يتورم بعض الكتاب والصحفيين في الكويت وخارجها انزعاجاً وفزعاً من الديمقراطية الكويتية مع الانتخابات البرلمانية واثناء اشتداد المسائلة الدستورية للحكومة ورؤساء الوزراء السابقين بهدف دس سم الاستفهام العبثي بعسل الخوف على الكويت من برلمانها!

شهدنا الابتزاز السياسي والإعلامي من داخل الوسط الكويتي وخارجه، فالانتخابات تعتبر عند الكثير من الانتهازيين فرصة لا تعوض للتكسب المالي من الأطراف المتنفذة في صناعة القرارات الانتخابية ومن صندوق ضيافة الحكومة للصحفيين الذين يتم دعوتهم إلى الكويت على أساس غير مهني!
الديمقراطية ليست ترفاً سياسياً ولا نضال الاباء والأجداد وهماً، فنحن في الكويت نتمتع بمكتسبات ديمقراطية والاختلاف في الرأي يجب ألا يقود إلى تشويه ممنهج للديمقراطية عبر صب زيت الحقد السياسي على نار كراهية الديمقراطية مهما تعقدت الظروف وانحرفت الممارسات البرلمانية!
من الأمثلة التي لا زالت حاضرة بالأذهان، قيام كاتب عربي (مخضرم) في العام 2017 بنشر سلسلة مقالات في صحيفة عربية دولية متهما البرلمان الكويتي بالعداء شخصي من رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك الذي كان يواجه استجواباً دستورياً.

كتاب عرب من المرتزقة سخروا اقلامهم ضد الديمقراطية في الكويت دون خجل من ممارسة التسول الصحفي واحدهم كاتب لا يسمع سوى صدى صوته ولا يرى غير مصالحه الشخصية ورغد العيش على حساب دول خليجية دون عناء البحث في كواليس السياسة الكويتية!

تناول أحد كتاب التفاهة جوانب سياسية كويتية للدفاع عن "سمعة واخلاق" الشيخ جابر المبارك تزامنا مع استجوابه البرلماني حرصا على الدفاع عن شخص رئيس الحكومة السابق وليس تفنيدا للقرارات المضطربة والسياسات المتناقضة بهدف تشويه المسائلة الدستورية المغلظة!

يتكرر سيناريو التسول الصحفي مع الانتخابات النيابية الحالية للعام 2023 من الدخلاء على المهنة الإعلامية وكذلك من الكتاب الواهمين في بعض المرشحين الذين يشكلون عبثاً سياسياً ومصدرا لتشوية الديمقراطية والتكسب المادي والاجتماعي والسياسي من العضوية النيابية.

قيل سابقاً من أحد المراجع الحكومية في الكويت بأنه يخشى على الدولة أن تتحول إلى "دكاكين" إعلامية كما في لبنان بسبب قوة المطالبة بالحريات الإعلامية، دون الإدراك للعلاقة الوثيقة غير القابلة للتجزئة بين الديمقراطية والحريات الإعلامية بدون قيود ولا حدود!

إن الفوضى مصدرها اساساً هي غيبوبة الحكومة وفوضى عمل اجهزتها، فليس من مسؤوليات الدولة إدارة التلفزيون والإذاعة وإنتاج البرامج الترفيهية والدراما وتشغيل وكالة أنباء، بل أن هناك مسؤوليات ثقافية وإعلامية اهم بكثير من كل ذلك، لكنها خارج نطاق الاهتمام الرسمي!

الكويت نجت من محن وازمات عديدة ولكن عدد الدروس المستفادة قليل جدا إن لم تكن معدومة بالمقارنة مع الثمن السياسي الذي دفعته الدولة والشعب أيضاً نتيجة التأجيل والتأخير في مواجهة الخلل ومصادره والتحلي بعزيمة القرار الذي لا يلين امام شتى التحديات.

الحقيقة أن صب زيت الحقد السياسي على نار الكراهية للنظام الديمقراطي الكويتي لن يغير بطبيعة النظام السياسي الذي قام على مبايعة دستورية بين الشعب وأسرة الحكم، وتجدد التأكيد على احترام القيادة السياسية للإرادة الشعبية من خلال قرار حل مجلس الأمة 2020.

نتمنى أن تكون انتخابات 2023 فرصة ذهبية جديدة تبرهن فيها الحكومة على العزم نحو الإصلاح السياسي الشامل والتعاون مع نواب الأمة الإصلاحيين بعيدا عن الحسابات الطائفية والقلبية والفئوية، فالكويت تستحق الأفضل وتستحق أيضاً شجاعة المواجهة السياسية وعزيمة القرار.
*إعلامي كويتي