاخير الا أن صاح غاضبا بالطرف الاخر: quot; الم انبهك بعدم الاتصال من خلال الجهاز quot; فيما قام الاخرون باخفاء اجهزتهم التي كانوا يتباهون بها علينا قبل التحذير.هذا التحذير ربما يفسر سر اطلاق النار على مجموعة من اصحاب البسطات الشعبية، في طريق بغداد، من قبل مجموعة ارهابية لاذت بالفرار، قبل ايام ايضا، ذلك ان مجموعة من الحرس الوطني او الشرطة كانت متواجدة في ذلك السوق: عرس للدم تسبقه زغاريد من زخات الرصاص، وترافقه احيانا حشرجات مذبوحين خمسة في حي واحد حزيران، أو صرخات طبيب اسنان قتل علنا في ساحة الطيران، من قبل مجهولين مارين في سيارة عابرة.
في كل هذا ثمة من يتصيـّد في الماء العكر، ويحاول ان يلقي التبعات على ادارة المدينة، أو على صراع quot; وهمي بين القوميات التي تسكن كركوك، ودائما هناك تهمة جاهزة لهذه الجهة او تلك، وهو امر لااساس له من الصحة، فالقتلى والضحايا هم عراقيون ينتمون الى كافة الشرائح القومية التي تتكون منها المدينة، فما الامر؟
قبل ان اخوض في هذا الموضوع، أود أن اوضح امورا، بناءا على الرسائل الكثيرة التي وصلتني، وبناءا على بعض ماجاء في التعليقات التي نشرت، على موقع ايلاف، حول الجزء الاول من هذا التقرير: ان موضوع التقرير ليس له علاقة بهوية كركوك، وانما بمناخ الحياة فيها، هذا اولا، أما ثانيا فقد عملت مع اخواني العراقيين الاكراد، وعشت معهم طويلا في الجبل والسهل، وفي النضالين السلبي والايجابي، كما اني عملت مع الكتل الديموقراطية بكافة اطيافها، وعملت ايضا مع الاطياف الاسلامية. ببساطة اريد ان اقول: ليست عندي مشكلة مع حزب ولا لحزب ما مشكلة معي: لقد كانت المعارضة العراقية - قبل سقوط صدام - مؤسسة واحدة، نلتقي فيها جميعا نحو هدف نبيل، هو محاربة الدكتاتورية، اما ما حصل بعد سقوط النظام، فأمر لم يعد يعنيني كمعارض: لقد منحت نفسي اجازة في أن اعيش حياتي حرا، مع الناس البسطاء في الشوارع الخلفية، من دون اي التزام حزبي او ايديولوجي، وهو خياري، وأنا راض به، ولذلك فاني اذ انتقد فانتقادي يخص الاداء، ولايمس الافكار، دون ان اتنازل عن حقيقة هامة، وهي اني عراقي ابن عراقي، وأُؤمن بالعراقية كسمة او مشترك روحي ووجداني وفكري ووطني، يمكن بواسطتها ان نتجاوز محنة الطائفيات والقوميات التي نمر بها، ولذلك اتعامل مع الجميع كعراقيين، ولذلك ايضا لن اتورع عن فضح اي استغلال او ظلم يمس العراق ومواطنيه، مهما كان الطرف المقابل: انني بأسف شديد اعيب على من يعتقد ان ثمة من اشترى ذمتي، معترفا بكل وضوح ان الطرف الوحيد الذي يستحق ذمتي هو العراق واهله، بكافة ميولهم واهوائهم وجمالهم وسهولهم وجبالهم وصحرائهم، ولو كان العكس فإني - قبل كل أحد - سوف لن احترم نفسي، ولعل خلصائي من المفكرين والشعراء والمثقفين يعرفون ذلك عني جيدا، والايام طويلة بيننا، إن لم يفصل احد ما رأسي عن عنقي.
ما الامر؟
حسنا: هناك ناحية تابعة الى مدينة كركوك اسمها quot; تازة quot;، التي تسكنها غالبية تركمانية، موالية الى أهل البيت quot; عquot;، اضافة الى عوائل عربية معدودة انصهرت في حياة الناحية، وصارت جزءا من لحمتها. تشتهر هذه الناحية بكونها منطقة زراعية تنتج مختلف الفواكه والخضر، وهي مهنة ناسها الاساسية، اضافة الى تربية الحيوانات، لكونها كذلك فهي سوق هام للتبضع بالنسبة للقرى التابعة لها، وهي تسع قرى، تسكنها غالبية عربية سنية، تمتهن تربية الحيوانات وزراعة الحنطة والشعير في الغالب، ولذلك فإن اهالي تلك القرى لابد من مراجعتهم لناحية تازة، فهم تابعون لها اداريا. بكلام اخر: هناك تبادل مصلحة كبيرة بين عرب القرى وتركمان الناحية، فبعض العرب يعملون فلاحين او رعاة عند التركمان والبعكس، وتاريخ العلاقات بينهم لم تكن تشوبه الا بعض المشاكل العابرة التي غالبا ما تحل بالطرق العشائرية المعروفة، لكن توترا ما حصل في انتفاضة اذار عام 1991 وبعدها، ذلك ان جميع اهالي ناحية تازة كانوا قد شاركوا في الانتفاضة، فيما لبثت القرى العربية التابعة لها على موقفها من النظام، إذ كانت هذه الاخيرة معظمها تنتمي الى عشائر العبيد التي يعتمد عليها النظام البائد انذاك، هكذا عندما فشلت الانتفاضة واحتل جيش صدام ناحية تازة، كان لابد من الهروب او اللجوء الى تلك القرى، فابدى - وقتها - البعض تعاطفا انسانيا كبيرا مع الهاربين من بطش النظام، فيما تعامل البعض معهم بلا مبالاة.
لست اريد ان اقول ان سقوط النظام في 9-4 أذكى النار في موقد خمد لوحده نتيجة المصالح المشتركة، لكن اريد الاشارة الى ان الفلتان والفوضى الذين عمـّا العراق سمحا لأن يتحول اهالي تازة الى صيد سهل، بحكم طبيعتهم المسالمة، لعصابات التسليب، التي تتخذ من البرية المفتوحة حوالي الناحية، حيث تنتشر القرى العربية، ملاذا لها.. فقبل حوالي اربعين يوما، من كتابة هذا التقرير، جرت الحوادث التالية في ناحية تازة:
اولا - اختطف تاجر ماشية، من قبل مجموعة من العرب، واطلق سراحه مقابل فدية مقدارها 22 مليون دينار
ثانيا- اختطف تاجر سيارات، من مجموعة اخرى - او ربما نفس المجموعة - واطلق سراحه مقابل فدية مقدارها 15 مليون دينار.
ثالثا - اختطف قصاب، بعد ان استدرجه احدهم، بحجة شراء بقرة، الى خارج الناحية، ومن هناك اتصل بذويه مطابا بفدية مقابل اطلاق سراحه، وخلال 24 ساعة، ولما كان اهل القصاب لايملكون الثمن الباهظ للفدية، فقد تم ذبح المسكين من الوريد الى الوريد، ووجدت جثته بالقرب او في قرية عربية متاخمة للناحية.. فماذا تتوقعون ردود فعل اهالي الناحية؟
لقد شتمتني وجها لوجه، في مهرجان الربيع، قبل شهرين في اربيل، مثقفة عراقية، وشتمت الحزب الشيوعي العراقي - ما علاقته بالموضوع؟ - لأنني ذكرت لها لحظة دراماتيكية لن انساها مدى حياتي، حين كان الحلفاء يقصفون العراق كله، من اجل اسقاط الدكتاتورية، ومن اجل تحطيم البنية التحتية للبلد تمهيدا لدخول الشركات الاميركية. طبعا كانت هناك تفاصيل اضافية، لو كانت شاطرة، لفهمت من خلالها انني اردت ان اقول: ان فكرة اسقاط الدكتاتورية كانت عبقرية، لكن الاجندة التي التي نفذت تلك الفكرة كانت رديئة وسيئة - بل سيئة حد الخزي - الأداء، وهذا ما اثبتته الايام، من خلال تصريحات المسؤولين الاميركيين أنفسهم، وهذا ماتثبته الاحداث اليومية التي لااملك، انا وأصحابي في الشوارع الخلفية، الا أن نحمل الاجندة العراقية التي ساهمت، يدا بيد، مع اميركا وجورج بوشها في تخريب وتقسيم شعب طيب وبسيط، محب للخير وللجمال، بتحويل ارضه الى مستنقع للارهاب من خلال زرع مغناطيس المصالح الاميركية لجذب افراد القاعدة، يترافق ذلك كله مع استغفال متعمد للمواطن العراقي ولهمومه اليومية، وابسط مثال على ذلك ما يحصل في ناحية صغيرة جدا يبلغ عدد سكان مركزها 15 الف نسمة لاغير، فبالاضافة الى حوادث الخطف والتصفية، هناك ماهو ادهى: القصف الهاوني الذي تتعرض اليه الناحية بين فترة واخرى، ومن منطقة قريبة لاتبعد سوى 3 كيلومترات عن مركز الناحية، حيث يقع مشروع ري كركوك، كما يقول اصحابنا في الشوارع الخلفية.
هناك اسئلة - في الحقيقة والواقع - تقض مضجعنا، نحن اولاد الخائبات، مفادها: quot; الم تنفد مذاخر الارهابيين من الاسلحة والقنابل والرصاص؟ quot; وهل ان طائرة اليو تو، التي كانت تخترق العراق خلال دقائق معدودة، أيام البحث عن حل فزورة اسلحة الدمار الشامل، فتلتقط صورة رأس الدبوس عن بعد 500 كيلو متر وهي في الجو، هل عجزت هذه الطائرة عن رصد مذاخر الارهابيين؟ وهل ان جيش المخبرين المؤلف من الاف العراقيين لم يعط اخبارية عن تلك المذاخر؟ و هل ان هذا الجيش متخصص بالاخبار فقط عن مواطن مسالم مثل عادل كمال، صادرت حكومة صدام املاكه، ولم يستردها لحد الان، فتقتحم القوات المشتركة بيته، حتى وهو في حالة ورده ومسيطر؟
اغرب مافي القصف الهاوني على تازة، هو انه كان يستهدف الجامع، ولحسن الحظ فلا ضحايا لحد الان، لكن لماذا الجامع؟ ومع ذلك فان سلوك القوات الاميركية حيال الموضوع يظل غريبا، حسب مايقوله الاهالي هناك، فهو خليط من عدم اللامبالاة والوعود الكاذبة، الامر الذي ادى بأحد كبار مسؤولي ناحية تازة، قبل ايام، وفي الازمة الاخيرة اعلاه، أن يطلب من القوات الاميركية عدم التدخل فيما بينها وبين الخاطفين، ذلك ان الاميركان - حسب مانقله اصحابنا، وحسب رأي ذلك المسؤول - لم يفعلوا شيئا في السابق يضمن سلامة اهالي ناحية قليلة التعداد السكاني: أهلها مسالمون فيما مضى، لكنهم الان يريدون حل مشاكلهم بأنفسهم، بعد أن يئسوا من الوعود الاميركية. هكذا اغلقت حدود ناحية تازة، ومنع العرب من دخولها، تلافيا لحدوث متاعب، ابسطها الانتقام للمغدور، الامر الذي جعل القرى العربية المحيطة بناحية تازة في عزلة عن حاجياتها الاساسية، فسوق الناحية هو مصدر تبضعهم القريب في ظل ازمة الوقود، كما ان اصحاب محال الفواكه والخضرة في تازة بدأوا يشعرون بكساد تجارتهم، فيما السيطرات المحيطة بتازة تنبه راكبي سيارات الاجرة من العرب الى عدم دخولهم الى هناك خشية الانتقام، مما دفع بالمجموعة العربية داخل مجلس محافظة كركوك الى الشكوى لدى المحافظ، فكان الجواب ان على القرى العربية وعشائرها المجاورة لتازة ان تقوم بتسليم القتلة، اضافة الى اعادة المبالغ المأخوذة كفدية عن الاخرين..
الان هل اجبت عن السؤال: ما الامر؟
اعتقد انني اجبت: انها حكومة الظل التي تحرص على اقامة عرس الدم في كل مكان من العراق: حكومة الظل هذه هي التي تهيمن على احلامنا وتطلي كوابيسنا بالطلاء التي يناسبها، وهي تتعدى ان تكون عراقية او محلية: انها اخطبوط، لو راجع القراء التقارير التي كتبتها سابقا لوجد بصماتها واضحة: المشهد الان يذكر بالاجواء التي رسمها ببراعة ماركيز، في روايته quot; قصة موت معلن quot;: صمت مصحوب بترقب: القاتل والمقتول يتجهان نحو بعضيهما، والكل يراقب: اميركا بمروحياتها، الشرطة بدورياتها، وحكومة عرس الدم تدير الممثلين على مسرح العمليات.. و.. quot; ما في حدا، لاتندهي، ما في حدا..quot;
التعليقات