أرسلت لي سيدة مغربية تقول أنه لولا الرجل ما خلقت المرأة؛ فهي خلقت من ضلع الرجل، وأعوج شيء في الضلع أعلاه، بمعنى أن القفص الصدري عند الرجل وهو يحتوي 12 ضلعا في كل جانب، تطلب أن يقص الأخير رقم 12 من أجل صناعة المرأة وإضافته كملحق ثانوي؟!
وفي الواقع فأنا بحثت بكل تواضع وحرص أن أجد في القرآن، أن المرأة خلقت من الضلع رقم 12 من صدر الرجل فوجدت العكس؟
فقد ذكرت أول آية من سورة النساء أن مصدر الخلق للذكر والأنثى واحد.
هكذا جاء في الآية: خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها؟
فكان التعبير القرآني دقيقا، فلم يقل خلق منه زوجته؟ فضلا عن عبارة خلق من ضلعه زوجته؟
كما أنه لم يقل خلق من الأنثى الفحل؟ بل جاءت الآية في آخر سورة الأعراف، بنفس النسق هو الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها ليسكن إليها.
ثم تتابع الآية بلطف بالغ وحشمة مميزة ـ عن عملية الوقاع ـ بتعبير؛ فلما تغشاها، وهي كلمة معبرة يصعب أن يجد الإنسان مثلها في لطفها وصدقها.
والأدب الرفيع لا يحتاج كلمات منمقة، بل التعبير بصدق عن الواقع، فهذا هو قمة الأدب والفكر المميز؟
والقرآن قال هذا فلما تغشاها، وفعلا فإن العملية الجنسية هي تلك الأغشية العجيبة الفيزيولوجية والنفسية، وذكرها القرآن في موضع ثاني، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن في سورة البقرة، ثم تأتي الثمرة فلما أثقلت دعوا الله ربهما..
والمهم مما مر ليس هنا، بل أبعد من ذلك، فالقرآن يريد إنهاء كل أسطورة الكتاب المقدس من قصة الإغواء في الجنة والحية ومصيبة المرأة التي ورطت آدم في المعصية، ونشوء عقيدة الفداء، تلك التي أوصلت برونو للمحرقة، ولم تبرأ ساحته حتى اليوم؟
فالقرآن لا يذكر كل هذه الأسطورة، بل يصححها، أنه ليس هناك من حية وتفاحة وإغواء حواء وخطيئة أبدية وتعميد أطفال قصار لا يفقهون كلمة واحدة من التعميد، وهو الأمر الذي أحرق من أجله سرفتيوس عن خرافة تعميد الأطفال.
والقرآن يعتبر أن الأمر كانا مشتركا وورطة جماعية، ولذا توجه الاثنان إلى الرحمن فاعترفا بالذنب وطلب التوبة.
(قالا) هما الاثنان بهذه اللفظة ولم يقل قال؟
صحيح جاء ذكر لفظ (قال) مفردة في أمكنة أخرى، ولكن جاءت هنا عبارة (قالا) ربنا ظلمنا أنفسنا.. وهو تخليص مهم للمسألة
والاعتراف فضيلة، والانتباه إلى ظلم النفس هو أعظم فلسفة إنسانية يتعلمها الإنسان من القرآن، لأن العالم الإسلامي عنده استعداد أن يلوم الصهاينة والشيطان الأسود والجن الأحمر والذبان الأزرق، ولا يتوجه لنفسه بكلمة واحدة أنه ربما؟.. ولو احتمال؟؟
احتمال بسيط أنه قد يكون شارك في الخطأ والغلط والإثم؟؟
وهذا النضج في الفهم هو الذي دفع بلدية هيروشيما أن تغير لافتة النار النووية من (لن ندعهم يكررون الشر) إلى (لن ندع الشر يتكرر!!).
وهو نقلة نوعية في علاج الصراعات الإنسانية، ولكن حتى يتعلم البشر هذا الدرس يجب حرق مدينتين بالنار النووية؟
أليس الموضوع مضحكا مبكيا؟
وهكذا ومن هذه الخلاصة نصل إلى الحقائق التالية:
المساواة في الإنسانية للمرأة والرجل. وأن صناعة المرأة لم تتم بقص الضلع 12، كل ما في الأمر أن شكله التشريحي صغير، لأنه جاء في نهاية الأضلاع حيث يضيق الصدر ويستدق، فلا علاقة لقصر الضلع وطوله مع قصة غلطة حواء، أو أنها أم المصائب والأغلاط،؟
والحديث حين ينصّ على كفرهن العشير، وأن إحداهن إذا تلقت الإحسان طول العمر لم تشكر وبلعت، وإذا حصلت إساءة واحدة تذكرت فجحدت ونطقت؟
هذا الكلام ينطبق على الرجل والمرأة، والحديث أراد فتح عيوننا على الطبيعة الإنسانية، وليس على وقاحة المرأة وقلة شكرها وجحودها ونكرانها المعروف؟ وان الرجل ملاك طاهر مقدس فوق الخطأ ودون النقد، وهي النجاسة مغلظةً؟
بل إن المرأة ـ لو أردت أن أقول ـ ؛ هي موديل متقدم على الرجل، ذوقا وجمالا ونعومة ولطفا وأنوثة، في حين أن الرجل بشعر الغوريلا، وقساوة أسنان الضبع، وغلاظة أجسام الدببة، يجعل المرأة في مكان متفوق تماما..
وقد جاءت آخر الأبحاث البيولوجية بمفاجأة غير سارة للفحول من الرجال، أن الكروموسوم الذكري تآكل ثلثاه، وهو ماض في طريقه إلى الاختفاء، ومعه الذكور غير مأسوف عليهم؟!
وهنا ليس أمامنا إلا الدخول لمشكلة علاقة الفكرة بالنص، أو ما أطلق عليه الجراحة المعقدة على الثقافة كما هو الحال في الجراحات التصنيعية، وإعادة البناء في جراحة الأوعية الدموية (Reconstruction)...
لقد أرسل لي الأخ طارق من فلسطين وقد أشكل عليه قضايا واردة في الأحاديث ليس عنده جواب عليها؟
فقال فيما يتعلق بحيادية اللغة أود أن أسال أليس اللغة العربية ينطبق عليها ذكورية الخطاب، والنبي عليه السلام كان يغلب في أحاديثه الذكر على الأنثى مثلا: سبعة يظلهم الله في ظله شاب نشا في..
وكذلك حول ملاحظات المسلم الأسود (مالكوم اكس) حول تحكم البيض في اللغة، أيضا النبي كان يستخدم الأسود دليل على المعصية أو الخطأ مثل الحديث (فينكت في قلبه نكتة سوداء)..
وكذلك عن المرأة أنها خلقت من ضلع أعوج؟ فقد ورد أن المرأة خلقت من ضلع الرجل ففي البخاري ومسلم جاء أن الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِquot;
فكيف يمكن أن نضع إستراتيجية واضحة لفهم الأحاديث التي تفاجئنا بأمور لا نستطيع أن نسلم بها؟
وهكذا فهناك من يشكل عليه الخطاب الذكوري في النصوص، ويقف حائرا أمام اعوجاج المرأة مثل الضلع، لا فائدة ترجى من إصلاحه إلا بكسره، وحينها لا يبق ضلعا وامرأة.
أو حول إعدام من يغير رأيه، تحت مفهوم الارتداد، وهي بوابة ممتازة لبقايا لجيوب الستالينية في تصفية المعارضة.
أو حديث الذبابة التي تحمل البكتريا في جناح، والصادات الحيوية في الجناح المقابل؛ فوجب غطسها في الحساء إن حومت حول الطعام؟
أو ذلك الحديث العجيب في وضع المرأة بين الحمار والكلب الأسود في موضوع قطع الصلاة؟
وهو موضوع انتبهت له السيدة عائشة مبكرا، فقالت لأبي هريرة؛ كما ورد في باب التهجد في صحيح البخاري: ويلك جعلتنا بين الحمير والكلاب؟
والضمير يقف أمثال هذه النصوص في أحد موقفين؛ فإما السكوت وخيانة الضمير، أو فهم بانوراما مختلفة في لغة جديدة، وهو ما يعكف عليه الألمان في مشروعهم الجديد عن الجينوم القرآني، لإنطاق النصوص بلغة ثقافية مختلفة.
وأذكر جيدا ونحن في قاعة العمليات، حين استشهد متحمس بالآية ليس الذكر كالأنثى، أن الرجل أفضل من المرأة، والآية أفادت الغيرية وليس الأفضلية. مثل التفاح ليس مثل البرتقال.
وهكذا فنحن أمام مشكلة مزدوجة؟ فكيف يمكن أن نضع إستراتيجية واضحة لفهم النصوص؟
وفي قناعتي فإنه لم يكن أمام النبي والقرآن إلا أن يخاطب الإنسان من خلال اللغة، ولم تكن سوى اللغة العربية، واللغة مربوطة بدورها بإحداثيات لغوية تاريخية ثقافية تمسك مفاصلها من الفحولة، ولذا كان الله مذكرا ولم يكن مؤنثا ولا حياديا كما هو الحال في اللغة الألمانية، التي تستخدم للضمائر ثلاثا مذكر ومؤنث وحيادي (Der Die Das) وهو موضوع تمنت فيه نوال السعداوي أن تغير مفاصل اللغة العربية بالكامل.
ولهذا يجب أن نقول أن نبي الرحمة ص لم يكن أمامه سوى أن يستخدم اللغة الدارجة التي تعارف عليها الناس، ريثما تحدث الثورة المعرفية في علوم الإنسانيات من جهة، وكذلك الثورة المعرفية في التمييز العنصري وتبديل اللغة معها بحلة جديدة من الكلمات...
فعلينا استيعاب لعبة اللغة كما يقول الفيلسوف فيتجنشتاين.
وهذا ينطبق على مفردات العنصرية التي تحررت منها اللغة البشرية قبل فترة قصيرة،أن الأسود ليس عبدا نيجرو؟ بل يحكم أمريكا؟
ولهذا يجب أن نقول أن نبي الرحمة ص لم يكن أمامه سوى أن يستخدم اللغة الدارجة التي تعارف عليها الناس، ريثما تحدث الثورة المعرفية في علوم الإنسانيات من جهة، وكذلك الثورة المعرفية في التمييز العنصري وتبديل اللغة معها بحلة جديدة من الكلمات، لأن الألفاظ بريئة نحن من يشحنها بالمعنى؟
ولا يكفي فقط تغيير المفاهيم،ورسول الرحمة ص استخدم لغة قريش لغة الذكورة والفحولة،لأنه ليس من مجال لاستخدام اللغة النبطية أو الديموطيقية بين أهل قريش، وهي تهمة قالها القرآن ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين.
ومن هنا ندرك كم الموضوع شاق ومظلم وحساس؟ وفيما يتعلق بأحاديث الآحاد التي يفرز من حين لآخر إشكالات عقلية، فحله أبسط، ونحن نعلم أنه وبكلمة واحدة فقد اتفقت عليها كليات الشريعة في العالم الإسلامي؛ أن الحديث في معظمه الساحق هو خبر آحاد،وهو لا يفيد اليقين بل غلبة الظن، ولكنه يوجب العمل، هذا في قسمه الصحيح..
كذلك علينا استيعاب حقيقة مزلزلة أشار لها الفيلسوف محمد إقبال، فعلينا أن لا نضطرب أمام هذه الحقيقة المدوخة، ويجب أن ننتبه إلى أن معظم تراثنا باستثناء القرآن، كتب في ظروف مشبوهة من الصراع السياسي، وأن كثيرا من الأحاديث مثل ذلك الحديث العجيب حول قتل المرتد، فهو صناعة أموية بحتة بامتياز، لاستئصال المعارضة العقلية وتصفية المادة الرمادية في المجتمع، وهي حجة ممتازة للأنظمة الثورية من بقايا الجيوب الستالينية، في مناطق شتى من العالم العربي، أن تمحق المعارضة محقا بتهمة المروق والردة والهرطقة السياسية؟
فعلينا أن لا نضطرب ولا تهتز الأرض تحت أقدامنا، وإلا هل يعقل أن القرآن يقول أنه يمكن للإنسان أن يكفر ثلاث مرات ولا يخسر رأسه، ويأتي فقهاؤنا الكرام فيقولوا إذا خرجت من الإسلام مسموح لك الخروج ولكن بدون رأس؟
أليس هذا التفكير في غاية المسخ والخطر والعار يخجل منه النبي والصديقون والصالحون والملائكة بعد ذلك ظهير...
وقصة ضلع المرأة أيضا من هذه الثقافة الممسوخة
ولذا اعرض الحديث على القرآن الدستور الأساسي الأصلي
الذي لم تلعب فيه يد اللهم إلا بالكتمان والتفسير الباطل وأن يشترى به ثمنا قليلا
فما اختلف مع القرآن ارم به ولو قال به أبو الهررة وزعيم قطط العالم
وفي الواقع فأنا بحثت بكل تواضع وحرص أن أجد في القرآن، أن المرأة خلقت من الضلع رقم 12 من صدر الرجل فوجدت العكس؟
فقد ذكرت أول آية من سورة النساء أن مصدر الخلق للذكر والأنثى واحد.
هكذا جاء في الآية: خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها؟
فكان التعبير القرآني دقيقا، فلم يقل خلق منه زوجته؟ فضلا عن عبارة خلق من ضلعه زوجته؟
كما أنه لم يقل خلق من الأنثى الفحل؟ بل جاءت الآية في آخر سورة الأعراف، بنفس النسق هو الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها ليسكن إليها.
ثم تتابع الآية بلطف بالغ وحشمة مميزة ـ عن عملية الوقاع ـ بتعبير؛ فلما تغشاها، وهي كلمة معبرة يصعب أن يجد الإنسان مثلها في لطفها وصدقها.
والأدب الرفيع لا يحتاج كلمات منمقة، بل التعبير بصدق عن الواقع، فهذا هو قمة الأدب والفكر المميز؟
والقرآن قال هذا فلما تغشاها، وفعلا فإن العملية الجنسية هي تلك الأغشية العجيبة الفيزيولوجية والنفسية، وذكرها القرآن في موضع ثاني، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن في سورة البقرة، ثم تأتي الثمرة فلما أثقلت دعوا الله ربهما..
والمهم مما مر ليس هنا، بل أبعد من ذلك، فالقرآن يريد إنهاء كل أسطورة الكتاب المقدس من قصة الإغواء في الجنة والحية ومصيبة المرأة التي ورطت آدم في المعصية، ونشوء عقيدة الفداء، تلك التي أوصلت برونو للمحرقة، ولم تبرأ ساحته حتى اليوم؟
فالقرآن لا يذكر كل هذه الأسطورة، بل يصححها، أنه ليس هناك من حية وتفاحة وإغواء حواء وخطيئة أبدية وتعميد أطفال قصار لا يفقهون كلمة واحدة من التعميد، وهو الأمر الذي أحرق من أجله سرفتيوس عن خرافة تعميد الأطفال.
والقرآن يعتبر أن الأمر كانا مشتركا وورطة جماعية، ولذا توجه الاثنان إلى الرحمن فاعترفا بالذنب وطلب التوبة.
(قالا) هما الاثنان بهذه اللفظة ولم يقل قال؟
صحيح جاء ذكر لفظ (قال) مفردة في أمكنة أخرى، ولكن جاءت هنا عبارة (قالا) ربنا ظلمنا أنفسنا.. وهو تخليص مهم للمسألة
والاعتراف فضيلة، والانتباه إلى ظلم النفس هو أعظم فلسفة إنسانية يتعلمها الإنسان من القرآن، لأن العالم الإسلامي عنده استعداد أن يلوم الصهاينة والشيطان الأسود والجن الأحمر والذبان الأزرق، ولا يتوجه لنفسه بكلمة واحدة أنه ربما؟.. ولو احتمال؟؟
احتمال بسيط أنه قد يكون شارك في الخطأ والغلط والإثم؟؟
وهذا النضج في الفهم هو الذي دفع بلدية هيروشيما أن تغير لافتة النار النووية من (لن ندعهم يكررون الشر) إلى (لن ندع الشر يتكرر!!).
وهو نقلة نوعية في علاج الصراعات الإنسانية، ولكن حتى يتعلم البشر هذا الدرس يجب حرق مدينتين بالنار النووية؟
أليس الموضوع مضحكا مبكيا؟
وهكذا ومن هذه الخلاصة نصل إلى الحقائق التالية:
المساواة في الإنسانية للمرأة والرجل. وأن صناعة المرأة لم تتم بقص الضلع 12، كل ما في الأمر أن شكله التشريحي صغير، لأنه جاء في نهاية الأضلاع حيث يضيق الصدر ويستدق، فلا علاقة لقصر الضلع وطوله مع قصة غلطة حواء، أو أنها أم المصائب والأغلاط،؟
والحديث حين ينصّ على كفرهن العشير، وأن إحداهن إذا تلقت الإحسان طول العمر لم تشكر وبلعت، وإذا حصلت إساءة واحدة تذكرت فجحدت ونطقت؟
هذا الكلام ينطبق على الرجل والمرأة، والحديث أراد فتح عيوننا على الطبيعة الإنسانية، وليس على وقاحة المرأة وقلة شكرها وجحودها ونكرانها المعروف؟ وان الرجل ملاك طاهر مقدس فوق الخطأ ودون النقد، وهي النجاسة مغلظةً؟
بل إن المرأة ـ لو أردت أن أقول ـ ؛ هي موديل متقدم على الرجل، ذوقا وجمالا ونعومة ولطفا وأنوثة، في حين أن الرجل بشعر الغوريلا، وقساوة أسنان الضبع، وغلاظة أجسام الدببة، يجعل المرأة في مكان متفوق تماما..
وقد جاءت آخر الأبحاث البيولوجية بمفاجأة غير سارة للفحول من الرجال، أن الكروموسوم الذكري تآكل ثلثاه، وهو ماض في طريقه إلى الاختفاء، ومعه الذكور غير مأسوف عليهم؟!
وهنا ليس أمامنا إلا الدخول لمشكلة علاقة الفكرة بالنص، أو ما أطلق عليه الجراحة المعقدة على الثقافة كما هو الحال في الجراحات التصنيعية، وإعادة البناء في جراحة الأوعية الدموية (Reconstruction)...
لقد أرسل لي الأخ طارق من فلسطين وقد أشكل عليه قضايا واردة في الأحاديث ليس عنده جواب عليها؟
فقال فيما يتعلق بحيادية اللغة أود أن أسال أليس اللغة العربية ينطبق عليها ذكورية الخطاب، والنبي عليه السلام كان يغلب في أحاديثه الذكر على الأنثى مثلا: سبعة يظلهم الله في ظله شاب نشا في..
وكذلك حول ملاحظات المسلم الأسود (مالكوم اكس) حول تحكم البيض في اللغة، أيضا النبي كان يستخدم الأسود دليل على المعصية أو الخطأ مثل الحديث (فينكت في قلبه نكتة سوداء)..
وكذلك عن المرأة أنها خلقت من ضلع أعوج؟ فقد ورد أن المرأة خلقت من ضلع الرجل ففي البخاري ومسلم جاء أن الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِquot;
فكيف يمكن أن نضع إستراتيجية واضحة لفهم الأحاديث التي تفاجئنا بأمور لا نستطيع أن نسلم بها؟
وهكذا فهناك من يشكل عليه الخطاب الذكوري في النصوص، ويقف حائرا أمام اعوجاج المرأة مثل الضلع، لا فائدة ترجى من إصلاحه إلا بكسره، وحينها لا يبق ضلعا وامرأة.
أو حول إعدام من يغير رأيه، تحت مفهوم الارتداد، وهي بوابة ممتازة لبقايا لجيوب الستالينية في تصفية المعارضة.
أو حديث الذبابة التي تحمل البكتريا في جناح، والصادات الحيوية في الجناح المقابل؛ فوجب غطسها في الحساء إن حومت حول الطعام؟
أو ذلك الحديث العجيب في وضع المرأة بين الحمار والكلب الأسود في موضوع قطع الصلاة؟
وهو موضوع انتبهت له السيدة عائشة مبكرا، فقالت لأبي هريرة؛ كما ورد في باب التهجد في صحيح البخاري: ويلك جعلتنا بين الحمير والكلاب؟
والضمير يقف أمثال هذه النصوص في أحد موقفين؛ فإما السكوت وخيانة الضمير، أو فهم بانوراما مختلفة في لغة جديدة، وهو ما يعكف عليه الألمان في مشروعهم الجديد عن الجينوم القرآني، لإنطاق النصوص بلغة ثقافية مختلفة.
وأذكر جيدا ونحن في قاعة العمليات، حين استشهد متحمس بالآية ليس الذكر كالأنثى، أن الرجل أفضل من المرأة، والآية أفادت الغيرية وليس الأفضلية. مثل التفاح ليس مثل البرتقال.
وهكذا فنحن أمام مشكلة مزدوجة؟ فكيف يمكن أن نضع إستراتيجية واضحة لفهم النصوص؟
وفي قناعتي فإنه لم يكن أمام النبي والقرآن إلا أن يخاطب الإنسان من خلال اللغة، ولم تكن سوى اللغة العربية، واللغة مربوطة بدورها بإحداثيات لغوية تاريخية ثقافية تمسك مفاصلها من الفحولة، ولذا كان الله مذكرا ولم يكن مؤنثا ولا حياديا كما هو الحال في اللغة الألمانية، التي تستخدم للضمائر ثلاثا مذكر ومؤنث وحيادي (Der Die Das) وهو موضوع تمنت فيه نوال السعداوي أن تغير مفاصل اللغة العربية بالكامل.
ولهذا يجب أن نقول أن نبي الرحمة ص لم يكن أمامه سوى أن يستخدم اللغة الدارجة التي تعارف عليها الناس، ريثما تحدث الثورة المعرفية في علوم الإنسانيات من جهة، وكذلك الثورة المعرفية في التمييز العنصري وتبديل اللغة معها بحلة جديدة من الكلمات...
فعلينا استيعاب لعبة اللغة كما يقول الفيلسوف فيتجنشتاين.
وهذا ينطبق على مفردات العنصرية التي تحررت منها اللغة البشرية قبل فترة قصيرة،أن الأسود ليس عبدا نيجرو؟ بل يحكم أمريكا؟
ولهذا يجب أن نقول أن نبي الرحمة ص لم يكن أمامه سوى أن يستخدم اللغة الدارجة التي تعارف عليها الناس، ريثما تحدث الثورة المعرفية في علوم الإنسانيات من جهة، وكذلك الثورة المعرفية في التمييز العنصري وتبديل اللغة معها بحلة جديدة من الكلمات، لأن الألفاظ بريئة نحن من يشحنها بالمعنى؟
ولا يكفي فقط تغيير المفاهيم،ورسول الرحمة ص استخدم لغة قريش لغة الذكورة والفحولة،لأنه ليس من مجال لاستخدام اللغة النبطية أو الديموطيقية بين أهل قريش، وهي تهمة قالها القرآن ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين.
ومن هنا ندرك كم الموضوع شاق ومظلم وحساس؟ وفيما يتعلق بأحاديث الآحاد التي يفرز من حين لآخر إشكالات عقلية، فحله أبسط، ونحن نعلم أنه وبكلمة واحدة فقد اتفقت عليها كليات الشريعة في العالم الإسلامي؛ أن الحديث في معظمه الساحق هو خبر آحاد،وهو لا يفيد اليقين بل غلبة الظن، ولكنه يوجب العمل، هذا في قسمه الصحيح..
كذلك علينا استيعاب حقيقة مزلزلة أشار لها الفيلسوف محمد إقبال، فعلينا أن لا نضطرب أمام هذه الحقيقة المدوخة، ويجب أن ننتبه إلى أن معظم تراثنا باستثناء القرآن، كتب في ظروف مشبوهة من الصراع السياسي، وأن كثيرا من الأحاديث مثل ذلك الحديث العجيب حول قتل المرتد، فهو صناعة أموية بحتة بامتياز، لاستئصال المعارضة العقلية وتصفية المادة الرمادية في المجتمع، وهي حجة ممتازة للأنظمة الثورية من بقايا الجيوب الستالينية، في مناطق شتى من العالم العربي، أن تمحق المعارضة محقا بتهمة المروق والردة والهرطقة السياسية؟
فعلينا أن لا نضطرب ولا تهتز الأرض تحت أقدامنا، وإلا هل يعقل أن القرآن يقول أنه يمكن للإنسان أن يكفر ثلاث مرات ولا يخسر رأسه، ويأتي فقهاؤنا الكرام فيقولوا إذا خرجت من الإسلام مسموح لك الخروج ولكن بدون رأس؟
أليس هذا التفكير في غاية المسخ والخطر والعار يخجل منه النبي والصديقون والصالحون والملائكة بعد ذلك ظهير...
وقصة ضلع المرأة أيضا من هذه الثقافة الممسوخة
ولذا اعرض الحديث على القرآن الدستور الأساسي الأصلي
الذي لم تلعب فيه يد اللهم إلا بالكتمان والتفسير الباطل وأن يشترى به ثمنا قليلا
فما اختلف مع القرآن ارم به ولو قال به أبو الهررة وزعيم قطط العالم
التعليقات