بعد التصريحات والتصريحات المضادة التي يطلقها الرئيس احمدي نجاتي حول تخصيب اليورانيوم والخلاف الحاد بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعها المجتمع الدولي ، خاصة بعد إن إعلن في 9 نيسان/ابريل الماضي أن إيران بلغت المستوى الصناعي في تخصيبه. وغداة هذا الإعلان أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية غلام رضا آغا زاده أن إيران مصممة على نصب ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي في مصنعها في نطنز وسط إيران ويأتي هذا بعد سنة من إعلان إيران نجاحها في تخصيب اليورانيوم 3،5% المستوى الكافي لإنتاج الوقود النووي مما أثار ردة فعل طبيعية لدي الدول المختلفة وتلك المحيطة بإيران من دول الخليج العربية تحديدا(عدا العراق الذي يهلل بعض قادته الجدد لمقدرة إيران العسكرية) . في حديث صحفي مع كاتب هذه السطور اجري لquot; إيلاف وعراق الغدwww.iraqoftomorrow.orgquot; أكد فيه مدير شؤون آسيا ومنطقة الباسيفيكي في برنامج التعاون التقني التابع للوكالة الدولة للطاقة الذرية، ماناسا بيتر ساليما، بأنه لا يمكن فصل تخصيب اليورانيوم العالي الإثراء وبين الاستخدام السلمي أو العسكري للطاقة الذرية. كانت زيارة الرئيس الإيراني لدولة الإمارات مناورة ذكية الغرض منها تجريد زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني للإمارات والسعودية التي سبقتها وأعلن خلالها صراحة بأن بلاده تسعى إلى حشد تأييد خليجي لإستراتيجيتها الخاصة بمنع إيران امتلاك سلاح نووي، من الوصول إلى هدفها ، وذلك عبر إشارات حول الجزر الإماراتية المحتلة . لكن لم تستطع التصريحات الإماراتية و الإيرانية الايجابية التي تناولت تلك المحادثات بين احمدي نجاد مع نظيره الإماراتي ، إخفاء الخلافات السياسية بين الجانبين في كثير من المسائل والتي حالت في ما يبدو دون صدور بيان مشترك عن نتائج الزيارة التي كانت أول زيارة لزعيم إيراني للإمارات منذ قيامها، مما يعني فشل إيران في تبديد مخاوف دول الخليج العربية. وحرص احمدي نجاد في مؤتمره الصحافي على إعادة :quot; قلنا مرارا وتكرارا أن برنامج إيران النووي هو برنامج سلمي مدنيquot; ، وأضفى طابع ايجابي على الزيارة، لكنه تجنب الإجابة على عدة أسئلة طرحت عليه بصيغ مختلفة حول الجزر محاولا التقليل من أهمية ذلك مشيرا إلى العلاقات الاقتصادية الجيدة بين البلدين . وهذا ما أشار إليه أيضا وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي من أن قيمة التباديل التجاري بين البلدين وصلت إلى 10 مليارات دولار، ولكنه أيضا لم يتطرق إلى ذكر موضوع الجزر الثلاث، لا من قريب ولا من بعيد. وكانت دولة الإمارات تأمل من أن زيارة نجاتي تحل ولو جزئيا مشكلة الجزر المحتلة منذ خروج بريطانيا من المنطقة وتكون دليلاً على حسن نوايا إيران اتجاهها ودول المنطقة الأخرى، وتكون إشارة جدية كان من الممكن أن يحملها الشيخ خليفة إلى قمة مجلس التعاون الخليجي ويطمئن بها رؤساء الخليج بنوايا إيران ويبعدهم عن أي تحالف خليجي مع أي طرف من اجل إجهاض اندفاع إيران المحموم لبناء ترسانة نووية. وهكذا كان لقاء القمة التشاورية الخليجية التاسعة التي احتضنتها الرياض مشحونا بقلق خليجي متنام مما يمكن أن تؤول إليه الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي بسبب برنامج طهران النووي . وخرج القادة الخليجيين باتفاق على ضرورة تحجيم دور إيران في المنطقة، ليس فقط عبر إيقاف تسلل طهران عبر بوابة العراق، ودعم حق الإمارات المتحدة في المطالبة بجزرها المحتلة، وإنما بداية التحضير للدخول في مجال استخدام الطاقة النووية. فزيارة نجاد الأخيرة لبعض دول المنطقة جاءت تحت تأثير الضغوط التي تتعرض لها إيران بسبب ملفها النووي، وهي ضغوط يحتاجها المجتمع الدولي لحشد تأييد خليجي لها وعالمي أيضا بعد أن فشلت طهران لحد هذه اللحظة من إثبات إن برنامجها النووي للإغراض السلمية. فمناورة طهران عبر زيارة نجاد لدولة الإمارات وما سبقتها من إشارات لحل مشكلة الجزر وإعلان عن التفاوض مع quot; الشيطان الأكبرquot; الذي حرمت التحدث إليه سابقا حول الشأن العراقي الذي يعتبر الورقة الأقوى لديها لما لديها فيه اليد الطويلة والتي نمت بمساعدة الأحزاب والأشخاص الذين يمثلون مصالحها وهم في قمة السلطة العراقية، مناورة ذكية لكسب الوقت من جهة وكسر وحدة الصف الأمريكي ـ الاتحاد الأوربي . ومن اجل جر البساط من تحت أقدام النظام الإيراني لاستغلال ذلك شددت الولايات المتحدة على أن المباحثات المرتقبة ستقتصر حصرا على الوضع في العراق، وبالتالي لا مجال لموضوع البرنامج النووي الإيراني الذي وقف المجتمع الدولي بخط واحد في مواجهته لحد الآن ووضع الشروط للتأكد من أهدافه السلمية. وأكد مدير شؤون آسيا ومنطقة الباسيفيكي في برنامج التعاون التقني التابع للوكالة الدولة للطاقة الذرية، ماناسا بيتر ساليما لكاتب هذه السطور بان هناك مسائل لا تزال عالقة وتثير قلق وشكوك المجتمع الدولي بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني، حيث دعا طهران إلى ضرورة التعاون، وبمنتهى الوضوح، مع الوكالة من أجل تسوية كافة المسائل العالقة، والتأكيد بأن البرنامج النووي الإيراني مكرّس فعلا للأغراض السلمية والتنموية. في هذا الخضم من الترقب والخوف مما يمكن أن يجلبه نجاح إيران من امتلاك ناصية تكنولوجيا الذرة لإغراض التسلح ، أن تبدأ دول الخليج العربية خطواتها الأولى في التخطيط لامتلاك الطاقة الذرية وتوظيفها في الأغراض السلمية لإنتاج الكهرباء والماء quot;كمرحلة أولىquot;. وعلى هذا الأساس سيقوم ماناسا بيتر ساليما بزيارة إلى الرياض وعدد من العواصم الخليجية، على رأس وفد من الخبراء في شؤون التعاون التقني والاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية. وذكر ساليما بأن زيارته للسعودية تندرج في إطار تقييم ودراسة تنفيذ المبادرة التي أعلنها قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال مؤتمر القمة الأخير في الرياض، والتي تستهدف إنشاء مشروع نووي سلمي خليجي مشترك، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة المختصة في برنامج التعاون التقني في الوكالة الذرية. الأسبوع القادم حيث تبدأ مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما بين 21 إلى 23 أيار/مايو الجاري ، ستكون محطة مهمة في تاريخ المنطقة في بداية سباق مكلف في استخدام الطاقة الذرية quot; للإغراض السلميةquot; حسب قول طهران. أو الاندفاع ابعد في سباق محموم لامتلاك السلاح النووي للردع المضاد؟ أن الخوف من النظام الإيراني يتعاظم ، خاصة لدورها الفاضح في التدخل بالشأن العراقي وتحضير طابور خامس لها في دول الخليج العربية بحجة الانتماء الطائفي بعد إن تمرست في خلق ما هو اكبر في لبنان وكذلك اندفاع نظام طهران في برنامجه النووي المقلق . أشار ماناسا بيتر ساليما في حديثه لquot; إيلاف وعراق الغدquot; إلى أنه سيقابل عدداً من كبار المسئولين السعوديين وفي طليعتهم مدير جامعة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية صالح بن عبد الرحمن العذل، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية. وكان أمين عام دول مجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية دعا الدول العربية في وقت سابق لإقامة تعاون نووي عربي مشترك باعتباره ضرورة ملحة ليتمكن الوطن العربي من التصدي للتحديات quot;العلميةquot;. وسيعقد خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقر الأمانة العامة للمجلس بالرياض مع فريق عمل من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعه الأول بهدف مناقشة الأهداف والخطوات لامتلاك دول المجلس للطاقة النووية ضمن المعايير الدولية وإنشاء برنامج الاستخدام السلمي لها .والبرنامج تساهم به كل من المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. وما سيخرج به الاجتماع من نتائج سترفع إلى قمة مسقط لمناقشتها في نهاية هذا العام واحتمال إقرارها كبيرة خدمة لأمن المنطقة ، لاستمرار طهران على تنفيذ برامجها وتحقيق أهدافها.