من أدب الكوميديا السوداء

أثناء متابعتى لمونديال ألمانيا 2006 داهمنى كابوس مرعب من أنواع الكوابيس التى تداهمنا نحن المصريين إذا أكلنا كشرى أو طعمية أو بصارة أو محشى كرنب على العشاء قبل النوم، وهذا الحلم ذو قوة القتل الثلاثية الذى كبس على أنفاسى وجعلنى أحس بالإسفكسيا وأعراض الذبحة المونديالية كان من المفروض أن تثير مشاهده الملونة المزركشة خيالى و تدخل على قلبى البهجة والحبور وعظيم السرور، ولكنها للأسف جعلتنى فى غم وهم مقيم إلى لحظة كتابة هذه السطور، فقد حلمت خير اللهم إجعله خير أن بلاتر زعيم إمبراطورية الكرة فى العالم قد سحب ورقة مكتوباً عليها quot; EGYPT quot; بدلاً من جنوب أفريقيا لتنظيم مونديال 2010، وقد نجح ساعى مكتبه ذى الأصول المصرية أن يبدل الأوراق فى الصندوق الزجاجى ويكتب إسم مصر عليها جميعاً خدمة لوطنه وتحقيقاً للإنتماء، والمثير فى المشهد الكابوسى أن الأستاذ بلاتر عرض الورقة للجمهور والصحفيين ومشاهدى التليفزيون فى العالم دون أن يشاهدها هو فى البداية وكان وقتها مبتسماً من الأذن إلى الأذن، ثم تغير الحال فى ثوانٍ حين تنبه العم بلاتر لجليطته البروتوكولية فأدار الورقة ونظر إلى كلمة إيجبت وإذ فجأة أخذ بلاتر يصرخ بطريقة هستيرية quot;إيمبوسيبل.. مش ممكن.. مش معقول.. إلهقونىquot;، نطقها بكل اللغات الحية والميتة ثم سقط مغشياً عليه، فقد كان واثقاً من أن جنوب أفريقيا هى التى حصدت الأصوات، وأن مصر المحروسة قد حصلت على صفر المونديال المربع، ظل أطباء الإتحاد الدولى لكرة القدم من كافة الجنسيات والتخصصات يحاولون إفاقة بلاتر من الإغماء ولكن للأسف حالته كانت قد إقتربت من الموت الإكلينيكى والوفاة الدماغية، وكان الحل الوحيد هو أن يهمس الطبيب المعالج للشلل الرباعى فى أذن رئيس الإتحاد الدولى قائلاً quot;جنوب أفريقيا quot; فيهب بلاتر واقفاً على حيله معافاً من موت جذع المخ فى أول سابقة علمية فى التاريخ.

* بعد أن إكتشف بلاتر الملعوب والمقلب الطبى، أخذ يضرب كفاً بكف قائلاً :أورى وشى للناس إزاى؟.. أروح فين وآجى منين؟، إزاى ده حصل؟، ده أنا شايف صفر المونديال المصرى ملعلع فى اللجنة بعينيا اللى حياكلهم الدود؟!!!، ولكن للأسف كانت الفاس قد وقعت فى الراس، وكان القدر قد أعلن كلمته المجلجلة، وعرف الحاقدون العملاء أن اللى ييجى على الغلابة مايكسبش ، وإن ربك مع المنكسرين جابر، وإضطر بلاتر للرضوخ للأمر الواقع ولم يستطع التراجع فقد فضحته شاشات العالم على الهواء مباشرة، وخاف من أن يجرسه المصريون ويركبوه حمار بالمقلوب فى مقر الفيفا، فتقبل المصاب الفادح، وأقام صوان عزاء فى مقر الإتحاد الدولى بزيوريخ فى سويسرا، وتناقلت وكالات الأنباء الخبر، وظل التليفزيون المصرى يذيع quot;المصريين أهمه quot; و quot;مصر اليوم فى عيد quot; لمدة 24 ساعة فى اليوم، وجاء بلاتر محمولاً على نقالة على رأس وفد كبير من الفيفا وهم يرتدون ملابس الحداد لإفتتاح مونديال 2010 وقص الشريط فى عمر مكرم!

* بالطبع بدأ التخطيط للمونديال المصرى بالتميمة أو شعار المونديال الذى سيظهر فى الإستادات والتليفزيونات والإعلانات ويطبع على التى شيرتات ويرسم على العربيات والعمارات، تكونت لجنة لتصميم التميمة ومنها تفرعت لجان منبثقة ولجان متشعبة من المنبثقة ولجان متشظية من المتشعبة، وإتفقت كل هذه اللجان المنبثقة والمتشعبة والمتفرعة والمتشظية على إختيار الأستاذ شلبى عويس مفتش التربية الفنية بالمرحلة الإعدادية لتصميم التميمة، وبالطبع كان إمتحان الرسم فى المرحلة الإعدادية فى عام 2010 فى الموضوع الزخرفى هو عن تصميم التميمة، والحمد لله جاءت النتيجة مبشرة وإستطاع من خلالها الأستاذ شلبى عويس الحصول على تصور مذهل لشعار وتميمة المونديال، فقد رسم فناننا العبقرى كرة كبيرة وحشاها بمفتاحين إنجليزى وترس رمزاً للصناعة ومحراث وفأس رمزاً للزراعة وسنبلة قمح وغصن زيتون ونخلتين وسونكى وخوذة، ومن المعروف أن هذه العناصر هى سر حصول معظم طلبة الإعدادية على الدرجة النهائية، إعترضت اللجنة على عدم وجود أى إشارة إلى رياضة كرة القدم أو الخصوصية المصرية، فإحترم الأستاذ شلبى هذه المطالب وقرر نزولاً على رغبة جماهير اللجان أن يضيف إلى تصميمه الفريد صلعة رونالدو وزيدان بكادر من فوق على طاسة الرأس بالضبط تظهر فيها قرعة كل منهما بشكل لامع مصقول يوحى بالصفاء والشفافية والأفق اللازوردى اللانهائى، أما الخصوصية المصرية فقد قرر الأستاذ شلبى رد الجميل لولى نعمته ورئيسه السيد الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم فى صورة زووم تحتل صدارة المشهد، وسلم الأستاذ شلبى التميمة فى مكتب السيد الوزير فى مشهد مهيب إقشعرت له الأبدان وظلت تقشعر حتى نقلت الوزارة عن بكرة أبيها إلى مستشفى الحميات، وظل السيد الوزير يبكى بحرقة وهو يختم التميمة بختم النسر فى حوار عبقرى لايتكرر كثيراً بين الأصالة والمعاصرة.

* كانت الخطوة التالية التى لاتقل أهمية عن التميمة هى خطوة بناء الإستادات وتشييدها بمايتناسب وسمعة الفراعنة فى فن البناء، إقترح المعلم حنفى زلطه المقاول الشهير أن تكون مداخل جميع الإستادات كمدخل معبد الكرنك وطريق الكباش، وأن يكون عدد الكباش على كل جانب هو 11 كبش وهو نفس عدد لاعبى كل فريق، ولكن رئيس اللجنة المنظمة للمونديال إعترض لأن المعلم زلطة أهمل فى تصميمه الإحتياطى والمدرب والمدلك ومدرب حراس المرمى، ولكن التصميم كان قد تم الموافقة عليه من جميع المجالس شعب وشورى ومحليات، وحصل على التصويت اللازم، فأسقط فى يد اللجنة المنظمة المشكلة من كل الوزراء المختصين، وتم أخذ الأصوات على كيفية حل هذه المشكلة العويصة وإتفق الجميع فى تكاتف أصيل يكشف عن معدن المصرى حين تشتد الشدائد على أن يكملوا طريق الكباش بكام جدى ومعزة حتى لايحتج باقى طاقم الفريق عند الفيفا.

* بدأ العمل على قدم وساق فى بناء الملاعب على أعلى مستوى، وبالرغم من وجود بعض الهنات البسيطة والرتوش الخفيفة التى لاتؤثر على مسار العمل البناء، مثل رداءة نوعية الكراسى التى تصيب الجماهير باللمباجو والكالو والإنزلاق الغضروفى، ومثل فرقعة لمبات الإضاءة الليلية التى أثنى على فرقعتها رئيس اللجنة المنظمة ووصفها بالفانتاستيك الذى يخلق quot;سسبنس quot; فى المدرجات، وعندما سئل عن بعض من يعالجون فى أقسام الرمد بقصر العينى نتيجة هذه الفرقعة، قال بصوت جهورى كله شجن : كله فدا عيون مصر، هى عين المواطن إبن المواطن الذى فرقعت اللمبة فى وجهه أغلى من عيون مصر، وصرخ بحنجرة كلثومية ألف أوكتاف: تحيا مصر وفى داهية عين المواطن واللى خلفوا المواطن!، ومثل تواجد بقايا الزلط والرتش والطوب فى المدرجات مما قد يؤثر على أمن اللاعبين والجماهير، ومثل ثقوب مظلات الإستادات التى حلها المقاول بحل عبقرى هو تغطية سقف الإستاد بملاءة كاروهات صنع المحلة ، ومثل الأجزاء الصلعاء فى نجيلة أرض الإستاد والتى كان رد المعلم زلطة حاسماً باتراً مفحماً حين واجهناه بها حيث قال : صلعة زيدان وزلحة روبرتو كارلوس وقرعة رونالدو مش أهم من أرضنا، ثم قال وهو يخبط المكتب بقبضة يده :وأرضنا هى عرضنا، ولابد أن تكون أرضنا بكراً جرداء من الحشيش وماأدراك ماهو الحشيش والعياذ بالله!، ومثل كراسى المقصورة فى بعض الإستادات التى نسيت شركة المقاول أن تجعل ظهرها ومسندها إلى الخلف، وعلل رئيس مجلس إدارة الشركة هذا الوضع المريب بأن مخه مش دفتر واللى عايز يتفرج على المونديال لازم يتعب ويقعد على الكرسى بالشقلوب أو زرع بصل، واللى مش عاجبه يخبط دماغه فى خرسانة المقصورة، وعلشان الورد ينسقى العليق، ، وعلشان الكورة يتفرج المشاهد بقفاه فى إعجاز مصرى يضاف إلى إعجاز التحنيط الفرعونى القديم.

* كل ماسبق كانت مجرد هنات بسيطة وسفاسف لاقيمة لها، فبرغم كل ماسبق فإن البنية التحتية للإنجاز المصرى لم تتأثر، وأعرب بلاتر ورفاقه عن إعجابهم الشديد بالإستادات برغم أنهم عند زيارة أحد هذه الإستادات لم يجد بلاتر لزوجته المصابة بالقولون دورة مياه حريمى، وإندهش المسئولون كيف يطلب بلاتر هذا الطلب البجح الخارج عن اللياقة والآداب العامة، وتشنج رئيس لجنة آداب المونديال عندما سأله بلاتر :هل النساء فى بلادكن لاتدخلن دورة المياه؟!، وشتم بلاتر وقال له قف عندك، نساؤنا أشرف من نسائكم وأطهر وأعفف... الخ، وعندما تجرأ بلاتر وسأله :وماعلاقة الشرف بقضاء الحاجة البيولوجية وتلبية نداء الطبيعة، لم يجد رئيس لجنة آداب المونديال إلا طفاية السجاير ليلقيها فى وجه بلاتر الرعديد المتجاوز لحدوده.

* تشرف رئيس لجنة آداب المونديال الداعية عبد الفضيل الماضاوى برئاسة لجنة الإفتاء الشرعى المونديالى والتى كان أمامها مهام جسيمة لتجهيز الوعى المصرى لإستقبال هذا الحدث الأكبر ، وعلى فكرة هذا الحدث لايوجب الإستحمام فى آخر فتوى للداعية ماضاوى!!، بدأت اللجنة أعمالها بقرار إيقاف المباريات أثناء الآذان ولم يحسم الجدل هل الإيقاف تبعاً لتوقيت الآذان فى مصر أم فى بلدى الفريقين المشتركين فى المباراة؟، وإستقر الأمر على الأخذ بالثلاث توقيتات أخذاً بالأحوط، وقد إعترضت اللجنة على شورتات لاعبى المنتخبات القصيرة التى تبين أفخاذ اللاعبين، وأصدر الشيخ عبد الفضيل فتوى تحرم إرتداء هذه الشورتات لأنها إنكار للمعلوم من الدين بالضرورة وكشف صريح للعورات، وقد حاول بعض المستنيرين تعديل مفهوم العورة الرجالى وحذف الفخذ منها، ولكن ذهبت محاولاتهم أدراج الرياح، حين أرفق رئيس اللجنة صورة لمدحت وردة لاعب السلة وربيع ياسين لاعب النادى الأهلى وهما يرتديان الشورت الإسلامى الشرعى، وصدر فرمان الشيخ عبد الفضيل بفرض الزى الشرعى على جميع لاعبى المنتخبات، والتشديد على الأجهزة الفنية لهذه المنتخبات بعرض الشورتات على أعضاء اللجنة لقياس أطوالها وضمان تغطيتها للركبة وعدم دخول خيوط الحرير المحرم شرعاً فى نسيجها.
[حاول الشيخ عبد الفضيل الماضاوى مد مظلته الشرعية لتضم الجماهير المصاحبة للمنتخبات وخاصة الحريم منهن، وبالأخص فتيات البرازيل وأسبانيا اللاتى خرجن على كل التقاليد المصرية والعربية والإسلامية، ولبسن البدى الحمالات وبنطلونات الجينز، وأظهرن المفاتن وماخلف المفاتن، إعترض عبد الفضيل على هذا السفور وهذه الخلاعة، وطالب بتشكيل جماعة الأمر بالمعروف لمراقبة هؤلاء المتهتكات الكاسيات العاريات، وتوزيع نقاب على كل مشجعة، ورداً على إعتراضات العلمانيين الذين قالوا أن النقاب سيحدث لخبطة وسيختلط الحابل بالنابل، ولن تعرف مشجعات الفرق من بعضهن، فقال الشيخ عبد الفضيل لافض فوه : بسيطة سنلصق علم كل دولة على ظهر نقاب كل مشجعة، وسيفيدنا إلصاقه على الظهر فى تمييز وتوضيح هل هذه المنقبة رايحه ولا راجعه!!.

* كانت مشكلة المشاكل هى أغنية الإفتتاح التى كتبها الشاعر الفحل المعطاء عبده حريقه الذى كتب كل أغانى الثورة والنكسة والإستنزاف وحرب أكتوبر ومعاهدة السلام وإفتتاح توشكى وتعديل 76... الخ، وقد أشرف رئيس قطاع الإنتاج بنفسه على إخراج الأغنية التى إختير لغنائها كورال ثلاثى مكون من المطرب سعد الصغير وشعبان عبد الرحيم وبهاء سلطان وتقول كلماتها مونديالنا حلو وقيافه... وبلدنا مالها زى فى اللطافه، وبلاتر قلبه بيوجعه عايز حد يدلعه... وهييييه، وقد حازت الأغنية على إعجاب جماهير المونديال، وحصلت على الإسطوانة البلاتينية فى مسابقة التوب تن.

* بدأ المونديال المصرى أثناء إنعقاد مؤتمر ثقافة قبول الآخر الذى إنعقد لمناقشة الأحداث المؤسفة التى حدثت فى الإسكندرية ومازالت تتكرر منذ أربع سنوات، الإسكندرية هذه المدينة الكوزموبوليتانية التى كانت تستوعب الجميع فصار الأخ فيها لايحتمل أخاه لسبب بسيط وهو إختلاف الديانة، وطرح أعضاء المؤتمر سؤالاً هاماً وهو :هل أصبحت مصر وطناً لايقبل الآخر المختلف؟، وأثناء مناقشات المؤتمر حامية الوطيس كانت تدور مباريات المونديال موزعة على إستادات محافظات مصر الرئيسية، وكانت أولى المصادمات فى ملعب أسمنت أسيوط وتليفونات بنى سويف، فقد رفض الأول إستقبال فريقى أسبانيا والأرجنتين، بينما رفض الثانى إستقبال فريقى سويسرا واليابان، وكانت الحجة فى أسيوط أن مشجعات الفريقين من صنف آخر غير صنف النساء المتداولات المعروفات، وأن الصعايدة يشكون فى أن هؤلاء المشجعات من الجنس الثالث، أما فى بنى سويف فقد تقدم أعضاء المجلس المحلى هناك بطلب إستجواب حول دخول أهل البوذية اليابانيين إلى أرض المحافظة، وإتقاء للشبهات ألغى المحافظ الماتش وإعتقل الحكم الذى أثار الشغب بإصراره على لعب المباراة!.أما الطامة الكبرى فقد كانت فى إستاد الإسماعيلية، حيث أقيمت مباراة البرازيل وألمانيا وماأدراك مامشجعات البرازيل بالذات، فقد إفترشن شارعى السلطان حسين وشبين الكوم وقهوة المثلث، وكانت النتيجة مؤلمة أشد الإيلام حين شاهدهن الشباب والكهول وحتى النساء!، فمازال أطباء النساء والولادة هناك يحاولون حل مشكلة المشجعات العائدات من هناك خوفاً من تغيير التركيبة السكانية بعد حالات الولادة التى فاضت وتجاوزت طاقة المستشفيات فى ريودى جانيرو!.

*إذا تركنا ماحدث من مناوشات ومعاكسات بريئة لمشجعات البرازيل، فإننا لن نستطيع ترك ماحدث لرونالدينهو اللاعب رقم واحد فى العالم، والذى تعرقل أمام منطقة الجزاء فإنكسر صباع رجله الكبير، ولما علم عم برعى التمرجى الذى رافق رونالدينهو فى الإسعاف عن قيمة صباعه الذى أمن عليه بعشرين مليون دولار، صرخ بأعلى صوته وإقترح على الأسطى خليل سائق الإسعاف أن يحتفظا بهذا الصباع بعد بتره لأن صباع رونالدينهو من الممكن أن يساهم فى تزويج شباب الحى كله، ويطلع آباؤهم وأمهاتهم وجدودهم كلهم رحلات عمرة بدلاً من اللجوء لبرنامج الجائزة الكبرى والجرى وراء جمال الشاعر، لكن الأسطى خليل كان حصيفاً وذكياً وقال لبرعى :إطمئن فالأطباء سيقومون باللازم وبدون أن نقع نحن فى سين وجيم، وكانت نبوءة الأسطى خليل فى منتهى الصدق.

* دخل رونالدينهو إستقبال مستشفى التل الكبير المركزى، ونزل لإستقباله مدير المستشفى بنفسه وأمر بإحضار كرسى متحرك لللاعب الكبير، هو بالكاد شبح كرسى مكون من عجلة واحدة وصامولتين ومسند متآكل وقاعدة عبارة عن مخدة كانت أسفل دماغ عيان لسه ميت طازه!، المهم أن الكرسى أدى الغرض ووصل برونالدينهو إلى غرفة الأشباح التى تسمى تجاوزاً غرفة الأشعة، حضر الطبيب النوبتجى وشد رونالينهو من قدمه للفحص بقوة وعنف، صرخ لاعب السامبا الذى إعتزل بعد العلاج وترك السامبا ليلعب فى سيرك على بمبه لأصحاب الحالات الخاصة!، لم يفطن رونالدينهو إلى أن الطبيب النوبتجى يشجع ألمانيا ويحب مايكل بالاك، قال الطبيب :لوسمحت إترذع على السرير وإقلع هدومك علشان نشوف فيه كسر تانى فى جتتك ولالأ، وعندما تساءل رونالدينهو :أين الرنين المغناطيسى أو الأشعة المقطعية؟، تدخل مدير المستشفى وهو يهز رأسه سخرية من سذاجة اللاعب البرازيلى وقال : رنين إيه ومقطعية إيه وكلام فارغ إيه؟، إنت بتاكل من الكلام ده، دى منظرة مالهاش أى لازمة ياكابتن، وفلحسة دكاترة لزوم ترويق الزباين، وإنت يارونالدينهو بيه مش زبون، ورضخ رونالدينهو للأمر الواقع، وكان القرار حاسماً الجبس بعد البتر، مثل شعار التظلم بعد الدفع!.

*خرج لاعبو فريق فرنسا للتسوق فى شارع التجارى ببور سعيد أثناء الأجازة التى أعقبت نهاية الدور الأول، أصر الباعة على بيع الشامبوهات واللبان والكوتشيات لللاعبين الفرنسيين ، فلما رفضوا، خرج أبو العربى من كشكه وقال لزملائه سيبكم من كل الكلام ده، هم عارفين إن الشامبوهات دى غاليه عليهم وبعدين هم بيحبوا اللبان الدكر مايعرفوش الأنواع المحترمة دى أما الكوتشى فدول عالم فقر مايحبوش إلا الأديداس والأمبرو والماركات الواقعه دى ، وحاول أبو العربى إقناعهم بشراء الفياجرا المضروبة فلم يفلح، هرول اللاعبون إلى الفندق، وبرغم أن الحرارة كانت 39 إلا أنهم فوجئوا بمن يعرض عليهم بلاطى وارد الباله بسعر البالطو يورو واحد لاغير، والمدهش أن هنرى إشترى بالطو، وعندما سأله زيدان مستنكراً :قال له إن هذا البالطو غالى عليه وله معه ذكريات قبل أن يستغنى عنه ويلقيه فى سلة القمامة المجاورة لمتحف اللوفر، وهاهو يعود إليه مثل مركوب أبى القاسم، بدا على زيدان عدم الفهم ولكنه كان مستعجلاً على النوم للإستعداد لزيارة تمثال ديليسبس مساء، قال له هنرى قبل أن يدخل غرفة نومه :على فكرة يازيدان تمثال ديليسبس المصريون شالوه وكسروه، إفتكر لمانسافر باريس نبقى نكسر المسلة!.

* كان النقل التليفزيونى غاية فى الروعة خاصة بعد الإعتماد على طاقم ماسبيرو فى البث المونديالى، كانت هناك بعض الأخطاء البسيطة التى لاتذكر، مثل تكرار ظهور قفا إبن مخرج الماتشات وخاصة عند دخول هدف أو ضياع فرصة كبيرة، وضياع صوت المذيع فى نصف كل ماتش، أما النصف الثانى فقد كان يتحدث فيها المذيع عن أمجاده الشخصية ويقارن هؤلاء اللاعبين السكة الكسر بحباجة والضظوى وعبد الكريم صقر الذى كان ظفر أى منهم برقبة هؤلاء المليونيرات، ثم يختم بشكر مدير الأمن ومدير الإستاد وعم حكشة الذى يقدم له الينسون لزوم تسليك حنجرته الكريمة، وبالطبع كان الحذاء وهو شعار المرحلة المسيطر على أغلب كادرات المقصورة، صورته وهو يتطاير بين كراسى علية القوم ويصفع خدود رؤساء الأندية جعلت القطاع الإقتصادى بالتليفزيون يطالب بإلغاء نقل المباريات لأنها إعلانات عن أحذية من الهاى كلاس غير مدفوعة الأجر.

* إستيقظت من الكابوس المونديالى وأنا فى وضع الجنين مثل مسلسل ساره، منتفج الأجفان أتصبب عرقاً، يطاردنى شبح بلاتر وهو يجرى فى شوارع القاهرة مثل عبيط القرية فى المسلسلات المصرية، تاركاً ذقنه ومرتدياً جلابية ممزقة، رافعاً يديه إلى السماء قائلاً :أنا اللى جبت ده كله لنفسى... جواز المونديال من المحروسة باطل... باطل.
khmontasser2001@yahoo. com