نقلت بعض الأنباء عن نية حكومة اقليم كردستان العراق تنفيذ حكم الإعدام في المجرم علي حسن المجيد( علي الكيمياوي) واثنين آخرين من رهط المندثر صدام في كردستان. وقالت الأنباء التي نقلها اكثر من مصدر ان الحكمة في ذلك القرار هو تعليق المسؤولين عن (حملات الأنفال) الإجرامية في مسرح الجريمة، في اربيل او حلبجة، لكي يقضوا في نفس الأرض التي شهدت مقتل وافناء الآلاف من ضحاياهم. البعض قال ان ذلك سيريح اهالي وذوي المؤنفلين الكرد وسيشكل نوعا من العزاء لهم. اي ان الإجراء اعتباري ويأتي للإنتقام لضحايا النظام الصدامي، والذين كانوا في المحصلة ضحايا فكرٍ فاشي مدمر ومرحلة زمنية مظلمة تواطئت بشكل كامل مع هذا الفكر.
ولايمكن للمرء ان يقدم اي تفسير آخر للرغبة الكردية في اعدام الكيمياوي وصحبه الأثنين في كردستان سوى القول انها رمية من غير رام، و قرار غير موزون ويأتي في خانة رد الفعل. فالكل يعلم ان الدكتاتور الآفل صدام ورموز نظامه انتهوا بمجرد ان اعلن عن سقوط النظام السابق حين دخول القوات الأميركية بغداد وهروب وزير الإعلام السابق محمد سعيد الصحّاف. واي تمثيل رمزي بهؤلاء ينهي وجودهم البيولوجي لا يكون ـ وبالتالي لن يكون ـ سوى تحصل حاصل للحدث التاريحي الأكبر. المهم في الأمر ان النظام السابق سقط كفكر وممارسةً في العراق الجديد الرسمي، واستطاع الكرد ان يقنعوا شركائهم في الحكومة الجديدة بالموافقة على اغلب مطاليبهم في الفيدرالية والبيشمركة وكركوك والتمثيل المناسب في المركز. وها هم الآن من انشط الأطراف السياسية العراقية مشاركة في العملية السياسية واكثرها انضباطاً. ويكاد يكون الوزراء الكرد هم الوحيدون الذين لاتثار حولهم الأقاصيص والزوابع السياسية في هذا البلد المضطرب. هم بعيدون عما يطال وزراء بقية الكتل من سهام التخوين وملاحقات لجان النزاهة والتحقيق.
والحال، ان احقاق الحق وشمول العدل يكون بانصاف عوائل المؤنفلين وضمان حياة كريمة لهم. وهذا يتم عن طريق رعاية حكومة اقليم كردستان لهؤلاء عن طريق منح رواتب شهرية لهم واصدار قوانين تقترب منهم اقتراباً حسناً وتضمن لهم بعضاً من الامتيازات والمزايا. واي كلام آخر يعني به اشعال رغبة الإنتقام والثأر من هياكل عفنة تشير لمرحلة قاتمة مضت واندثرت، لن يفيد شيئاً، ولن يكون في صالح شعار quot;البناء والعدالة ومحاربة الفساد والتخلفquot;، المرفوع حالياً.
قرار ضرب الكرد بالكيمياوي وقرار أنفلة/دفن اكثر من 182 الف شخص صٌدر في بغداد من رؤوس النظام السابق، فلماذا لايكون تنفيذ حكم الإعدام في هؤلاء في بغداد ايضاً. في قصر من قصور صدام الكثيرة، والتي شهد احداها اصدار امر تنفيذ تلك الجريمة النكراء؟.لماذا الاصرار على تلويث ارض كردستان بدماء هؤلاء المجرمين؟. لماذا منح الذريعة للإعلام المعادي للكرد( التركي الرسمي والعربي القوموي الإصولي) للحديث من جديد عن quot;المؤامرة الكردية ضد العراق والمنطقةquot;، ونحن لم نتخلص بعد من الحديث عن quot;القاضي الكرديquot; الذي اعدام صدام؟.رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني تحدث في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية قبل الإطاحة بنظام صدام عن التسامح وضرورة بناء البلد بعيداً عن ثقافة الانتقام والحقد المذهبي والقومي. اذاً ما الحكمة في تقبل الحكومة الكردية الآن امر احضار الكيمياوي وصاحبيه ليعدما في كردستان؟.
المنطقة العربية والإسلامية تغلي الآن. هناك صحوة اصولية وقوموية/فاشية كبيرة ترٌصد لها امكانيات وأموال هائلة. وهذه الصحوة ستهدد الكرد في حال اقدامهم على تصفية رموز المرحلة السابقة بهذا الشكل. فالكل يعلم ان الإرهاب الإسلامي( ومن وراءه دول اقليمية كبرى) في معركة مصير ووجود مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، وليس من مصلحة الكرد التورط في هذه المعركة، بأي شكل من الأشكال.
محاربة هذه المدة الإصولية الفاشية تكون فرضاً ولزاماً على الكرد حينما تستهدفهم وتستهدف بلادهم كردستان، واي حديث آخر، ينطلق عن الهوى والرغبة الجموح في الثأر، لن يجلب سوى الخسران والندامة...
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات