أعلن في أوسلو يوم 12 أكتوبر الماضي عن حصول نائب الرئيس الامريكى السابق آل جور وهيئة الأمم المتحدة لمتابعة التغير المناخي على جائزة نوبل للسلام لعام 2007، و ذلك لجهودهما المشتركة لنشر الوعي بمخاطر التغير المناخي.من المعلوم إن هذه الجائزة تقدم سنويا منذ 1901، حسب وصية مؤسسها quot;الفريد نوبلquot;، التي عبر فيها عن إرادته في أن تمنح لــ quot; الأشخاص الذين عملوا أكثر من غيرهم لتعزيز الإخوة بين الأمم، إلغاء أو الحد من ظاهرة الجيوش التي تقف على أهبة الاستعداد quot;Standing Armiesquot;، و من اجل التقدم على طريق السلام quot;. و تم منح جائزة نوبل للسلام بالفعل لأشخاص كان لهم دور في نزع فتيل الصراعات المسلحة، مثل أنور السادات و نيلسون مانديلا. لكن منح الجائزة هذا العام لدعاة الوعي بخطر الانحباس الحراري يؤشر لتوسع في اهتمامات اللجنة المانحة و تحديدها لمعني quot;السلامquot;. و قد بدا هذا واضحا من منح الجائزة لناشطة كينية في مجال حماية البيئة منذ 3 سنوات. على هذا الأساس، يستحق آل جور الجائزة باعتباره كما ذكرت لجنة نوبل في بيانها quot; الفرد الذي بذل على الأرجح أقصى الجهد لخلق تفهم اكبر في أنحاء العالم للإجراءات التي يتعين تبنيهاquot;.

و الحقيقة إن قيمة آل جور تتأتى من قدرته على quot;تحويل الأرقام و المصطلحات الصعبة إلى شيء يفهمه عامة الناس quot; كما جاء في تقرير أخير لوكالة quot;اسوشياتد-بريسquot;. لقد بدا اهتمامه بقضية التغير المناخي منذ فترة طويلة. و ضمن آراءه في كتابه quot;Earth in the Balancerdquo;، الذي صدر في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. ثم ساعد وجوده في البيت الأبيض على الاحتكاك أكثر باللجان العلمية المتخصصة. و تحول بعد ذلك إلى محاضر في الجامعات الأمريكية، بعد خروجه من البيت الأبيض سنة 2000. كما زار أكثر من 50 دولة في العالم لنفس الغرض. و تم تسجيل محتوى هذه العروض في فيلم وثائقي quot;الحقيقة المزعجةquot; (الموقع: www.climaticcrisis.net)، الذي نال جوائز عالمية.

أما الهيئة الأممية التي تقاسمت الجائزة مع آل جور، فقد تأسست عام 1988، و هي تضم حاليا أكثر من 2500 عالم يصدرون تقارير تبحث في الصلة بين أنشطة النمو الاقتصادي و طرق استعمال الطاقة و انعكاساتها على ظاهرة الاحتباس الحراري. حسب لجنة نوبل، تمثل دورها في quot; خلق توافق أوسع لمعرفة الصلة بين الأنشطة البشرية والاحتباس الحراري على مستوى العالم quot;. و هذه مسالة على غاية الأهمية، إذ توجد أوساط علمية مؤثرة لا زالت تنكر إلى اليوم وجود الظاهرة، أو تنكر ndash; على الأقل - الدور الأساسي للنشاط البشري في استفحالها. و مثل هذه الانتقادات توجه أيضا لعمل آل جور الدعوي، إذ اعتبر الباحث في معهد مارشال quot;ويليام اوكيفيquot; إن quot;عمل جور محشو بالأخطاءquot;. كما توجد أدلة علمية على وجود عوامل أخرى تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة على وجه الأرض. و حتى في بريطانيا التي يتم فيها حاليا عرض فيلم آل جور الوثائقي على طلاب المدارس، اصدر القاضي مايكل بيرتون بيانا اعتبر quot;أن العرض يتعمد المبالغة في دق ناقوس الخطر quot;.
سوف يعطي منح الجائزة دفعا قويا لآل جور و المدافعين عن ضرورة التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري، و في المقدمة quot;الاتحاد لحماية البيئة quot; الذي يمثل القاعدة الجماهيرية في العالم، التي تعمل على نشر الوعي في هذا المجال. كما سوف يكون عامل ضغط على المجتمع الدولي للتقدم أكثر في العمل على حماية البيئة، بدءا من الولايات المتحدة الأمريكية التي لن تجد مفرا من التوقيع على معاهدة quot;كيوتوquot; التي عمل آل جور الكثير لإنجاحها عندما كان نائبا للرئيس ببل كلينتون.
لكن العمل الجاد للتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري على المستوى العالمي لن يتحقق ما لم تحصل قناعة لدى صناع القرار بالانعكاسات الاقتصادية الخطيرة لهذه الظاهرة، و ما لم تتوفر الحوافز الاقتصادية للدول النامية لتنفيذ تعهداتها. و قد بدا هذا بالفعل مع ارتفاع سعر النفط الذي رفع من جدوى تطوير المصادر البديلة للطاقة الجديدة و النظيفة. كما شجعت بعض البرامج مثل مبادلة الدين الخارجي و مشاريع السياحة البيئية في الدول النامية على المحافظة على الغابات. و هي البداية التي أرادت جائزة نوبل للسلام لهذا العام مؤازرتها و دفعها إلى الأمام.
كاتب المقال محلل إيلاف الاقتصادي و خبير سابق بصندوق النقد الدولي بواشنطن.
[email protected]

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية