قرأت بانتباه ما كتب السيد حمدي رزق في جريدة quot; المصري اليوم 23\2\2007quot; وما نشر في ايلاف في ذات اليوم بعنوان quot; دعوة الفاتيكان للطنطاوي، أرفضها يا مولاناquot;.
www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPapers/2007/2/213555.htm
وفيما يدعو الكاتب شيخ الأزهر الى quot;رفض quot; دعوة البابا له للرجوع الى طاولة الحوارquot; وجدت أن أدلو بدلوي وأن أقرأ الحدث كما يلي :
أعلن الأزهر الشريف قبل أيام عن قبوله دعوة الفاتيكان لحضور مؤتمر خاص بالحوار بين الأديان، سيعقد في شباط الحالي بتنظيم من منظمة القديس أيجيديو المتخصّصة بدور الأديان في صنع السلام. وبذلك يعلن الأزهر استئناف الحوار الإسلامي المسيحي المتوقف منذ سبتمبر الماضي، على أثر محاضرة أكاديمية للبابا في ألمانيا.
الأزهر الشريف ينظر اليوم إلى الأمر من باب الموضوعية والواقعية. فالمحاضرة انتهت في ذات اليوم الذي ابتدأت فيه. ولا يمكن لها أن تصنع شرخاً دائماً بين اتباع الديانات. سيما وأن ملقيها، أي البابا، قد بيّن أكثر من مرّة أنّه لم يقصد الإساءة إلى الإسلام وأن الحوار اليوم أكثر من الأمس، بات ضرورة حيويّة وملحّة لا تراجع عنها. فضلا عن أنّ زيارته التاريخية إلى تركيا في نوفمبر الماضي قد حملت في برنامجها لقاءات مع قيادات مسلمة وصلاة في الجامع الأزرق، في صورة تجلى فيها تعاون الأديان من الصلاة معاً إلى التفكير معاً إلى العمل معاً لخير الإنسانية.
والأزهر، بما يمثل من مركز فكري وروحي وثقل معنوي وفقهي في العالمين والعربي والإسلامي ، يؤذن ليس بفتح الحوار بينه كمركز وبين الفاتيكان كأصغر دولة في العالم، بل هو بين المسيحيين والمسلمين في العالم أجمع، ولنقل بين الشرق والغرب، رغم ما شاب الأمر من توتر تراكض الحكماء إلى إطفاء ناره على عجل.
فالحوار شأن إيماني، لكنه أيضاً إنساني، وبالتالي عرضة للنجاح حيناً والانتكاسات أحياناً أخرى. وقد يتعرض للفشل والتوقف وقلة الهمة وعدم الاكتراث. لكن المهم ألا يتوقف الإنسان، فردا أو جماعة، عند نقطة وقوف أو توقف ويبقى متمسكاً عندها بقناعات لا تغني ولا تسمن. المهم هو عدم الخوف من تحديات الحوار. بل النظر معاً، نحو حلول لتحديات العالم، تماماً كما جاءت رسالة المجلس الحبري للحوار في نهاية شهر رمضان 2006: quot;مسلمون ومسيحيون معاً من أجل رفع التحديات عن العالمquot;. لذلك فهمَ الأزهر أن التحدي الأكبر ليس الجلوس معاً إلى طاولة الحوار. بل التحدي الأكبر هو ما يحصل في عالم اليوم ويتطلب القفز عن تحديات وصعوبات الحوار من أجل مواجهة تحديات العالم من إرهاب وفقر وبطالة وتلوث بيئي واستخدام خاطئ للدين. وانّ للأديان ، مجتمعة، أن تؤدي دورا تصالحيا، وتوافقيا، بعد أن باتت الصراعات الطائفية المشتعلة تزداد شراسة ودمويّة. وقد دعا جلالة الملك عبدالله الثاني ، قبل أيام، الى أن يعمل مسلمو هذه الأمّة، سنّة وشيعة، على تعظيم الجوامع ونبذ الخلافات فيما بينهم. وهذا ما ينطبق كذلك على الحوار بين الأديان.
أما بعد، ففيما يتوجه وفد رفيع من الأزهر إلى الفاتيكان للإيذان ببدء عهد جديد من الحوار، فإننا ندعو ألاّ يبقى الحوار في مؤتمرات دولية رفيعة المستوى، بل أن ينتقل إلى المستويات الوطنية والمحلية، وندعو ألاّ تكون هذه بدورها محصورة في قاعات المؤتمرات في الفنادق الفارهة. بل أن تنتقل إلى مستوى الشارع العربي والإسلامي من خلال التربية، في البيت والمدرسة والجامعة ودور العبادة، على النظر إلى الآخر نظرة تكاملية تعاونية بنّاءة، وليس فقط نظرة اختلاف. هذا حاصل بين الأديان وأتباعها وقد يكون ذلك محرّضاً على النظر إلى الآخر من باب الفوارق فقط، بينما الاختلاف ndash; لمن يسلكون درب الحوار الشفاف والصريح- هو أن ينظر المرء إلى الآخر من باب الجوامع والعناصر المشتركة التي تشكل لبنات أساسية، من بناء التعاون، ودائما من أجل خير الإنسان، الذي خدمته، هي أساس كل حوار وتعاون. ولدينا في الأردن معاهد ومؤسسّات متخصّصة بالحوار، وهي مُهَيَّئة للعمل الحثيث على رفع سوية الحوار والانتقال به الى مراحل متقدّمة.
الأزهر والفاتيكان، من جديد معاً على طاولة الحوار...
معا أمام الله الواحد، ومعاً من أجل الإنسان.


www.abouna.org
[email protected]